الملك والإسلاميون والربيع العربي

الملك والإسلاميون والربيع العربي

المغرب اليوم -

الملك والإسلاميون والربيع العربي

توفيق بو عشرين

صور الملك محمد السادس وهو يجوب شوارع تونس وحاراتها، ويلتقط صورا مع مواطنيها بكل عفوية ودون بروتوكول ولا حراسة مشددة.. صور تعبر عن أن الجالس على العرش في المغرب يدعم تجربة التحول الديمقراطي في تونس
وأنه، على خلاف الملوك والرؤساء العرب، لا حساسية له إطلاقا من ثورات الربيع العربي، ولا ما أفرزته من دينامية تغيير واسعة في العالم العربي. كذلك خطابه أمام البرلمان التونسي، الذي سيبقى خطابا تاريخيا كأول ملك عربي يخطب وسط المجلس التأسيسي الذي أعقب الثورة التي أطاحت بالدكتاتور زين العابدين بنعلي. هذه الزيارة وما رافقها من إشارات ورسائل تحمل الكثير من الدلالات، ومنها:
أولا: قيام ملك المغرب بتمديد فترة زيارته لتونس، واصطحابه وفدا كبيرا من الوزراء والمسؤولين ورجال ونساء الأعمال لتوقيع عدد من الاتفاقيات مع نظرائهم التونسيين.. هذا معناه أن المغرب يدعم التحول الديمقراطي في تونس، ويبارك مسار التوافق بين كل أطراف المشهد التونسي، وهذا معناه، ثانيا، أن البلاد التي تدعم ثورة الياسمين لدى الجيران، فإنها، بالنتيجة، مازالت تدعم مسار الانخراط في التغيير الجاري داخلها، وأن ما نشهده في المغرب من ارتباك داخلي وتراجعات عن المكتسبات ما هو إلا انحرافات أشخاص ومقاومة لوبيات، وليس توجها عاما من المؤسسة الملكية.
ثانيا: زيارة الملك لتونس، ودعمه لتجربتها السياسية التي يراقب العالم كله نجاحها، يعنيان أن المغرب يحرم الجارة الجزائر من ورقة استقطاب الدولة الصغيرة في المغرب العربي إلى سياسة عداء المغرب، التي تقودها الجزائر بلا هوادة، وتصرف عليها المليارات بلا تخطيط ولا تفكير عقلاني. إن تقارب المغرب وتونس يعزل الجزائر أكثر مما هي معزولة اليوم بفعل أزمتها الداخلية العميقة، التي وصلت إلى حد جرح الكبرياء الجزائري بإعادة انتخاب رجل مريض فوق أربع عجلات، لا يقوى على فتح فمه، فكيف سيدير الررئيس البلاد من غرفة الإنعاش... التركيز على ضرورة إحياء الاتحاد المغاربي من تونس يزعج الجزائر كثيرا، ويكشف عجزها عن فهم ضرورات المستقبل، وحجم التغييرات التي وقعت في العالم والمنطقة المغاربية.
ثالثا: توجه الملك إلى البرلمان التونسي لإلقاء خطاب أمام أعضائه، الذين يشكل إسلاميو النهضة 40% منهم، وجلوس زعيمهم راشد الغنوشي في الصف الأول، إلى جانب الرئيس المنصف المرزوقي، للاستماع إلى خطاب الملك، معناه أن المؤسسة الملكية في المغرب تشجع على إدماج المكون «الإسلامي» في الحياة السياسية العربية كما المغربية، وأن المرونة التي أبدتها النهضة، عندما تخلت عن السلطة رغم فوزها في الانتخابات لصالح حكومة تقنوقراط، والبرغماتية التي يتعامل بها الغنوشي وإخوانه مع الوضع المعقد، والانفتاح الفكري والإيديولوجي الذي عبروا عنه بمناسبة كتابة الدستور الجديد.. كل هذا يستحقون عليه التشجيع مع باقي المكونات لعبور مرحلة الخطر، وبناء نموذج ناجح للانتقال الديمقراطي الذي لم تستطع أي دولة عربية، إلى الآن، ربح رهانه.
إن اقتراب المغرب من تونس مفيد للطرفين، خاصة في أجواء عربية متوترة، أصبحت فيها الحرب على ثورات الربيع العربي هي أولوية الأولويات وأم المعارك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملك والإسلاميون والربيع العربي الملك والإسلاميون والربيع العربي



GMT 20:43 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

سكوت الصَّوت الأحب

GMT 20:41 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

تعديل لن “يشيل الزير من البير”

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

أوباما وترمب... «جيب الدفاتر»!

GMT 20:37 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

إسرائيل المنتصرة/المهزومة

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

إسرائيل... تفاوض جاد أو عزلة دولية

GMT 20:34 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

كذبٌ يطيل أمد الحرب

GMT 20:32 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

واحد شاي مغربي

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 19:22 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ فى دوريات أوروبا

GMT 12:31 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت26-9-2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib