أجواء هبة نيسان حاضرة ومطالبها معلقة

أجواء هبة نيسان حاضرة ومطالبها معلقة

المغرب اليوم -

أجواء هبة نيسان حاضرة ومطالبها معلقة

بقلم - أسامة الرنتيسي

مع أننا تجاوزناها في الاستذكار والاحتفال بها شعبيا وإعلاميا، إلا أننا نعيش في هذه الأيام أجواء هبة نيسان المجيدة، التي بدأ فيها تأريخٌ جديدٌ في الأردن، تركنا خلفنا مرحلة الأحكام العُرفية، وانطلقنا في مسيرة ديمقراطية (لاحظوا مسيرة وليست مرحلة) لا تزال متعثرةً إلى يومنا هذا.

وبرغم أن هبة نيسان (15 نيسان 1989) كانت فتحًا جديدًا في تفكير وعقول رجالات الدولة، إلّا أن الخطوات نحو المسيرة الإصلاحية قد تباطأت وتعثّرت كثيرًا، وقويت شوكة قوى الشد العكسي أكثر وأكثر.

تأتي ذكرى هبة نيسان هذا العام، على وهج مُخرجات الربيع العربي العقيمة، الذي تحول سريعًا الى خريف خطفته قوى رجعية وإجرامية وضعت عصابات داعش والنصرة في مقدمته، وأسهم الإسلام السياسي في حرف بوصلته، بعد أن استبشرنا به خيرًا، كما تأتي ذكرى الهبة يغزوها المناخ الصحراوي المحمل بالغبار، فيما نسمات نيسان محملة بأجواء الشتاء، لهذا نحتاج إلى الأكثر تعقُّلًا وهدوءًا في مجتمعاتنا، لا إلى  المتطرفين.

هذا يفتح على الاطمئنان الزائد عن اللزوم، الذي تُظهره الحكومة ورجالاتها في تقويم الأوضاع العامة، وعدم التوقف  لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة جدًا التي تعيشها قطاعات واسعة من الأردنيين، ويشي بعقلية غير مرنة واهِمة مثلما كان غيرُها واهمًا بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندنا.

لم تقف مؤسسات الدولة وقفة حقيقية لقراءة المطالب التي استمر الحراك الأردني سنوات يطالب بتحقيقها، ودخلنا للأسف في تقويم حجم وقوة الحراك ومَن يقف وراءَه، حتى انعكس ذلك ردة فعل باردة متجاوزة درجات الاطمئنان التي ترى أن الحراك  دائمًا تحت السيطرة، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو مسيرة أو تَجمّع.

توقّف الحراك بعد أن شاهد النُّشطاء ما يحدث في المحيط، وهذا يُسجّل لهم لا عليهم، لكن مطالب هذا الحراك في الإصلاح ومحاربة الفساد والعدالة والديمقراطية، مازالت عناوين لم تتحقق.

لندقِّق جيدًا؛ لم يكن أحدٌ – حتى الأكثر تفاؤُلًا- يتوقع في لحظة ما أن يحدث ما حدث في جارتنا الشمالية، فقد كان الأمن فيها مطمئنًا جدًا، وسياطُه طوال أكثر من أربعين عامًا قد فعلت فعلها في عصب الشعب السوري، وبات مقتنعًا ألّا حول ولا قوة له في مواجهة الوضع القائم، لكن ما حصل في السنوات الماضية، يدفعنا إلى التفكير ساعات بأن الوضع جدُّ خطير، وأننا فعلًا لسنا بعيدين عن فُوهةِ العاصفة إذا لم نضع الإصلاح الحقيقي على السكة الصحيحة من دون مواربة أو تأخير، ولا نريد أن نبالغ كثيرًا في موضوع الإصلاح، بعد أن تبيّن ألّا نتائج من وراء ذلك، فقط؛ نريد إيقاف طاحونة الفساد، ومساواة الأردنيين في فرص العمل والتعيينات.

خَطرٌ جدًا أن تُمارس الحكومة سياسة تقطيع الوقت في ملف الإصلاح، والأخطر أن هذا يحدث فعلًا، ولا يتورّع المسؤولون عن ترديد معزوفة “إننا غير مستعجلين في قضية الإصلاح، والأفضل أن تتم الأمور بكل بهدوء وروِّية.”

أن تُنجز مشروعات الإصلاح بهدوء، فيه وجهة نظر، أمّا أن نقول إننا غير مستعجلين، فهذا الخطر بعينه، لأن الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك.

لكن يبقى الحديث عن الإصلاح السياسي الشامل ناقصًا إذا لم يُرفَق مع إصلاح اقتصادي حقيقي يحمي حياة المواطنين المعيشية، ويحفظ كرامتهم ويؤمن حاجاتهم، وينقذهم من العوز، وهذا أيضًا لن يتحقق إذا لم نشعر جميعًا بأن محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين أولوية قصوى، لا يتم التعامل معها بالقطعة وحسب الوزن.

الدايم الله…..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أجواء هبة نيسان حاضرة ومطالبها معلقة أجواء هبة نيسان حاضرة ومطالبها معلقة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib