المصالحة الفلسطينيةوالخلفية المصرية

المصالحة الفلسطينية...والخلفية المصرية

المغرب اليوم -

المصالحة الفلسطينيةوالخلفية المصرية

بقلم : خيرالله خيرالله

المشهد محزن ومؤلم وجارح ومحبط في الوقت ذاته. يُختصر المشهد في إستغلال السيّد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، التي تمثّل تنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين، إجتماعه بالسيّد محمود عبّاس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية كي تطلق “حماس” عناصر “فتح” الموجودة في سجون قطاع غزّة.
هل “فتح” عدوّ كي تكون عناصر منها في السجون الحمساوية...أم أن الإستحواذ على السلطة والإحتفاظ بها يبرّران كلّ شيء، بما في ذلك تصرّف الفلسطيني تجاه الفلسطيني الآخر على الطريقة الإسرائيلية؟
يبدو أن “حماس” لم تعد تميّز نفسها عن إسرائيل منذ قرّرت الإستيلاء على قطاع غزّة منتصف العام ٢٠٠٧ ومنذ قرّرت الإحتفاظ به بصفة كونه “إمارة إسلامية” على الطريقة الطالبانية.
كذلك، يبدو المشهد الفلسطيني سورياليا. يلتقي “أبو مازن” مشعل في الدوحة على هامش زيارة ذات طابع عائلي قام بها رئيس السلطة الوطنية للعاصمة القطرية. يحصل اللقاء مع رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" فيصدر السيّد إسماعيل هنيّة رئيس الوزراء في الحكومة المقالة أمرا بإطلاق الأسرى من حركة "فتح".هؤلاء أسرى بكل معنى الكلمة وليسوا سجناء. إنهم ضحايا الشبق إلى السلطة والسعي إلى الإحتفاظ بها بغض النظر عن الثمن.
حسنا، تمّت قبل ما يزيد على إسبوعين مصالحة بين "فتح" و"حماس" خلال زيارة قام بها للقطاع قياديون من الحركة الفلسطينية الأمّ. إتفق الجانبان على تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون خمسة أسابيع، أي بعد أقلّ من ثلاثة أسابيع من الآن. إتفق الجانبان أيضا على إنتخابات رئاسية وتشريعية بعد ستة أشهر.
هل يمكن للإتفاق بين الجانبين تأجيل إعلان "حماس" لإفلاسها في ضوء سقوط مشروعها الفلسطيني بداية والمصري في نهاية المطاف؟
معيب أن تحاول "حماس" المتاجرة بالأسرى الفلسطينيين لإظهار أنّه لا تزال لديها أوراق تلعبها. ما هو معيب أكثر أن يعلن قياديون في الحركة، بينهم الدكتور محمود الزهّار، أن المصالحة لا تعني تخلي "حماس" عن الميليشيا التي تسيطر بواسطتها على غزّة. من يؤكّد إستقلال الميليشيا التابعة له عن القوى الشرعية الفلسطينية، إنّما لا يريد مصالحة حقيقية وفي العمق تنقل القضيّة الفلسطينية إلى مكان آخر بعيدا عن الشرخ القائم حاليا.
ما يريده من يتصرّف بهذه الطريقة هو كسب الوقت لا أكثر ولا أقلّ. الواضح أن "حماس" ما زالت تراهن على الوقت وعلى أن السلطة الوطنية في حاجة بدورها إلى الذهاب إلى مصالحة ما لتغطية الفشل السياسي مع إسرائيل، وهو فشل تسببت به حكومة بنيامين نتانياهو التي لا ترى في التسوية مصلحة إسرائيلية. تبدو حكومة نتانياهو  مستعدّة حتى لمواجهة مع الإدارة الأميركية لقطع الطريق على التسوية، أي تسوية تقوم على حدّ أدنى من المنطق والشرعية الدولية.
في خلفية المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية التطورات التي تشهدها مصر والتي ستكون لها أبعادها في المستقبل، خصوصا أن مصر لم تعد تربط القضية الفلسطينية بـ"حماس".
يتبيّن، من خلال الكلام الأخير للفريق عبدالفتّاح السيسي، المتوقّع أن يكون الرئيس المقبل لمصرن أنّ الرجل حزم أمره. في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، تبيّن أيضا أنّ السيسي يدرك تماما خطورة بقاء غزّة خارج السيطرة، سيطرة الشرعية الفلسطينية، وتمدّد فوضى السلاح السائدة فيها إلى سيناء. ولذلك، تحدّث المرشّح الأقوى للإنتخابات الرئاسية المصرية بشكل صريح عن أهمّية إغلاق الأنفاق التي جعلت من الغزّاويين فلسطينيين يعيشون من التهريب. هل هذا هو الشعب الفلسطيني الذي تحلم به "حماس"؟
لعلّ أخطر ما في كلام السيسي إعلانه أنّ الشعب المصري طوى صفحة الإخوان المسلمين. وإنتقل بعد ذلكللربط بين طيّ "ثورة الثلاثين من يونيو" حقبة الإخوان في مصر  والوضع في غزّة.
يظهر أن "حماس" فهمت الرسالة باكرا، فهمتها قبل المقابلة الأخيرة للسيسي. فهمتها مع الجهود الجدّية التي تبذلها المؤسسة العسكرية المصرية من أجل إغلاق أنفاق التهريب، التي هي في الواقع أنفاق تستخدم من أجل نشر الإرهاب في سيناء وصولا إلى كلّ منطقة مصرية، بما في ذلك القاهرة نفسها.
لن ينفع شراء الوقت "حماس" كثيرا. ستظلّ المصالحة من دون نتائج على الأرض في حال لم تتحرّك الحركة، التي نفّذت إنقلابا في غزة، بطريقة توحي بأنّها تمتلك ما يكفي من الشجاعة للإعتراف بأخطائها. يفترض بها أن تعترف أوّلا بأنّها مفلسة على كلّ صعيد، خصوصا بعدما كشفت مصر دورها السلبي في مجال نقل تجربتها إلى أرض الكنانة.
بعد الإنسحاب الإسرائيلي من القطاع صيف العام ٢٠٠٥، كانت هناك فرصة أمام الفلسطينيين كي يؤكّدوا أن في إستطاعتهم دحض الفكرة التي تستند إايها إسرائيل من أجل خوض مفاوضات جدّية مع الجانب الفلسطيني. تقوم الفكرة الإسرائيلية على عدم وجود "شريك فلسطيني" يمكن التفاوض معه. عملت "حماس"، التي باشرت بإطلاق الصواريخ من غزّة، على دعم الموقف الإسرائيلي. كانت تريد تحرير فلسطين بواسطة صواريخ مضحكة ـ مبكية في الوقت ذاته. بعد سنوات، إكتشفت أن هذه الصواريخ ليست نافعة وأنّه يمكن أن تجرّ إلى اجتياح آخر للقطاع المحاصر، على غرار ما حصل آخر العام ٢٠٠٨ وبداية العام ٢٠٠٩. بقدرة قادر، صار مطلوبا وقف الصواريخ التي إكتشفت "حماس" أنها تخدم الإحتلال!
يفترض في أي مصالحة فلسطينية أن لا تكون مجرّد عملية هروب إلى أمام تصبّ في شراء الوقت في إنتظار حصول تغيير في مصر لمصلحة الإخوان المسلمين. مثل هذا التغيير غير وارد، أقلّه في المستقبل المنظور. بات هناك فهم مصري في العمق لخطورة بقاء غزّة تحت سيطرة "حماس" وشعبها تحت الحصار الظالم الذي يصبّ في عملية تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني بشكل جذري.
لن يكون معنى لأيّ مصالحة فلسطينية ـ فلسطينية من دون إعتراف "حماس" بأنها أخطأت. معنى ذلك أن عليها إشهار إفلاسها علنا. في النهاية ليس لدى الإخوان المسلمين في القطاع ما يقدّمونه للشعب الفلسطيني غير تكريس الحصار الإسرائيلي الظالم من جهة وخدمة حكومة بنيامين نتانياهو من جهة أخرى. قلتقل "حماس" ماذا تريد قبل الإستمرار في المصالحة التي ليس إطلاق أسرى من "فتح" سوى دليل على مدى هشاشتها وكم هي مصطنعة...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة الفلسطينيةوالخلفية المصرية المصالحة الفلسطينيةوالخلفية المصرية



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib