إيران بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

المغرب اليوم -

إيران بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

لعلها المرة الأولى منذ تأسيسه سنة 1979 التي يواجه فيها النظام الإيراني أسئلة صعبة عديدة ومعقدة، تبدأ من طبيعته إلى شكله وتصل إلى مستقبله المرتبط موضوعياً بالخارج، أي نفوذه المهدد بكثير من المتحولات، هذه الأسئلة تلامس ما كان يملكه النظام من أدوات القوة، وتفتح النقاش بعيداً في ما كان يُصرّ على إظهاره للداخل والخارج بأنه متين وسيستمر طويلاً، وهل لم يزل بمقدوره التصرف داخلياً وخارجياً كما تصرف منذ عقود، بأنه ثابت على الرغم مما عصف بالمنطقة من متحولات؟

في الثابت داخلياً، للمرة الأولى منذ قيام النظام الإسلامي تحاول طهران الحفاظ على ضمانات استقراره واستمراره الداخليين، لذلك تحاول ضمان أمرين: الأول مرحلة انتقالية آمنة وهادئة، أما الآخر فالحفاظ على هيبة النظام ونفوذ الثورة، ولكن ما يزيد الأمور تعقيداً أن الأمرين مرتبطان بعضهما ببعض.

فالأول يحتاج إلى استقرار والآخر يحتاج إلى القوة والدور، ولكي تحافظ طهران على قوتها ودورها اللذين حولتهما إلى تشدد داخلي ونفوذ خارجي، بات عليها أن تتجنب معارضة داخلية داخل تركيبة السلطة، أي احتواء أجنحة النظام كافة، وهذا ما حصل في انتخاب الرئيس مسعود بزشكيان، ومنع أي حركات احتجاجية تبدأ عادةً مطلبية ثم تتحول سريعاً إلى سياسية. أما خارجياً، فالدفاع عن فائض خرائط نفوذها المهددة بفقدان أجزاء واسعة منها، أو فقدان سيطرتها السياسية والعسكرية على بعضها، وهذا ما تعدّه القيادة الإيرانية مخاطر شبه وجودية، لأنه سيدفع «الأعداء» إلى الانتقال من الخارج إلى الداخل، أي مواجهتها مباشرةً، مما يؤدي إلى كسر هيبتها بعد تحطيم أو تعطيل نفوذها.

فعلياً، من الثبات داخلياً إلى محاولات الثبات خارجياً، تواجه إيران للمرة الأولى في تاريخها متحولات خارجية كبرى تعصف بفائض خريطة الجغرافيا (السياسية والاستراتيجية) أي مناطق نفوذها، واحتمال انتقال المتحول الخارجي إلى الداخل الوطني، وتنتقل معه معادلة الدفاع عن الثورة في الخارج إلى الدفاع عن النظام في الداخل، ما بدا واضحاً في الخطاب الأخير لمرشد الجمهورية في حفل تأبين الأمين العام لـ«حزب الله» الراحل حسن نصر الله.

فالواضح أن النظام الإيراني دخل معركة الدفاع عن النفس، كأن المواجهة بينه وبين الكيان العبري حتمية، لذلك اختار الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، فقام بضرب أصول عسكرية إسرائيلية مباشرة من خلال صواريخ بعيدة المدى، وأعاد تشكيل وحدة الساحات لتكون جبهة إسناد له هذه المرة.

يدرك النظام أن المواجهة الحالية مع تل أبيب ليست جولة، بل هي حرب متحولات إقليمية، قد يصعب بعدها الحفاظ على ثابتين (سلامة الجغرافيا الوطنية سياسياً، والحفاظ على النفوذ الجيوسياسي والجيوعقائدي) ولكن المعضلة أنه إذا ضحَّى بالثاني؛ بمساومات دبلوماسية أو تحت الضغوط العسكرية، فإنه لا يضمن بقاء الأول كما هو، أن لا ينتقل المتحول الخارجي إلى الداخل، وتصبح الثورة والدولة والنظام أمام متحولات صعبة وكبيرة.

أمام احتمال مواجهة عسكرية شاملة أو تنازلات دبلوماسية قاسية، ربط النظام نفسه بثنائية البقاء والنفوذ، بين فائض الخرائط الجيوسياسية واستقرار النظام، وصعوبة الفصل ما بين النفوذ الخارجي وشرعية الداخل. لذلك فإن المواجهة المحتملة قد تفرض على طهران الاختيار ما بين الثابت الداخلي نسبياً والمتحول الخارجي عموماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً إيران بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib