سورية كما عرفتها وأحببتها

سورية كما عرفتها وأحببتها

المغرب اليوم -

سورية كما عرفتها وأحببتها

بقلم : جهاد الخازن

ملحق جريدة «فاينانشال تايمز» الاقتصادية الراقية في نهاية الأسبوع الماضي كان موضوعه الرئيسي عن ثلاث مدن سورية هي دمشق وحمص وحلب. الموضوع مهني ومفيد للقارئ الأجنبي، غير أنه نكأ جراحي، فسورية بلدي وأهلها أهلي، ككل بلد في المشرق العربي ومصر.

حمص لي فيها أصدقاء كنت أقابلهم في سورية ولبنان ولندن وجنوب فرنسا في الصيف. هناك «نكتة» شائعة عند عرب الشمال هي أن كلمة «حمصي» تعني «غبي». الذي طلع بهذه الأسطورة لا يعرف أهل حمص، فهم تجار أذكياء وبعضهم على قسط عالٍ من التعليم، وأصدقائي جمعوا الملايين من العمل في جزيرة العرب. وكانوا من الذكاء أنهم خرجوا من بلدهم مع انفجار الوضع عام 2011. إذا قارنت نفسي بهؤلاء الأصدقاء أطلع خاسراً، لأن ليس لي سوى راتبي الشهري من عملي في «الحياة».

كانت حماة تعرضت لحصار عسكري في شباط (فبراير) 1982 دام 27 يوماً وقضت فيه قوات النظام على تمرد للإخوان المسلمين، وأرقام القتلى تتراوح بين عشرة آلاف و40 ألفاً. حمص نجت، ولكن ما إن بدأت المشكلات عام 2011 حتى تعرضت المدينة لكل أنواع المصائب، وفي شباط 2012، أي في الذكرى الثلاثين لمجزرة حماة، قصف الجيش السوري المدينة، ما أدى إلى سقوط حوالى ألف قتيل.

حلب الشهباء لا مثلها بلد في الشرق الأوسط كله. هي مدينة قديمة شهدت غزاة قبل الفراعنة وحتى اليوم، إلا أنها حافظت على رونقها. عرفت حلب وأنا أودع المراهقة عندما ركبت القطار «اوتوماتريس» إليها من ميناء بيروت، وانطلقت منها في قطار الشرق السريع إلى تركيا وأوروبا. وكانت آخر زيارة لي في شباط 2010 لحضور «ألفية مار مارون» بدعوة من الرئيس بشار الأسد. لن أعود إلى شيء كتبته ولكن أقول إن الناس رأوا موكبنا وأوقفوه والنساء زغردن للرئيس والرجال صفقوا، وضاع كل شيء في أسبوع.

بقي لي من حلب الصديق العزيز عادل نادر وزوجته جويل بحلق، ملكة جمال لبنان، فهو في بيروت واللبنانيون يقولون له إنه سوري، والسوريون يقولون إنه لبناني.

عرفت دمشق طفلاً ومراهقاً وحتى الشباب وإلى اليوم. كنت صغيراً أزورها مع الأهل، وزرتها مع أصدقاء المدرسة سنة بعد سنة لحضور معرض دمشق الدولي، ونمنا ليلة في الجامع الأموي، لأن الفندق الذي حجزنا غرفاً لنا فيه كان مليئاً بالبق.

كبرت وعملت في الصحافة، وعرفت رجال الحكم وقابلتهم، ولا أنسى يوم زار الرئيس حافظ الأسد والملك فيصل بن عبدالعزيز القنيطرة بعد تحريرها وبيوتها كلها مهدمة ومئذنة الجامع مكسورة. عندما رأى الملك فيصل بالمنظار المقرِّب الجنود الإسرائيليين في التلال الأربع «اسودَّ» وجهه وغادر المكان سريعاً مع الرئيس السوري. لم يتحمل رؤيتهم.

كان بين الذين عرفتهم وجمعتني معهم صداقة العماد مصطفى طلاس. هو قرأ يوماً مقالاً لي قلت فيه إن الفلسطينية مناضلة، واللبنانية أنيقة، والمصرية خفيفة الدم، والسعودية عيناها جميلتان، إلا أن السوريات أحلى.
 اتصل بي مكتب «الحياة» في دمشق يوم صدور المقالة وقال لي إن العماد طلاس زارهم ليرى السوريات الجميلات العاملات في المكتب.

هل أرى سوق الحميدية مرة أخرى؟ هل أعود إلى الجامع الأموي؟ هل أنزل في الفنادق الفخمة التي شهدت انطلاقة اقتصادية سورية؟ أين أصدقائي من السوريين الذين أسسوا جمعية الصداقة البريطانية- السورية؟ هل يعرف القارئ أن ستيف جوبز، رئيس شركة آبل الراحل وأهم عنصر في التكنولوجيا الحديثة كلها، من أصل سوري؟ فأبوه هو عبدالفتاح الجندلي.

هل أكتب اليوم أو أهذي؟ أفضل أن أزعم لنفسي أنني أتمسك بحبال الأمل وأنني سأعود إلى دمشق وحلب وحمص يوماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية كما عرفتها وأحببتها سورية كما عرفتها وأحببتها



GMT 19:53 2021 السبت ,15 أيار / مايو

القدس - غزة أولاً، ماذا عن لبنان ؟

GMT 12:58 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

هل هي نهاية حرب اليمن؟

GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 08:22 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم

GMT 16:15 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

إنفينيتي تعلن عن مزايا سيارة QX80 Monograph الجديدة

GMT 16:18 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة!

GMT 12:02 2021 الإثنين ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة ينفصل عن مدربه عزيز كركاش رسمياً

GMT 15:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

لائحة الغرامات المتعلقة بمخالفات السير في المغرب

GMT 06:45 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

سلمى أبو ضيف تعلن ارتباطها برئيس مجلة "فوغ"

GMT 19:22 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الهاشيمي يقترب من حمل قميص الاسود في نهائيات "أفريقيا"

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل صوص الفراولة (للحلويات والتورتات)
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib