الصلاة والسـلام على رسول الله

الصلاة والسـلام على رسول الله!

المغرب اليوم -

الصلاة والسـلام على رسول الله

رشيد مشقاقة

تحكى والدتي ـ رحمها الله ـ عن جارتنا التي أقامَتْ حَفْلاً بَاذخًا بِمُنَاسَبةِ رُسُوبِ ابْنِها في امْتِحَان الشَّهَادة الابتدائية. ارتَدَى المحتفى به أحسن ما لديه من ثياب، وعلت زغاريد النساء من حوله وهن يرددن:
«الصّلاَة والسَّلام عَلى رَسُول الله، لاَجَاهْ إلاَّ جَاهْ سيْدنَا مُحَمَّدْ….اللهْ مْعَ الجَاهِ العالي»!!
وقد أجابت الأم الطيبة عن استغراب الجيرة قائلة: خشيت أن يُصاب ولدي بمرض نفسي بسبب تكراره المُعْتَاد، ففعلت ما فعلت!

لم تكن جارتنا تدرك أنها تؤسس استقبالا لظاهرة أصبحت سلوكا عاديا بيننا، فقد وَلَّى الزمن الذي كان فيه للنجاح طعْم وَلوْنٌ وَرَائِحَة، عندما كان الكُسَالى يُعَمِّرُونَ رَدْحًا من الزمن بقسم الخامس الابتدائي أو الثالثة ثانوي أو الباكلوريا، وَمِنْهُمْ من أكمل نِصْفَ دينه فَتَزَوَّجَ وهو لازال تلميذا مزروعا بالأقسام ذاتها لسنوات عدة، ومعظم الكسالى غادروا بدون الحصول على الشهادة.

الآن، تسلل المهندسون إلى مؤسسة «النجاح» ففَتُّوا في عضدها لتفقِدَ بريقها، فأصبح النجاح قاعدة، والرسوب استثناء. واحتار الناجحون فعلا في أمرهم: هل هم فعلا فازوا بالاستحقاق الذي شاركوا فيه أم العكس هو الصحيح؟ كيف وهم يرون سِواهم من محترفي الغِش وَسَمَاسِرَتِهِ والفاشلين فعلا في كوكبة الناجحين المُتَوَّجينَ بِنَياشِينِ النصر والفوز !

لو عاش العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ إلى زمننا هذا، لاضْطَر إلى تغيير عنوان أغنيته الشهيرة: «الناجح يرفع إيِدُو» فيغني «الرَّاسِبْ يَرْفع إِيدُو».

لمْ يَخْل ميدان واحد لَدَيْنَا من نجاح الكسالى، إذ أنعم القطاع الخاص في التعليم على المُدَللينَ، فتصدروا الترتيب العام في النقاط، وشَحَب لون الشهادات الابتدائية والثانوية والجامعية فلم يفرح بها نَائِلُوهَا، وَتَرَبَّعَ كسالى الأمس على الكراسي، وحوّل المتربصون بالوظائف والمناصب العليا والاستحقاقات والنفع العام عرس الجَدِيِرِينَ بأعَبَائِها إلى مأتم، وقالوا لِمن نجحوا فعلا: لن تدوم أَسماؤكم المكتوبة بالطباشير على سبورة الناجحين سوى الفترة التي يتلاشى فيها مفعول «الجبْص» فالبقاء لِلأسْوَأ.

تحضرني حكاية والدتي عن جارتنا في كل مناسبة، فإذا ارتفع صوت الرِّجَال والنساء مُرَدِّدا «الصّلاَة والسَّلام عَلى رَسُول الله» لم أسَّلِم هَكَذا بأن المُحتفى به نَاجِحُ في أمر مّا، فقد يكون راسبا، وشاءت المصلحة الفُضْلى أو الخِشْية من إصابته بمرض نفسي هو ومن معه أن يَكُون من الناجحين الأوائل!!
«الصّلاَة والسّـْلامْ عَلى رَسُولْ الله»!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصلاة والسـلام على رسول الله الصلاة والسـلام على رسول الله



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib