مولاي عبد الله كما عرفته
وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة ترامب يعلن مقاطعة قمة العشرين في جنوب إفريقيا بسبب ما وصفه بسوء معاملة المزارعين البيض ويؤكد استضافة قمة 2026 في ميامي اليونيفيل تؤكد أن استمرار الغارات الإسرائيلية يعرقل جهود التهدئة جنوب لبنان وتحذر من تداعيات التصعيد العسكري على الأمن الإقليمي عشرات الفلسطينيين يُصابون بالاختناق جراء استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للغاز السام في قرية سالم شرق نابلس شرطة لندن تحقق مع الأمير أندرو وزوجته السابقة سارة فيرجسون بتهم سوء السلوك المالي وقد يواجهان مغادرة المملكة المتحدة والسجن غارة إسرائيلية على جنوب لبنان توقع قتيلاً وأربعة جرحى مصر تعلن عن كشف غاز جديد في الصحراء الغربية امرأة تتعرض للطعن في هجوم غامض بوسط برمنغهام تعطل طائرة وزير الخارجية الألماني يجبره على تعديل رحلته إلى قمة الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية وزارة الصحة اللبنانية تعلن إرتفاع حصيلة الإصابات في استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين بمدينة بنت جبيل في جنوب البلاد إلى 7 أشخاص
أخر الأخبار

مولاي عبد الله كما عرفته

المغرب اليوم -

مولاي عبد الله كما عرفته

بقلم ـ توفيق بو عشرين

مات مولاي عبدالله إبراهيم منذ 12 سنة، لكن سيرته لم تمت، وبصماته في العقل الأخلاقي والسياسي للمغرب لم تنمح، وصفحته في كتاب الحركة الوطنية لم يعلها الغبار. أما رحلته القصيرة في رئاسة الحكومة، فمازلت شاهدة على الأمل المغربي في النهوض واللحاق بركب التقدم.

يوم السبت الماضي اجتمع السياسي والمثقف والمؤرخ والوزير والطالب والداعية بدعوة من المؤسسة التي تحمل اسم مولاي عبدالله إبراهيم، ليتذكر الجميع سيرة هذا الرجل العصامي، الذي أعطى دون أن يأخذ، والذي ظل صامدا وسط الإعصار زمن الاستعمار وزمن الاستقلال، فما لاَنَ ولا هان ولا باع ولا اشترى… عرفت الرجل الكبير في مقاعد الدراسة، حيث أمضينا في رحابه سنة بقيت موشومة في الذاكرة، ليس فقط، بعلمه وسعة اطلاعه وثقافته وخبرته بتاريخ المغرب، بل، وكذلك، بأخلاقه الرفيعة، حيث كان أول من يلتحق بقاعة الدرس في جامعة محمد الخامس بالرباط، وآخر من يخرج من المدرج بعد أن يكون قد أجاب عن كل الأسئلة، التي تؤرق الطلاب حول تاريخ المغرب الحديث والقديم.

كان أستاذا يتحدث في علم السياسة دون أن ينزلق إلى الحديث في السياسة. كان يضع على نفسه قيدا أخلاقيا وبيداغوجيا بأن لا يتخذ من سلطة الأستاذ الجامعي وسيلة لتمرير رأي مناضل أو معارض. كان يقيم الفرق بين الاثنين، ولكن وأمام إلحاح فوج كامل كان يدرس عنده في أواخر التسعينيات في أقسام دبلوم الدراسات العليا قبل أن يفتح لنا بيته لنتحدث في السياسة، بعيدا عن رحاب الجامعة، وحتى هنا لم يكن (تبشيريا) ولا (تعبويا) ولا (تحريضيا)، كان مثقفا كبيرا وسياسيا من درجة رجال الدولة الذين لا يرون لا قريبا ولا بعيدا، بل يرون عميقا…

من خلال معرفتي بمولاي عبدالله إبراهيم طالبا وصحفيا، يمكن أن أدلي بشهادة كنت أنوي المشاركة بها في لقاء مراكش، لولا سفر خارج المغرب امتد أكثر مما كان مخططا له… أولا: عبدالله إبراهيم لسان بلا عيب، وعقل بلا قيد، وثقافة بلا حدود، وانفتاح بلا قيود… تحت كل وصف من هذه الأوصاف يمكن للمرء أن يكتب فصلا كاملا من سيرة الرجل، لكن سأقتصر على خصلة واحدة من خصال الرجل الحميدة، لم يكن عبدالله إبراهيم وطيلة ساعات وهو يحكي عن الموامرات التي تعرض لها حزبه، ثم حكومته، ثم سمعته، فنقابته…

طيلة زمن الحكي لا يمكنك أن تسمع ولو كلمة عيب واحدة في حق أحد، ولا شتيمة، ولا حتى تعريض بأشخاص حاربوا مولاي عبدالله بلا هوادة، كل ما تسمع من الرجل (أفكار، تحاليل، رؤية، وحتى شكاوى من الأوضاع) كان نقدا للسياسات لا للأشخاص. إذ كان لا يذكر الحسن الثاني ورضى اكديرة مثلا، إلا وأردف (رحمهما الله).

مرة، وبنزق الشباب حملت له عددا من جريدة (les phares) التي كان يصدرها رضى اكديرة، وعليها صورة مركبة لمولاي عبدالله إبراهيم، وهو يبتسم، لكن يديه تقطران دما، وتحت هذه الصورة المركبة كُتب عنوان: «لا تنظروا إلى ابتسامته، ولكن انظروا إلى يديه»… ابتسم لما عرضت عليه الصورة وقال، لا تشغل نفسك بهذه الأشياء، الأشخاص عابرون والوطن باق، والسؤال هو أي وطن سنتركه للأجيال القادمة؟…

ثانيا: دخل مولاي عبدالله إبراهيم في عزلة سياسية كبيرة بعد إجهاض حكومته، وبعد القمع الذي سلط على حزبه، وبعد الاختلافات العميقة التي اخترقت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، وبعد أن اتضح له أن نظام الحكم آنذاك، لم يكن في نيته إطلاقا بناء دولة ديمقراطية حديثة في خدمة الشعب، وهذا كان واضحا منذ اليوم الذي استقبل فيه الراحل محمد الخامس مولاي عبدالله إبراهيم ليخبره بقرار إعفائه من الحكومة، حيث لم يجرؤ السلطان، الذي عرف بدماثة أخلاقه، على رفع عينيه في مولاي عبدالله إبراهيم كما حكى لي شخصيا، إذ لم يكن بطل التحرير مقتنعا برحيل رئيس حكومته نظرا للإنجازات الكثيرة التي قام بها في وقت وجيز خاصة، ووزارة المالية التي كانت عند شاب لامع اسمه عبدالرحيم بوعبيد…

اعتزل مولاي عبدالله إبراهيم بورصة الانتخابات لسبب واحد هو أنه لم يكن مقتنعا بالتفاوض حول جرعة الديمقراطية، ودرجة العدالة الاجتماعية، ومستوى بناء الدولة الحديثة، ومقدار شرعية الوثيقة الدستورية، كان ملكيا ولم يكن مخزنيا، كان مرنا في الوسائل صلبا في الأهداف، ولهذا عندما بدا له أن الأمور تتجه نحو تمييع السياسة والانتخابات والاستفتاءات، رجع إلى الوراء وظل حكيما يقول كلمته ويمشي…

ثالثا: عبدالله إبراهيم جسد مثالا نادرا على زواج الثقافة بالسياسة، والنضال بالمعرفة، والوزارة بالأدب، والحركة بالتأليف والكتابة… كم من سياسي اليوم، يستطيع أن يكتب مقدمة لكتاب أدبي، وكم من سياسي يستطيع أن يكتب قصيدة بالفرنسية، وكتابا بالعربية، ومؤلفا في الدين والفكر والفلسفة والتاريخ…

إنه جيل انقضى وجاء بعده جيل لم يرث غير أعطاب المشهد السياسي المغربي، بكل فقره المادي والروحي، وبكل صفقات (اعطيني نعطيك)، التي حولت السياسة إلى «بازار» تركي، كل شيء فيه قابل للمساومة والمزايدة و(اللي غفل طارت عينه).

هذا هو عبدالله إبراهيم في صوفيته وصلابته وعفة نفسه ولباقة عبارته، يوم التقى مع الملك محمد السادس قال له جملة واحدة تشكل برنامجا كاملا لعهد جديد، دون ثرثرة، قال الحكيم عبدالله إبراهيم للملك الشاب: «اتخذ من جدك قدوة لا من أبيك». رحم الله الجميع..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مولاي عبد الله كما عرفته مولاي عبد الله كما عرفته



GMT 19:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إذ الظلم أفضل

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نواب يتكسبون من “العفو العام”

GMT 19:28 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف الخلقُ ينظرون جميعاً إلى مصر

GMT 19:24 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

كيم كارداشيان و«الغباء» الاصطناعي

GMT 19:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا ــ ممداني... زمن الإشارات الحمراء

GMT 19:16 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

GMT 19:14 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة المنطقة المحظورة في التاريخ

GMT 19:12 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الرفيع بين الفخر والتفاخر

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 11:32 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مطاعم إندونيسية تستقطب السياح بأكلات سعودية

GMT 15:54 2013 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

أثاث يشبه عش الطائر يكفي 3 أشخاص للنوم

GMT 00:00 2015 الأحد ,14 حزيران / يونيو

طريقة عمل اللبنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib