سلاح الحزب واللغة الخشبية… عدوا لبنان

سلاح الحزب واللغة الخشبية… عدوا لبنان!

المغرب اليوم -

سلاح الحزب واللغة الخشبية… عدوا لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

إسرائيل تحتلّ حاليا جزءا من أرض الجنوب. تلك هي إحدى النتائج العملية لحرب "إسناد غزّة" التي اتخذ "حزب الله" قرارا بخوضها غير مدرك لأبعاد مثل هذه المغامرة.

ليس بالعودة إلى اللغة الخشبية ينقذ لبنان نفسه ولا بتجاهل وجود سلاح “حزب الله”. يستطيع لبنان، على لسان كبار المسؤولين فيه التنديد بالاعتداءات الإسرائيلية قدر ما يشاء. يبقى الواقع القائم أنّ إسرائيل مستمرة بمهاجمة أهداف تابعة لـ”حزب الله” من منطلق انتصارها في الحرب من جهة وفرض الشروط التي تريدها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصّل إليه في تشرين الثاني – نوفمبر الماضي من جهة أخرى. لا تفيد اللغة الخشبية في شيء. خسر لبنان الحرب مع إسرائيل، وهي حرب تسبب بها “حزب الله”. لا بدّ من ثمن يتوجب على لبنان دفعه نتيجة خسارة “حزب الله” حرب “إسناد غزّة”. لا خروج من الوضع القائم ولا وقف للاعتداءات الإسرائيلية ما دام لبنان أسير اللغة الخشبية التي أوصلته إلى ما وصل إليه في ضوء توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969.

بالنسبة إلى الوضع الراهن الذي تعبّر عنه الغارات الإسرائيلية الأخيرة على أهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت، يتبيّن أن مشكلة تصالح “حزب الله” مع المنطق تراوح مكانها وذلك منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في أيار – مايو 2000.

اختلق الحزب في العام 2000 حججا مختلفة لتبرير التمسك بالسلاح. تبين بعد ربع قرن على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان أنّ السلاح ليس سوى الطريق الأقصر إلى الوصول إلى عودة الاحتلال الإسرائيلي. تحتلّ إسرائيل حاليا جزءا من أرض الجنوب. تلك هي إحدى النتائج العملية لحرب “إسناد غزّة” التي اتخذ “حزب الله” قرارا بخوضها، غير مدرك لأبعاد مثل هذه المغامرة.

من يتمسك بالسلاح إنّما يتمسّك بالاحتلال. يدرك كلّ من يتعاطى بالشأن السياسي أنّ إسرائيل لن تنسحب من النقاط التي تحتلها في جنوب لبنان ما دام سلاح “حزب الله” موجودا على الأرض اللبنانية من دون تمييز بين جنوب الليطاني وشماله. ما دام سلاح الحزب موجودا لا إعادة إعمار لقرى في جنوب لبنان أو للضاحية أو لمناطق بقاعية طالها العدوان الإسرائيلي. لا يقتصر الموقف السلبي من لبنان على الولايات المتحدة ودول الغرب عموما. أكثر من ذلك، أن العرب القادرين ماليا على دعم لبنان مصرون بدورهم على أن يكون البلد “خاليا” من سلاح الحزب على حد تعبير مسؤول عربي كبير.

الخيار في لبنان أكثر من واضح. إنّه بين استمرار الاحتلال وبقاء السلاح. يعود ذلك إلى أنّ لا مجال لإخراج إسرائيل من لبنان بواسطة السلاح الخارج عن الشرعيّة. يستطيع هذا السلاح قتل رفيق الحريري ورفاقه ثم اغتيال سمير قصير وآخرين من الشرفاء. لكنّ هذا السلاح لا يستطيع إرغام الدولة العبريّة على الانسحاب من جنوب لبنان!

ثمة ثلاث نقاط تحتاج إلى التوقف عندها من أجل إقناع “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران، في مناسبة الزيارة التي قام بها وزير خارجيتها عبّاس عراقجي لبيروت أخيرا، بأنّ لا فائدة من سلاح “حزب الله”. تقول النقطة الأولى إنّ كل من يدعو الحزب إلى الاحتفاظ بسلاحه ويشجعه على ذلك لا يريد الخير للبنان ولا لأبناء الطائفة الشيعية. من يدعو الحزب إلى التمسّك بالسلاح وربط السلاح بالانسحاب الإسرائيلي، إنّما يدعو لبنان والشيعة فيه إلى الانتحار. فوق ذلك، لا يمكن لإيران الكلام عن دعمها لسيادة لبنان، عبر الوزير عراقجي وغيره، ودعم ميليشيا مذهبيّة سعت إلى التحكّم بالبلد في الوقت ذاته!

أمّا النقطة الثانية التي يبدو مفيدا التوقف عندها، فهي أنّ إسرائيل تغيّرت كليا بعد يوم السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023. يومذاك شنّت “حماس” هجوم “طوفان الأقصى”. ما بعد الهجوم ليس كما قبله. تخلّت إسرائيل عن كلّ قواعد الاشتباك التي كان متفقا عليها مع “حماس” ومع “حزب الله”. مثلما لم تتوقّع “حماس” النتائج المترتبة على “طوفان الأقصى”، وهي نتائج أدت عمليا إلى إزالة غزّة من الوجود، لا يزال الحزب عاجزا عن فهم خطورة فتح جبهة جنوب لبنان. لا استيعاب لدى الحزب لخطورة التمسّك بالسلاح وللتغيير الذي طرأ على السياسة الإسرائيلية بقي بنيامين نتنياهو في موقع رئيس الحكومة أم لم يبق.

كلّ من يتعاطى بالشأن السياسي يدرك أنّ إسرائيل لن تنسحب من النقاط التي تحتلها في جنوب لبنان ما دام سلاح "حزب الله" موجودا على الأرض اللبنانية

تبقى النقطة الثالثة، وهي نقطة في غاية الأهمّية. بغض النظر عن خروج المبعوثة الأميركيّة مورغان أورتاغوس من المشهد اللبناني، لا يستطيع لبنان تجاهل ما يحدث في سوريا من تغييرات كبيرة ذات طابع تاريخي. تعود سوريا إلى لعب دورها في المنطقة من زاوية عربيّة بدل الزاوية الإيرانية في ضوء تخلصها من النظام العلوي الذي أقامه حافظ الأسد. يتبيّن يوميا مدى الرعاية العربيّة لسوريا، وهي رعاية ذات واجهة سعوديّة. كان أفضل تعبير عن هذه الرعاية الزيارة التي قام بها أخيرا لدمشق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع حزمة مساعدات حملها معه.

من الواضح أن سوريا، في عهد أحمد الشرع، تتطلع إلى علاقات واضحة مع دول العالم، بما في ذلك إسرائيل. لم يتردّد أحمد الشرع في التصريح لإحدى المجلات اليهودية (جويش جورنال) التي تصدر في نيويورك بأنّ “لدى سوريا وإسرائيل أعداء مشتركين وأنّه يمكن للبلدين لعب دور رئيسي على صعيد الأمن الإقليمي.” يمكن استغراب هذا الكلام كما يمكن اعتباره كلاما جريئا. لكن من المفيد التوقف عنده في وقت لا يزال لبنان يتلمّس طريقه.

لبنان منشغل بلعبة السلاح التي يريد “حزب الله” إغراقه فيها من خلال حملات يشنها على رئيس الحكومة نواف سلام. لا تقدّم مثل هذه الحملات ولا تؤخر، خصوصا إذا نظرنا إلى الاحتلال الإسرائيلي المتجدد من الزاوية التي لا مفرّ من النظر إليه عبرها… أي زاوية أن السلاح لم يأت سوى بالاحتلال تنفيذا لأغراض إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك.

هل يخرج لبنان من اللغة الخشبية في عالم جديد ومنطقة صارت مختلفة في ضوء خروج إيران من سوريا إلى غير رجعة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاح الحزب واللغة الخشبية… عدوا لبنان سلاح الحزب واللغة الخشبية… عدوا لبنان



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib