بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
هل يمكن لنا - فى مصر - أن نتجاهل ما يحدث فى السودان هذه الأيام؟ هل يمكن لك- عزيزى القارئ - أن تتجاهل مثلا حريقا شب فى الطابق الأسفل من منزلك..؟ الذى يعيش فيه أقاربك الأقربون وأبناء عمومتك؟ هل يمكن لك أن تتجاهل شجارا حادا يجرى فيه، تسيل فيه دماء أطرافه..؟ هل يمكنك أن تتجاهل صراخ سيدات وأطفال، هربوا من منازلهم، وجروا، هائمين على وجوههم خوفا من قتل أواغتصاب؟ هذا هو - بتبسيط شديد - بعض ما توحى الكارثة التى لايزال يشهدها السودان! لقد راجعت نشاط وزير خارجيتنا د. بدر عبدالعاطى فى اليومين الماضيين فقط، فهل تعرفون ما وجدته من اتصالات ومشاورات بشأن ما يجرى فى السودان؟ لقد اتصل عبدالعاطى، وأحيانا أكثر من مرة، مع وزيرى خارجية بريطانيا، و روسيا، وكذلك مع ممثلةالاتحاد الأوروبى. وتوازت تصريحاته العديدة عن المخاطر على غزة مع المخاطر المحدقة بالسودان. هل تعلمون أن مقاتلى (بل مجرمى) الدعم السريع احتفلوا هذا الأسبوع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها أكثر من ألفى شخص فى مدينة الفاشر، بإقليم دارفور، بعد أن انتزعتها من الجيش السودانى! إنها المذبحة التى أعلنت عقبها «المحكمة الجنائية الدولية» فتح تحقيق فيها، بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.والمشاهد التى وثقتها الميديا العالمية، تظهرمقاطع بشعة صادمة، انتشر الكثير منها على الإنترنت. غير أن الحقيقة التى ينبغى ألا تغيب عن أذهاننا على الإطلاق ، وقبل أى شىء، هى أن أمن السودان من أمن لمصر، وأن أمن مصر من أمن السودان. ولذلك، ومع التقدير لـ «الآلية الرباعية» التى شكلت مؤخرا. «لإيجاد حل تفاوضى للأزمة السودانية» أى (الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر)! فإننى لا أتصور أن ذلك يغنى أبدا، قبل أى آلية أوتجمع آخر، عن إطار أقدم وأكثر تجذرا، ينبغى أن نصرعليه ونحرص على تفعيله، إنه إطار «مصر والسودان» الخالد والذى يجمع اليوم أساسا بين «السودان» بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، و«مصر» بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى!