الإنسانية موقف وفعل
وزير الخارجية المصري تم الاتفاق على أن يدير قطاع غزة فريق مكون من 15 شخصية فلسطينية من التكنوقراط، بإشراف السلطة الفلسطينية، وذلك لفترة مؤقتة مدتها 6 أشهر. شركة الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر" الجزائر ترفض بشكل قاطع إجراء صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية مادونا تدعو بابا الفاتيكان لزيارة غزة وتحذر من فوات الأوان مباراة الدرع تكشف معاناة محمد صلاح قبل انطلاق الموسم رابطة العالم الإسلامي ترحب بموقف أستراليا الداعم للاعتراف بدولة فلسطين وسائل إعلام لبنانية مناصرون لحزب الله ينظمون مسيرة بالدراجات النارية في الضاحية الجنوبية لبيروت احتجاجًا على قرارات الحكومة بشأن حصر السلاح بيدها ترامب يعلن نشر الحرس الوطني ووضع شرطة واشنطن تحت إدارة اتحادية للتصدي للجريمة الاتحاد الأوروبي يعلن إعداد حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا ويتمسك بوقف إطلاق نار كامل قبل أي تنازلات طائرة حربية إسرائيلية تخترق أجواء العاصمة دمشق وتحلق فوق ريفها
أخر الأخبار

الإنسانية موقف وفعل

المغرب اليوم -

الإنسانية موقف وفعل

بقلم -منى بوسمرة

تستيقظُ فتجدُ الكآبةَ في انتظارك. مسلسل القتل المفتوح على مصراعيه أكبر من القدرة على الاحتمال. وللأنباء الصباحية طعمُ الجنازات التي أعدَّها مطبخُ الموت على عجلٍ ليلاً في إيطاليا أو إسبانيا أو إيران أو في أماكن أخرى. الأرقام التي ينقلُها الهاتف ليست نهائية. أغلب الظَّن أنَّ هناك من ماتَ خلال تفقُّدِك أعداد من قضَوا في الساعات الماضية. لا تثق برقم وتعتبره نهائياً. ثمة جثثٌ تتَّجهُ للانضمام إلى قافلة سبقتها. شعورك أنَّك تكتبُ عن الموت وسط مذبحة مفتوحة، ومن دون إمكان الرهان على منقذ من أي نوع كان، يغمرُك بشعور عميق بالهزيمة.
تبحث عن عزاءٍ حين ترى إرادة الحياة تعبّر عن نفسها. إيطاليون يخرجون ليلاً إلى الشرفات، ويطلقون الألحان والأغاني كمن يتعمَّدُ تحدي الوحش الذي يقرع مزيداً من الأبواب ويصطاد الخائفين المقيمين خلف الجدران. تهزُّك هذه الرغبة العميقة في استفزاز القاتل المتسلسل لكنَّها تذكرك بأنَّها المرة الأولى التي يبدو فيها مواطن «القرية الكونية» عارياً ومتروكاً لمصيره. مؤلم شعور المرء أنَّه لن يستطيعَ الاحتماء إذا قرَّر الزائر الأسود أنَّ موعد اصطياده قد حان. لا جدوى من الاتصال بأحد. ويصعب أنْ يجيبَ أحد. وإن فعل سيكتفي بعبارات تشجيع مكرورة ليست بالتأكيد من النوع الذي يبدل المصائر.
كانت «القرية الكونية» واعدة على رغم خلافاتها وصراعاتها. وكانت غارقة في الأسئلة. هل انزلقنا إلى العصر الصيني أم أننا في الطريق إليه؟ وأي أميركا ستقوم إذا تقدم الهدير الآسيوي كل ما عداه؟ وهل تنكفئ أوروبا الجميلة إلى التقاعد تحت وطأة الشيخوخة والتجاعيد وروائح المتاحف والذكريات؟ وماذا عن روسيا التي يحلم سيّدها الحالي بالتفوق حتى على ستالين في طول الإقامة في قصر الأختام والأحكام؟ وماذا عن الشرق الأوسط الرهيب الذي يسعل دماً قبل أن تفدَ إليه الأوبئة؟ وعلى رغم ما تقدم كانت القرية تتطلَّعُ إلى المقبل من الأيام متسلّحة بالقفزات العملاقة في التقدم العلمي والتكنولوجي، وبانحسار الظلم أو عدد من أشكاله في أنحاء متفرقة من العالم.
ولم تكن حياة «القرية الكونية» من قماشة شهر العسل. نزاعاتها حقيقية وتنافساتها محمومة وترساناتها تتحين الفرص للتعبير عن جبروتها وأحقادها. سباقٌ محمومٌ على المناجم والموارد والأسواق، وتبادلٌ عنيفٌ للطعنات لا تخفيه رقة الابتسامات وتعابيرُ الاتفاقات. وعلى رغم التحديات، وبعض الأهوال أحياناً، كانَ هناك شعور أنَّ العالم يتقدَّم وأنَّ التكنولوجيا توفّر للإنسان سلاحاً كانَ يفتقرُ إليه في صناعة مستقبل أطفالِه.
لم يكن القلقُ غائباً. علَّمتِ التجربة أهل القرية أنَّ الأحياء المتقدمة لا يمكنها الاستقالة إلى الأبد من مصير الأحياء البائسة. وأنَّ أنانية الجزر لم تعد قابلة للعيش. وأنَّ استقرار جارك شرط لاستمرار استقرارك. والمقصود بالأحياء البائسة هي تلك التي ترتفع فيها معدلات الفقر والخرافات والأوهام، ويرخي الماضي بثقله على مدارسها وكتبها وأسلوب حياتها. هذا من دون أنْ ننسى الحكومات الفاشلة، التي تكاد جريمتها تعادل ارتكابات الحكومات القاتلة. وعلى رغم كل ذلك، بدا العالم واثقاً بقدرته على مواجهة الملفات التي تقلقه من الفقر إلى الاحتباس الحراري وغيرهما.
لم تغبِ الامتحانات القاسية عن مسيرة العالم في العقود الأخيرة. سقوط جدار برلين. وانهيار الإمبراطورية السوفياتية ولو من دون إطلاق رصاصة. اندلاع أزمات الهويات وتصاعد الإرهاب وتزايد الهجرات، وعجز دول كثيرة عن اللحاق بركب التقدم نتيجة إدمانها عقاقير وأفكاراً انتهت مدة صلاحيتها. ولا مبالغة في القول إنَّ العالم نجح، وإنْ بنسب متفاوتة، في مواجهة الأزمات الأمنية والاقتصادية التي اعترضت مسيرته. لكن الأكيد أنَّه يواجه حالياً ما هو أقسى.
ما يعيشه العالم اليوم أخطر بالتأكيد مما عاشه في العقود الماضية. قصة «كورونا» أخطر على العالم بخسائرها ومجرياتها من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ومن إطلالة «داعش» ومن التفكك اليوغوسلافي والانهيارات الأفريقية. إنَّها أخطر أيضاً من الأزمات المالية العالمية وآخرها ما شهده العالم في 2008 و2009.
لا نريد التقليل أبداً من حجم العواصف التي هبَّت على العالم في العقود الماضية. كانت مكلفة وتركت آثارها على المشهد الدولي واقتصادات الدول والأمن والاستقرار. لكنَّنا اليوم أمام حدث مختلف في خطورته وأثمانه وانعكاساته. لسنا في صدد عاصفة هوجاء. إننا في خضم زلزال غير مسبوق. يمكننا القول إن زلزال «كورونا» كشف هشاشة «القرية الكونية» وهز مرتكزاتها إلى حد يوحي بأن ما بعد الزلزال لن يشبه ما قبله.
لم تستطع القرية المعنية تنظيم رد موحد على الزلزال الذي دهمها. لم تتقدم القوة العظمى الوحيدة الصفوف لقيادة رد دولي موحد. انشغلت الصين بالمعركة التي بدأت على أرضها وتمكنت عبر إجراءات قاسية، يتيحها نظام الحزب الواحد الصارم أمنياً والمتقدم تكنولوجيا، من تحقيق نتائج قد تعزز لاحقاً صورتها وموقعها. لم تنجح دول القارة القديمة في تنظيم ردّ يمكن وضعه تحت الراية الأوروبية. انفرط عقد المشاعر الأوروبية سريعاً وتقدمت الحدود والمخاوف والأنانيات. لا الغرب ردّ موحياً بوجود زعامة جامعة قادرة على قيادة العالم، ولا روسيا استطاعت الصيد في هذا الزلزال على جاري عادتها في زمن العواصف. انكفأت الدول إلى حدودها وفضحت الأثقال المتسارعة ضعف مؤسساتها وميزانياتها.
إنَّنا في خضم زلزال غير مسبوق أدخل العالم في إجازة رعب إلزامية. زلزال ضربَ الأسهم وأسعار النفط وهزَّ دعائم الإمبراطوريات المالية وأغلق الأسواق والمطاعم والشوارع على امتداد «القرية الكونية». إنَّها نكبة شاملة لا يمكن إلا أنْ ترتب انعكاسات على علاقات الدول فيما بينها وعلى العلاقات داخلها أيضاً. سوابق التاريخ تشير إلى أنَّ هذا النوع من النكبات يغير أنظمة وعلاقات سياسية واقتصادية، ويسقط هالات أفكار ونظريات ويفرض تغييرات في أسلوب الحياة أيضاً.
ضرب زلزال هائل «القرية الكونية». من المبكر الجزم بالاتجاهات. ربما نشهد المزيد من دعوات الانغلاق والشعبوية والرغبة في كبح العولمة وشرايينها. الأكيد أنَّ الأزمة ستترك ملايين العاطلين عن العمل واقتصادات متصدعة وحكومات مذعورة. واضح أنَّ صفحة طويت لتبدأ صفحة أخرى أكثر صعوبة وأشد غموضاً. المهمة المطروحة لا تقلُّ عن إعادة إعمار «القرية الكونية» التي ضربَها زلزال «كورونا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسانية موقف وفعل الإنسانية موقف وفعل



GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

أزياء كارمن سليمان أناقة معاصرة بنكهة شبابية وجرأة في اختيار الأزياء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

اشتباكات بين الجيش وقسد شرق حلب محاولة تسلل
المغرب اليوم - اشتباكات بين الجيش وقسد شرق حلب محاولة تسلل

GMT 18:05 2025 الثلاثاء ,01 تموز / يوليو

ليونيل ميسى يدرس الرحيل عن إنتر ميامي

GMT 14:47 2021 الجمعة ,30 تموز / يوليو

موديلات فساتين منفوشة للمحجبات

GMT 18:46 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تكون مشرقاً وتساعد الحظوظ لطرح الأفكار

GMT 22:45 2020 الجمعة ,14 شباط / فبراير

كتاب جديد يكشف موضع إعجاب غريبا لدى ترامب

GMT 20:56 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مطالب بعودة أحكام الإعدام في المغرب بعد مقتل السائحتين

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية تضرب الحسيمة ليلا بقوة 3,2 درجة

GMT 04:37 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ملابس زهريّة أنيقة ومميزة تضامنًا مع مرضى سرطان الثدي

GMT 01:55 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الجعايدي الحارس الأشهر للملك محمد السادس يعود إلى الواجهة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib