الثقافة الأمازيغية والإسلام

الثقافة الأمازيغية والإسلام

المغرب اليوم -

الثقافة الأمازيغية والإسلام

يوسف بلال

الحكومة في شأن إعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ردود فعل عنيفة من جانب بعض النشطاء الأمازيغ، والتي اعتبرت أن هذا المشروع يتطلب تأسيس لجنة خاصة تضم ممثلي الجمعيات الثقافية الأمازيغية وباحثين في اللغة والثقافة الأمازيغية. وفي الواقع، يظل هذا النقاش هامشيا وبعيدا كل البعد عن أهم الأسئلة التي يجب أن تناقش في الفضاء العام، والتي تهم تحديد مفهومي الهوية الجماعية والتراث والثقافة. وأكيد أن الحكومة المغربية مطالبة بتفعيل مقتضيات الدستور في شأن الأمازيغية لأنها مكون من مكونات الثقافة المغربية، إلا أن الترسيم هذا سيغير مكانة الأمازيغية في المجتمع المغربي، حيث إنها كانت ثقافة شفهية بالأساس، لا تعتمد على التوثيق العلمي أو الإبداع الثقافي بشكل واسع مقارنة مع مكانة اللغة العربية عند الخاصة أيام ما قبل الاستعمار. وأهم كتب التراث الأمازيغي التي يمكن الرجوع إليها اليوم تضم مؤلفات مثل «الحوض» لفقيه من القرن الحادي عشر الهجري، محمد بن علي أوزال، الذي ترجم إلى الأمازيغية أحد أهم الكتب المعتمدة في الفقه الملكي «مختصر خليل»، كما أنه يمكن الرجوع إلى كتاب «بحر الدموع» في المواعظ لنفس المؤلف. وبعبارة أخرى، ما يسمى اليوم بالثقافة الأمازيغية، يشير بالأساس إلى تراث إسلامي كان يعبر باللغة الأمازيغية. وبالطبع، هذا لا يعني أن الثقافة الأمازيغية كانت تنحصر فقط في ترجمة الكتب والعلوم الإسلامية، ولا يعني كذلك أن شمال إفريقيا قبل الإسلام لم ينتج أعمالا ثقافية أمازيغية، بل يعني أن معظم وأهم الأعمال الثقافية التي انتقلت إلينا تعكس الفكر الإسلامي. وهذا يعني أن الثقافة الأمازيغية ليست حكرا على أحد، بل يمكن النهوض بها كمكون الثقافة الإسلامية للمغاربة، وبصفة عامة، كمكون للثقافة الإسلامية لشعوب شمال إفريقيا. ولنذكر هنا أن بعض النشطاء الأمازيغ يدافعون عن فكرة تعارض الأمازيغية والإسلام، فكرة تعود إلى الفكر الاستشراقي الاستعماري، المتمثل في النظريات العنصرية «لارنست رينات»، والذي كان يعتبر أن الأمازيغ ليسوا بمسلمين حقيقيين، لأنهم ينتمون إلى «العرق» الأوربي، وإسلامهم سطحي قد يندثر بعد الاستعمار الفرنسي بشمال إفريقيا، حيث سيسمح لهم باعتناق دين يناسب «عرقهم»، وهو الدين المسيحي. ودون شك أن «الظهير البربري» الذي أصدره الاحتلال الفرنسي سنة 1930، والذي أثار ردود فعل الحركة الوطنية، كان يعكس رغبة العديد من المسؤولين عن الإدارة الاستعمارية في إنشاء نظام عنصري والشروع في تمسيح المغاربة الناطقين بالأمازيغ. واليوم، بالرغم من تكرار الأطروحات العنصرية عند بعض النشطاء الأمازيغ، الغالبية الكبرى من المغاربة الناطقين بالأمازيغية، وفية لإبداع محمد علي أوزال، ولا ترى تعارضا بين الحفاظ عن التراث الأمازيغي والهوية الإسلامية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة الأمازيغية والإسلام الثقافة الأمازيغية والإسلام



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib