الإثراء غير المشروع

الإثراء غير المشروع

المغرب اليوم -

الإثراء غير المشروع

بقلم : حسن طارق

داخل زحمة مشاريع القوانين المعروضة على مجلس النواب في النفس الأخير لولايته، تناقش لجنة العدل والتشريع مشروع القانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، ورغم أن الأمر لا يتعلق بالمدونة المتكاملة التي أسالت مسودتها الأولية الكثير من النقاش والجدل، فإن المشروع الذي يتضمن تعديلات محدودة، يبقى على قدر من الأهمية، سواء ارتباطا بالتفاعل مع المرجعية الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب، أو في علاقة بمرافقة الإصلاح القضائي الجاري .
وتتضمن مستجدات المشروع في مجال التجريم، جوانب متعلقة بجرائم جديدة، وبجرائم تمت مراجعة أركانها أو تعاريفها، فضلا عن مستجدات في مجال العقوبة ترتبط مثلا بإقرار عقوبات بديلة عن العقوبات سالبة الحرية .
وإذا كانت العادة قد جرت، ضمن هذا السياق، على التركيز الإعلامي حول المواضيع القادرة على إثارة التقاطب المجتمعي، مثل: قضيتا الإعدام أو الإجهاض، اللتان يقدم المشروع تصورا جديدا لمعالجتهما، أو حول المواضيع ذات الأولوية لدى النخب الحقوقية، مثل جرائم الاختفاء القسري، تهريب المهاجرين، الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.
فإنه لابد من الانتباه إلى موضوع آخر، لا يقل أهمية، إنه تنصيص المشروع على جريمة الإثراء غير المشروع، التي يعاقب عليها كل ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات، تبث بعد توليه الوظيفة أو المهمة المزاولة، أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين قد عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من تصريحه السابق، ومقارنة مع مصادر دخله المشروعة .
هذا التنصيص، الذي لابد من التنويه به، يأتي أولا ليعالج النقص الفادح في التشريع الحالي للتصريح بالممتلكات، والذي لا يرتب أي مسؤولية زجرية على من ثبت في حقه إثراء غير مشروع، تم ثانيا، لكي يساهم في تفعيل دستور 2011 الذي نص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأقر بضرورة الوقاية والزجر المتعلقين بالانحرافات المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها، وثالثا، لكي يلائم التشريع الوطني في مجال التخليق مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وأساسا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ثم رابعا، لكي يكرس لبنة جديدة في بناء النظام الوطني للنزاهة .
إذا كان يمكن أن نتصور، أنه لم يكن من السهولة، إقرار هذا المقتضى الجنائي داخل المشروع، حيث يبدو أنه ووجه بقوة بحجة سياسية مباشرة، تتعلق بقابليته للاستعمال الانتقائي والانتقامي، وبحجة قانونية، تتعلق بخرق قرينة البراءة، وتحويل عبء الإثبات من جهة الإدعاء إلى كاهل المتابع .
وإذا كان مبدأ الانتقاء يبقى آلية موضوعية معمولا بها في عديد من الأجهزة الرقابية والتفتيشية للدولة، حيث يستحيل عمليا -خارج الاشتغال على عينة محدودة – ضمان فعالية منظومة المراقبة والتفتيش والافتحاص، فإنه علاقة بالحجة القانونية المقدمة، يبقى قلب عبء الإثبات كاستثناء على الأصل المتميز بقاعدة الإثبات على من ادّعى، أمرا معمولا به في عديد من التشريعات والقوانين، ومكرسا من خلال الفقه والاجتهادات القضائية المقارنة.
أخيرا، لابد من السؤال حول مدى تناسبية العقوبات المقررة لهذه الجريمة، والتي لا تتضمن الحبس أو السجن، وتقتصر على غرامة قد تصل إلى مبلغ مليون درهم، مع الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة المعني بالأمر جميع الوظائف والمهام العمومية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإثراء غير المشروع الإثراء غير المشروع



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib