إنسان ناعم في مجتمع خشن
التقييم الاستخباراتي الأولي يشير إلى أن الضربات على إيران لم تدمّر المواقع النووية وزير الصحة الإيراني يعلن ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 606 قتلى معظمهم من المدنيين منذ بدء الهجمات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدعو العالم للعودة إلى الدبلوماسية واعتماد لغة الحوار بدل الحلول العسكرية لمنع الانزلاق نحو الفوضى الرئيس الإيراني يُعلن انتهاء الحرب بعد اثني عشر يوما ويؤكد أن العدو الصهيوني تلقى ضربات موجعة وسط تعتيم إعلامي على خسائره الرئاسة الفلسطينية تُطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة بالتزامن مع هدنة إيران وإسرائيل ترامب يطلب من نتانياهو الإنسحاب من قطاع غزة وجنوب لبنان ترامب يبدي عدم رضاه على إسرائيل ويقول لن تهاجم إيران مرة أخرى رئيس الوزراء القطري ينجح في الحصزل على مواقفة إيران على وقف الحرب مع إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية تسقطت طائرة إسرائيلية مسيّرة من طراز "هيرمز" أثناء تحليقها في أجواء العاصمة طهران مسؤول عسكري أميركي لـ"الجزيرة": لا نستبعد هجمات إيرانية إضافية على قواعدنا؛ لأننا هاجمنا 3 من منشآتهم ولم يهاجموا سوى قاعدة واحدة لنا حتى الآن
أخر الأخبار

إنسان ناعم في مجتمع خشن

المغرب اليوم -

إنسان ناعم في مجتمع خشن

توفيق بو عشرين

اخترت في هذا اليوم، الذي يصادف العيد العالمي للمرأة (8 مارس)، أن أتحدث عن جزء من معاناة هذا الإنسان الناعم في مجتمع خشن. اخترت أن أسلط الضوء على ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء في الشارع والمدرسة والمعمل والشركة والإدارة والحافلة والهاتف والفايسبوك، وحتى داخل البيوت والأسر أحيانا. للأسف، قلة قليلة من النساء اللواتي يرفعن اليوم الصوت ضد هذه الظلم الاجتماعي، وضد هذه الجريمة التي تدمر نفوس الكثيرات، وأحيانا تصيبهن بجروح لا تمحى آثارها من العقول والقلوب… حتى إن نساء كثيرات بدأن يطبعن مع هذه الظاهرة، ويتعايشن معها، وبعضهن يحولن الضحية إلى مجرمة، فيلقين بالمسؤولية على المرأة التي لا تحترم ضوابط معينة في اللباس، والمرأة التي تغري الرجال بفتنتها! وهذا ما يسمى: إدانة الضحية لنفسها عندما تصبح عاجزة عن رد حقها وضمان اعتبارها، فتلوم نفسها على جرم لم ترتكبه.
 قبل ثلاثين سنة، كانت النساء في المغرب يلبسن أكثر تحررا من اليوم، وكان عدد المحجبات أقل مما هو الآن بكثير، وكانت مظاهر التدين أقل، وكان الوعظ والإرشاد أقل، لكن التحرش الجنسي ضد النساء لم يكن بهذه الدرجة من الشراسة والاتساع والتواطؤ، كما هو عليه اليوم. كيف نكون أكثر تدينا وأكثر انحرافا في الوقت ذاته؟  
ظني أن اتساع التحرش بالنساء كـ«سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق جسديا أو نفسيا المرأة ويعطيها إحساسا بعدم الأمان»، في مجتمعنا يرجع إلى ثلاثة عوامل غير التفسير الكلاسيكي للتحرش باعتباره انحرافا أخلاقيا فرديا وقلة تربية من شخص غير سوي.
أولا: تؤكد الدراسات النفسية أن الجرائم الجنسية لا ترتكب دائما بغرض إشباع الشهوة، فالتحرش الجنسي، مثلا، كثيرا ما يرتكبه الرجال كوسيلة للانتقام من المجتمع، أو للتنفيس عن الغضب أو الإحباط أو الإحساس بالدونية لدى المتحرش، فتصير المرأة في الشارع أو في البيت هي المتنفس أمام هذا الذكر المحبط واليائس، وبعدها يصير الأمر شبيها بالإدمان الذي يعطي صاحبه وهم أنه ناشط جنسي أكثر من غيره، وفحل أكثر من الآخرين، وله مواهب خاصة في اصطياد البنات، أو بالأحرى في الاعتداء عليهن.
ثانيا: إن انتشار الأفلام الإباحية وسهولة الوصول إلى مادتها، بسبب الأنترنت وتكنولوجيا الاتصالات، يخلف أضرارا كبيرة على نفسيات الشباب وسلوكهم تجاه المرأة… ضرر انتشار المواد الإباحية على الشباب لا يقف عند إثارة الغرائز، وجعل الجنس بضاعة بدون إحساس ودون مشاعر. أكثر من هذا، المادة الإباحية وصناعة البورنوغرافيا ترفع الاحترام عن العلاقات الجنسية، وتجعل من جسم المرأة بضاعة يمكن أن تمتد إليها يد الرجل بسهولة حتى دون إحساس بالطابع الجرمي للتحرش، مادامت عقول الشباب مملوءة بالجنس الإباحي المحيط بهم، ومادام المجتمع يتسامح مع المتحرش، بل ويلتمس له العذر أحيانا كثيرة، فإن التحرش يصبح جريمة آمنة من كل عقاب.
ثالثا: انتشار القراءة السلفية والوهابية المنغلقة للدين الإسلامي في المغرب نتيجة اتساع قاعدة السلفيين بالمملكة، ونتيجة انتشار القنوات الدينية والمواقع الممولة من الخليج، هذه القراءة الحرفية للدين بعقلية بدوية لها مشاكل كبيرة مع المرأة، فهي لا ترى للنساء من دور إلا كونهن أداة متعة، أو مصدر غواية، أو آلة لإنتاج الأطفال، أو خادمات في البيت، ولهذا يكبر الشاب في جو ثقافي و«ديني» لا يعطي قيمة للمرأة، ولا يستحضر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم معها في البيت والمسجد، وفي السلم والحرب، وفي أمور الدين والدنيا. يكبر شبابنا اليوم في وسط لا يكن احتراما عميقا للمرأة، ومن ثم تدفعه هذه النظرة الذكورية المغلفة بغشاء ديني إلى استسهال الاعتداء الجنسي عليها مادامت أقل إنسانية من الذكر، ونظرا إلى أن التمييز ضدها ليس مجرما قانونا ولا عرفا ولا ثقافة.. تمنع السلطات في السعودية المرأة من السياقة ليس خوفا عليها من السيارات الأمريكية والكورية والألمانية.. لكن لتمنع المرأة من الحركة والعمل والتنقل والاندماج، ومن ثمة احتمال أن تخرج عن سيطرة الرجل وتحكمه بها وبمصيرها، وللأسف، السلطات السعودية تساير المؤسسة الدينية هناك، بل وتشجعها على تصدير هذا النموذج إلى البلدان العربية الأخرى. هذه المؤسسة الوهابية هي نفسها التي تصدر إلى المغرب الدعاة والكتب والأشرطة والقنوات الدينية والفتاوى المعلبة التي يروجها هذا الفكر الذي أصبحت له علامات بارزة في الثقافة الدينية والواقع المغربيين. الفكر الوهابي يخاصم المغاربة مع نمط تدينهم البسيط والعميق في الوقت نفسه، فالتدين السلفي المنغلق يفصل المظاهر عن الجوهر، والمقاصد عن النص، والإنسان عن الواقع، ولهذا يتناقض هذا الفكر مع المدرسة المغربية في التدين التي تربط الدين بالمعاملات، والشعائر بالقيم، والطقوس بالأخلاق، والإنسان بالبيئة، وفي الأخير تردد هذه المدرسة الحديث النبوي الشريف: «الدين المعاملة».
هذا ورش كبير مفتوح لإنصاف المرأة في مجتمعنا، والبداية من القانون، والنهاية بالتربية والتوعية والتأهيل والتحسيس في المدرسة والتلفزة والأنترنت. لا أعرف ما السبب الذي جعل الحكومة تجمد مشروع قانون مناهضة العنف ضد النساء، الذي سيساعد على تطوير منظومة حماية المرأة في مجتمعنا، خاصة إذا تبعته شرطة خاصة ومؤهلة لملاحقة المتحرشين وأعداء الجنس الناعم في المجتمع الخشن.. ستكون «سبة» في وجه الحقاوي إذا غادرت منصبها دون أن يرى هذا القانون النور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنسان ناعم في مجتمع خشن إنسان ناعم في مجتمع خشن



GMT 01:28 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

كلمات «جعلوكة»

GMT 01:27 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغلاق هرمز أخطرُ على العراق والصّين

GMT 01:26 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

أمن الخليج خط أحمر

GMT 01:25 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

التدخل الأميركي: نظام أمني جديد أم مزيد من الفوضى؟

GMT 01:23 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

المواجهة... أسئلة تبحث عن إجابات!

GMT 00:58 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

العروبة الجديدة مجددًا!

GMT 00:57 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

البابا يلتقي آل باتشينو!!

GMT 00:56 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغماءات الثانوية العامة

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:51 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

منظمة التعاون الإسلامي تشيد بالملك
المغرب اليوم - منظمة التعاون الإسلامي تشيد بالملك

GMT 20:21 2015 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

لاعبة جمباز ماليزية تحصد لبلادها 6 ميداليات ذهبية

GMT 02:42 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف عن موافقتها دخول بناتها الفن

GMT 04:21 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان طارق لطفي يكشف عن سر أدائه للبطولات المطلقة

GMT 21:25 2015 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

منال موسى بإطلالة ساحرة في مهرجان دبي السينمائي

GMT 13:21 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

طريقة عمل الستيك

GMT 08:25 2021 الخميس ,02 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يفوز على فلسطين برباعية في كأس العرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib