تجار الدين وخراب العقول

تجار الدين وخراب العقول

المغرب اليوم -

تجار الدين وخراب العقول

بقلم - أسامة الرنتيسي

وصل الخواء في عقول مغلقة إلى أن انتقاد داعية يخطب في الناس صباح مساء هو إساءة للإسلام، مع أن عدد الدعاة الذين تفتح الفضائيات هواءها لهم بالمئات، ولأننا نعيش زمن البزنس، فقد تحول بعض الدعاة إلى تجار، امتلكوا محطات فضائية وإذاعات، وفتحوا بازارات تبث الفتاوى والعظات حسب الطلب.

تتوسع التابوهات يوميا، وتصل الأمور إلى رجمك بأبشع التهم إن قلت رأيا مناقضا لرأي آخر، خاصة الذين يتاجرون بالدِّين، وكأنه ملك لهم، وليس للبشرية عموما.

يقال إن ثلاثة لا يتم الوثوق بهم، سياسي تحول إلى رجل دِين، ورجل دِين تحول إلى سياسي، وثالثهما لا يزال يفتي في السياسة من باب الدِّين.

نحن، بتواضع شديد، دعاة التغيير والإصلاح لسنا نباتا بريا ولا شيطانيا، لكننا نهتف دائما: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، ونؤمن أن لا مكان لليأس في هذه الحياة.

تقف على قدميك ساعتين تشنف أذنيك لتسمع حوارات، مع الأسف، تنزّ كيدية، وعودة لعصبيات عفى عليها الزمن، وتجاوزتها فضاءات ميادين التحرير والتحرر.

تدهشك ابتسامات خبيثة تعرف أنها غير صادقة، تريد فقط أن تبث سمومها في طريقك، لعلك تقتنع بهرائهم وتعرف أن المطلوب منك أن تبقى واقفا على رؤوس أصابع قدميك، بانتظار أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

مقابل هذا، تثني على صنّاع الفرح والأمل والمنحازين للمستقبل والحياة، معتبرا أن التغيير سنة الكون وصيرورته.

تشعر أن مسّا كهربائيا ينفض شرايينك، ولكن لا تستسلم إلى هذا العراك العبثي، فتسعى إلى امتصاص حدّته بطرح وجهات نظر مختلفة، في مواجهة الأصوات المزمجرة التي يملأ زبدها أشداقهم عندما يعارضونك من أجل المعارضة، ولا يقدمون سوى الهراء. وينفثون رذاذ أفواههم على مَن حولهم.

تدفعك صرخة حالمين مثلك دخلوا  “نفق الإحباط واليأس”، فتتألم لأن القنوط وصل إلى العظم بعد أن تجاوز اللحم، وباتت العقول النيرة أسيرة “مساجلات ومماحكات تسكنها الجهات الأربع شرقا وأخواتها”.

نعم، هناك أصوات ظلامية أصابها العطب وأضاعت مشروعيتها، وفاعليات فقدت اتزانها وتعمل على تبديد أجواء البهجة، ولكن يبقى دور المتنورين في مواجهتها ومقاومة برامجها وأهدافها، لا الاعتراف بشرعيتها.

الظلاميون موجودون في كل مكان، يريدون أن يسنّوا قانونا يقطع أيدي الجائعين، قبل أن يؤمّنوا لهم رغيف الخبز.

لقد وصل الخراب إلى أن يجاهر بعضهم بفرحه لحفل إعدام الأقباط المصريين في ليبيا والشماتة في موت أبناء الصليب حسب تعابيرهم، وذلك نكاية بـ” السيسي والانقلابيين”، كما يفرحون لتحطيم تاريخ الأمة والعراق.

في أماكن أخرى، قريبة وبعيدة، نزاعات على مصل داء، ومجاعات تجعل عينيك تذرف بدل الدمع دما عندما تشاهدها، وقتل على الهُوية، إن كان اسمك عمر أو يزيد، فلا تطمئن على بيتك وعيالك.

في هذا العالم أشياء كثيرة تدفع إلى الاستسلام، وبشاعة الإحباط وقسوة اليأس، ولكن يبقى دور صنّاع الفرح والأمل، الذين يعشقون الحياة، ويضيئون الشموع، ويغنون بالصوت العالي “لسه الأغاني ممكنة”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجار الدين وخراب العقول تجار الدين وخراب العقول



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 10:39 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مهبطا المهرجان في الصحراء والمائي من أغرب مطارات العالم

GMT 19:35 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

سعر نفط برنت يتخطى 84 دولارا للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib