إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة

إيران: الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة

المغرب اليوم -

إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

تُشير الأنباء الواردة من إيران إلى أنه لن يكون هناك أدنى تغيير في الأسلوب الذي لطالما تصرفت تبعاً له. ويعني ذلك أن النظام الإيراني قرر أن يزدرد المذلة الأخيرة التي لحقت به جراء اغتيال زعيم جماعة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، وأن يمتنع عن السعي إلى «الانتقام العنيف»، كما كان يأمل الأكثر تطرفاً فيه.

الثلاثاء، داهمت مجموعة من «الحرس الثوري» معهد غوته الألماني في طهران، وأغلقته، رداً على إغلاق الحكومة الألمانية مركز دعاية إيراني في الجمهورية الفيدرالية. أما الخبر السيئ فهو نفسه أنه لن يكون هناك أي تغيير في الأسلوب الذي لطالما تصرفت به إيران.

وعليه، لن يكون الرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان بمثابة غورباتشوف الإيراني، كما كان يأمل الفصيل الموالي للولايات المتحدة داخل الزمرة الحاكمة.

ومن بين 18 رجلاً وامرأة واحدة اقترحها وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، المتحدث الحالي باسم الفصيل الموالي للولايات المتحدة، لتعيينهم أعضاءً في مجلس الوزراء، وافق «المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي على ثلاثة فقط.

كما أُجبر ظريف المتذمر، على الاستقالة من الوظيفة الرمزية غير التنفيذية، التي منحها له بزشكيان، بوصفه «مستشاراً استراتيجياً»، أياً كان ما يعنيه مثل هذا المنصب.

وبالمثل، لن يكون يزشكيان بمثابة دينغ شياوبينغ الإيراني، كما كان يأمل فصيل الواقعية السياسية داخل النظام. وبذلك، تظل إيران ملتزمة «بتصدير الثورة»، بدلاً عن القمصان والأحذية كما فعلت الصين في عهد شياوبينغ.

وجاءت المحصلة النهائية أن مجلس الوزراء الذي يرأسه بزشكيان، تهيمن عليه بشكل ساحق شخصيات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» وأجهزته الأمنية. ويرى بعض المراقبين أن هذا بمثابة تحضير لعصر ما بعد خامنئي، عندما تمسك الأجهزة العسكرية والأمنية بزمام الأمور.

والآن، ماذا سيفعل بزشكيان في السنوات الأربع المقبلة، مع افتراض أن فترة ولايته استمرت كل هذه المدة؟ تتمثل أحد الخيارات في اتباع الخط الذي حدده سلفه الراحل إبراهيم رئيسي. وعلى امتداد الألف يوم التي قضاها بمنصب الرئيس، كثيراً ما كان يتعرض رئيسي لانتقادات بوصفه نصف متعلم.

اليوم، وحينما أعيد النظر إلى الوراء، أجدني لا أتفق مع هذا الرأي. أعتقد أن رئيسي كان يملك نوعاً خاصاً من الذكاء، أو المكر إذا شئت. لقد أدرك أنه داخل نظام استبدادي لا يمكن أن يعني لقب الرئيس، تحت مظلته، المعنى نفسه الذي يعنيه داخل جمهورية حقيقية. وكان يدرك أنه عندما لا تستطيع فعل أي شيء، فإن أفضل رهان لك ألا تفعل شيئاً لكن ببراعة.

ولذلك، نجد أنه كان دوماً في حالة تنقل مستمر، فقد سافر إلى جميع محافظات البلاد البالغ عددها 31 محافظة، وأحياناً في أكثر من مناسبة، علاوة على ما لا يقل عن اثنتي عشرة دولة أجنبية. وفي المجمل، قضى رئيسي ما يقرب من ثلث ولايته في الذهاب إلى مكان ما، من دون الوصول إلى إنجاز أي شيء حقيقي. وتناقضت تحركات رئيسي مع صورة خامنئي، كونه شخصاً منعزلاً محصوراً داخل منطقة لا تتجاوز مساحتها الكيلومتر المربع الواحد، في العاصمة طهران.

كان أسلوب رئيسي ما يطلق عليه الفرنسيون «تزيين الفراغ». وكان رئيسي محظوظاً كذلك بتزامن فترة ولايته مع وجود جو بايدن في البيت الأبيض. فمن جهته، أحيا الرئيس الأميركي سياسة سلفه باراك أوباما في محاولة إقناع إيران بالدخول إلى الخيمة الدولية الكبيرة. لقد خفف بايدن مجموعة من العقوبات المفروضة على إيران، ما مكنها من مضاعفة دخلها من صادرات النفط خلال فترة الألف يوم التي قضاها رئيسي بالرئاسة.

والآن، هل يستطيع بزشكيان أن يحذو حذو رئيسي؟

هذا ما يأمل الكثير من المدافعين عن النظام أن يحدث، فهم يعتقدون أن مجرد التفكير في أي محاولة إصلاح كبيرة محفوف بالمخاطر، في وقت تلوح القضية الحاسمة المتمثلة في خلافة خامنئي في الأفق. وبمعنى ما، نجت إيران لمدة خمسة عقود تقريباً عبر العيش على أساس يومي، وإنفاق ما تحصل عليه من دخل من النفط على ضمان حد أدنى للبقاء في الداخل، وتوفير موارد كافية لإطعام وكلائها في الخارج.

وهناك مشكلة أخرى: بزشكيان ليس رئيسي، فقد اكتسب الرئيس الجديد لقب «باخمه»، والذي يعني، إذا حاولنا ترجمته برفق ولطف، «الكسول». ورغم أنه ليس أكبر سناً كثيراً من رئيسي، فإنه مفتقر إلى الطاقة التي تمتع بها سلفه.

الأهم من ذلك أن المشكلات التي جرى تجاهلها عبر رحلة رئيسي الرئاسية سترتد قريباً في وجه بزشكيان. وأولى هذه المشكلات بركان المعارضة الشعبية الذي ثار في عهد رئيسي، ويبدو أنه يستعر مرة أخرى وبصورة أشد خطورة.

وهناك شائعات، كي لا نجزم، عن ارتفاع مستوى السخط داخل المؤسسة العسكرية. ومن علامات ذلك غياب الزي الرسمي حول «المرشد الأعلى» في عدد من المناسبات العامة الأخيرة التي شارك بها. وربما أسهم قرار النظام الإيراني بتجاهل فكرة الانتقام لاغتيال هنية، في تأجيج هذا السخط، خصوصاً بين العناصر الأكثر تطرفاً في التحالف العسكري ـ الأمني.

ورغم المساعدة التي قدمتها إدارة بايدن، فإن الوضع الاقتصادي في إيران لا يزال مزرياً. ورغم تباطؤ التحرك نحو التضخم المفرط، فإنه لم يتوقف، بينما يخلق احتمال النمو السلبي في العامين المقبلين تحدياً أمام فريق بزشكيان الجديد. ويبدو أنه لا توجد آلية موثوقة لإدارة مسألة خلافة خامنئي، وفترة الانتقال الحتمية التي ستلي ذلك.

وأخيراً، يضيف احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، مستوى آخر من وضع معقد بالفعل في إيران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 09:18 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026
المغرب اليوم - ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib