بلمختار بين زومي وبنكيران

بلمختار بين زومي وبنكيران!

المغرب اليوم -

بلمختار بين زومي وبنكيران

حسن طارق

لم يكن عبد الإله بنكيران مُحتاجا إلى توبيخ وزيره في التعليم رشيد بلمختار، بتلك الطريقة المشهدية، في جلسة المساءلة الشهرية بالغرفة الثانية.

لكن، رُبما كان ذلك هو أسلوبه في الاستثمار الـمنبري لمُرورهِ الدّوري بالبرلمان، لتوجيه رسائله السياسية في مُختلف الاتجاهات.

وهُنا، فإن الرّسالة الأساسية لا تحتاج إلى تشفير. بنكيران يُريد أن يقول بوضوح إنه هو رئيس الحكومة، وإن هذا الوضع الرئاسي والتراتبي يُمكِّنُه من حق أصيل في الإشراف على مجمل أعمال وزرائه (كل وزرائه)، ومُتابعة ما يقومون به من أنشطة وما يُصدروه من قرارات، فضلا عن التنسيق والتّحكيم بين مُختلف القطاعات.

وهو بذلك يستند إلى وضع مؤسسي مُتقدم تحول معه موقع رئيس الحكومة إلى قائد فعلي للسلطة التنفيذية، بعد أن كان – في صيغة الوزير الأول – مُجرد زميل أول بين زملائه الوزراء، لا تتعدى صلاحياته تنسيق شكليٍ للعمل الحكومي.

 هذا الوضع المُؤسسي، الذي يفترضه دستور 2011، يتأسس على فكرة قيام حُكومة سياسية «منتخبة» منبثقة من سلطة الاقتراع العام ومسؤولة – بالتالي- أمام مجلس النواب.

لذلك، فالخلل بالتأكيد ليس في الهندسة الدستورية والمؤسسية. الخلل يوجد في استمرار منطق سياسيٍ (أو بالأحرى، لا سياسي) في التدبير سابقٍ عن 2011، ومُخالف لروح الدستور الجديد. وهذا من أعطاب المرحلة التي لا يجب تغييب نصيب  مسؤولية بنكيران تجاهها.

إنه المنطق الذي سمح لوزير التربية والتعليم أن يُصدر مُذكرة وزارية حول لُغة التدريس في المواد العلمية بالثانوي، مُتجاهلا رسالة مكتوبة من رئيس الحكومة تطلب منه التريث في هذا الشأن. وهو المنطق ذاتُه الذي سمح للوزير نفسه، أن يستمر في مُداعبة شاشة هاتفه المحمول، وفي الدردشة مع زميل له، متجاهلا المستشارة البرلمانية الأستاذة خديجة الزومي وهي توجه له سؤالا في الجلسة الأسبوعية  الدستورية.

 إنه منطق استبطان التّفوق التقنوقراطي، ومنطق احتقار المؤسسات الديمقراطية، ومنطق التّعالي على المسؤولية والمحاسبة الشعبية.

يشعر المسؤول التقنوقراطي أنه ليس مديناً في منصبه لثقة النّاخب، ولا للتعاقد مع البرلمان، ولا لميثاق الأغلبية السياسية. وهو لا يحس بالحاجة إلى تقديم الحساب الديمقراطي أمام المواطنين أو أمام ممثليهم، وعندما يفعل ذلك، فإنما بدافع واجب مهني «ثقيل».

في السّابق، شكلت التقنوقراطية أسلوبا في الحُكم، كانت امتدادا ناعما للسلطوية، ونقيضا حيويا للحزبية، لذلك كانت في العمق بديلا عن الديمقراطية، وعنوانا للحرب ضد السياسة، وتجسيدا لمنطق اللامسؤولية.

والواقع أن حصيلة هذا الأسلوب كانت فشلا مضاعفا، فشلا في السياسة والديمقراطية، وفشلا في النتائج والفعالية. التقنوقراط هم من قادوا البلاد إلى السّكتة القلبية التي دُعي السياسيون إلى معالجة آثارها بدافع المصلحة الوطنية، وهم – في الغالب- من تركوا البلاد غارقة في الفساد، ومُنزوية في أسفل سلالم ترتيب الأمم.

لذلك، فاليوم لا يمكن للتقنوقراطية إلا أن تشتغل داخل منطق السياسة، وفي قلب فكرة الديمقراطية. فالتفوق التقنوقراطي مجرد أسطورة سُلطوية مُتآكلة.

لم تصل بلدان العالم المتقدم ما وصلته من رخاء ورفاه، نتيجة تقنوقراط استثنائيين يسمح لهم ذكاؤهم الخارق باحتقار الشعب وممثليه، بل وصلت إلى ذلك نتيجة كلمة بسيطة هي: الـمُساءلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلمختار بين زومي وبنكيران بلمختار بين زومي وبنكيران



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib