لم أوجد قبل خيالي

لم أوجد قبل خيالي..

المغرب اليوم -

لم أوجد قبل خيالي

بقلم عبد الحميد الجماهري

أذكر أنني لم أوجد قبل الخيال.
كلما عدت إلى الطفولة أجد أنني بدأت .. من حيث بدأ الكتاب في حياتي.
فأنا لم أوجد قبل الكتاب.، كصيغة مادية عن الأفكار والمعارف والمشاعر.
فأنا سليل عائلة عاشت بالقرب من الكتاب المقدس، وفي خدمته: الجد المؤذن والعم السادن والخال الإمام .. وشعوب العائلة التي تقودها كلمات لله الصافية إلى السكن بالقرب من المسجد.
كان الخال أول من شغلني قبل دخول المدرسة، وضعني بالقرب من كتبه في الحديث و نسخ عديدة من القرآن الكريم، وما زال ذلك الدكان يبدو لي مثل رواق من أروقة الجنة: كتب، كتب ثم كتب، وملح وسكر وشمع وزيوت، وهو قابع بينها يحرس الغيب الرباني في النوازل والحكم، ويحرس في الوقت ذاته شهوة الطفل الصغير إذ يقضم بملء أسنانه بسكويتا طائشا أو يتصفح دفوف الكتاب مثل دفتي باب في الكنوز!
لقد فشلت العائلة في إقناعي بالتضحية باللعب لأجل دخول المسيد (يا أهل «مزكيتام» تعالوا)، ولكن دكان الخال كان يملك السحر كله، الذي يجعلني بمخيلة الطفل أعثر على العلاقات اللدودة بين الأشياء، كتاب سكر وكتاب ملح.
لقد كانت اللوحة، اللوح ما قبل العصر الطباشيري، واضحة للغاية لهذا لم تغر خيال طفل، وأنا كنت أبحث عن السر الغامض في الحرف الليلكي للمخطوطات.
بعد هذا كنت أجوب غرفة العم العليا في دار العائلة، هناك أتسلل كما لو أنني أبحث عن مقابل عاطفي وحبي للبسكويت، في تلك الأوراق الطلاسمية، المعلقة مثل أجراس على الجدار: تراني فكرت فيها كأنها خارطة كنز..؟
تراني لم أفكر تماما في كنز آخر غيرها، 
لاشيء يعلق بي الآن يفيد بأنني كنت قرصانا يجهل ميولاته في الحياة ……القادمة!
أنا أيضا سليل الخيال المعلق بلسان جدتي: هناك بدأ كتاب لم أكن أقرأه لكنه كان يقرأ أقداري القادمة.
بتجاعيدها والوشم الذي يحيط بها كنحت هيروغليفي غامض من الشفة إلى أن يغيب في الجسد.. وارتبطت تجاعيدها باللغة عندي:كلما فكرت في كائناتها الخرافية رأيت التجاعيد ولهذا ربما أصل دوما إلى الخيال… شيخا.
ولهذا ربما لا أذكر طفولة لخيالي..
وأكاد أحسم أمري:من لم يستمع إلى حكايات الجدة، ذهب يبحث عن الخيال في المخدرات والعشب والايديولوجيا..أو صنع أسطورة شخصية وسماها قصيدة..
في شفاهها تتوالى الصفحات
وفي قصص الأنبياء التي تجيدها الجدة كان الخيال يتبرعم مثل شجر اللوز في السفح أمام البيت..
كنت أقرأ شفتيها، ورقة ورقة
وأسمع الجد ، نبيا نبيا..
ولهذا اعترف بأن كل كتاب يحمل فم .. جدتي!
وقبلتها التي تضعها، عندما تكون غير غاضبة من الزمن ورحيل كل أهلها على خد حفيدها الذي يجيد الإنصات وإن كان ينام دوما قبل النهاية…
ولهذا أحب الكتب
ولهذا أيضا يحدث أحيانا، مجاملة مني للكتاب، أن أغفر له أخطاء كاتبه، أو آتيه وقد وضعت كل مجساتي النقدية في الدولاب!
يتبع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم أوجد قبل خيالي لم أوجد قبل خيالي



الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib