لماذا لن تقع معركة البرامج الانتخابية

لماذا لن تقع معركة البرامج الانتخابية؟

المغرب اليوم -

لماذا لن تقع معركة البرامج الانتخابية

بقلم : حسن طارق

من الناحية المعيارية والنظرية كان من المفترض أن يشكل استحقاق أكتوبر 2016، فرصة مواتية للتباري البرنامجي بين الأحزاب السياسية.

بيان أسباب ذلك لا يخرج عن عاملين محددين، الأول له علاقة بالوثيقة الدستورية والصلاحيات الممنوحة للحكومة وهو ما سمح بعد 2012 بالحديث عن فرضية تحول التقاطبات السياسية من قضايا تدبير العلاقة مع الدولة إلى مواضيع تدبير الشأن العام، والثاني له علاقة بتواتر المشاركات الحكومية للأحزاب السياسية، وهو ما يمنح لها زاوية جديدة للنظر في قضايا التدبير العمومي، تسمح بالخروج من دائرة العموميات المثالية، وبالتنسيب الضروري لأطروحاتها، ذلك أن تمثل الحزب الذي سبق له أن مر من اختبار التدبير لمفهوم البرنامج، لا علاقة له بالتأكيد بتمثل الحزب الذي لم يسبق له قط، الاشتباك المباشر، من موقع المسؤولية، مع قضايا الأجوبة اليومية للمجتمع.

لكن الواقع أنه لا “أثر الدستور”، ولا “أثر التدبير”، سيحسم في طبع الاستحقاق المقبل ببصمة التنافس البرنامجي .

لماذا؟

أولا، لأنه طوال مدة هذه الولاية المشرفة على النهاية، لم تشكل السياسات موضوعا جديا للصراع السياسي وللتقاطب أغلبية/معارضة، ذلك أن “التلاميذ السحرة” للمرحلة كانوا قد قرروا قتل المعارضة الوطنية الديمقراطية، التي كانت قد انطلقت في ممارسة معارضة غير منبرية مبنية على الاقتراح وإعداد البدائل، واستبدلوها بمعارضة بهلوانية تحترف الصراخ والرفض الآلي، وهو ما فوّت عمليا على البلاد فرصة تبلور بديل واضح للسياسة الحكومية المتبعة، يسمح بالحديث عن إمكانية تناوب جديد .

لذلك، ولأن اللحظة الانتخابية مجرد تكثيف لسياقها السياسي، فالمؤكد أنها لا يمكن أن تصبح – هكذا – فجأة لحظة لمبارزة الأفكار والاقتراحات .

ثانيا، مع هيمنة ظاهرة فقدان الأحزاب لقرارها المستقل، يصبح الأصل هو التسليم بوجود برنامج للدولة ثابت ومركزي ومتعال عن الدورة الانتخابية، ليس على الحكومات سوى التعايش معه وإيجاد المسوغات الضرورية للدفاع عنه، كما أن طبيعة نمط الاقتراع الذي يصنع أغلبيات هشة تجعل من فكرة البرنامج الانتخابي فكرة سهلة الذوبان في فنجان البرنامج الحكومي التوافقي والمشترك .

ثالثا، يوجد البرنامج الانتخابي في مستوى متفرع من المشروع السياسي الذي يمتح بدوره من المرجعية الإيديولوجية والقيمية، لذلك فسؤال البرامج يرتبط، كذلك، بالهوية المذهبية للأحزاب، وهنا فالملاحظ أن رقعة التباينات الإيديولوجية تزداد ضيقا، ذلك أن الموضوع الرئيس اليوم للاختيارات العمومية والمتعلق بالسياسة الاجتماعية، لا يبدو حوله تقاطب واضح، فإذا كان العدالة والتنمية قد دافع بخلفية ليبرالية واضحة عن تصور لمراجعة هندسة الدولة الاجتماعية، من خلال مراجعة منظومة الدعم، فإنه خارج الرفض النقابي والموقف الاحتجاجي، لا يبدو هذا التصور مواجها برؤية بديلة ومنسجمة وعلى يسار ما تم طرحه خلال هذه الولاية.

وإذا كان الحزب الاشتراكي الموحد يملك من حيث الأفق الإيديولوجي مسافة كافية تجاه هذا التصور، فإنه لأسباب مرتبطة بالتموقع السياسي وبطبيعة تصوره للمعركة الانتخابية، لا يبدو منتبها للجانب الاجتماعي في برنامجه الانتخابي.

وهنا فخارج الهوية المذهبية الواضحة للبرامج الانتخابية، فإنها ستتحول إلى ركام من الأرقام والمؤشرات بدون روح ولا معنى، كما ستصبح  مجرد “موضة” تعبر عن  استبطان للمقاربة التقنوقراطية عوض أن تكون تعبيرا عن حضور “السياسة”.

رابعا، لأن مسار المرحلة واتجاهها العام، لا يجعل اليوم من قضية السياسات أولوية في جدول أعمال الفاعلين وفي الخطابات المهيمنة على المشهد، ذلك أن سقف العرض السياسي لكل من العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، يضع رهانات المحطة الانتخابية في مستوى “فوق – برنامجي”، إذ عندما يدعو الحزب الأول إلى اعتبار تاريخ الاقتراع لحظة لمواجهة التحكم، وعندما يدعو الحزب الثاني إلى اعتباره لحظة لإنقاذ البلاد من هيمنة إيديولوجية وشيكة، فهذا يعني أن مسألة البرنامج قد أصبحت مسألة ثانوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لن تقع معركة البرامج الانتخابية لماذا لن تقع معركة البرامج الانتخابية



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib