هولاكو العصر الحديث

هولاكو العصر الحديث

المغرب اليوم -

هولاكو العصر الحديث

توفيق بو عشرين

خرج التتار والمغول من كتب التاريخ، ودخلوا إلى شاشات التلفزة والنقل الحي.. نتنياهو هو هولاكو العصر الحديث، وإسرائيل اليوم تكتب تاريخا جديدا للهمجية وجرائم الحرب والإبادة العنصرية...

شهر كامل من القصف العشوائي لـ1.8 مليون فلسطيني محاصرين في علبة صغيرة اسمها غزة، لها بابان؛ الأول إلى فلسطين، وقد أصبحت إسرائيل، وهو باب مسدود بإحكام، والثاني يطل على مصر، التي تحولت إلى مملكة للسيسي، لا ترى في فلسطين والقضية والإنسان إلا ثأرا قديما مع حماس جاء الوقت لتصفيته.

العالم يتفرج على الإبادة الجماعية، والتلفزيونات تنقل صور عويل الأطفال، وصراخ الأمهات، ورعب الإنسان وقد سلب أرضه وحريته وكرامته، وعندما نهض يدافع عن نفسه، بما وجد من صواريخ بدائية ومقاومة باسلة، أصبح إرهابيا يجب نزع أظافره حتى تستطيع إسرائيل أن تقتل من تشاء وكيفما تشاء ومتى تشاء دون أن يتعرض جنودها لأي خدش أو خطر...

غزة اليوم بشهدائها الذين قاربوا الألفين، وجرحاها الذين تجاوزوا 10000، ورعب أبنائها الذي فاق كل خيال، تعري ضمير الإنسانية كلها، التي تتفرج على المذبحة، وتحاول أن تجد للمجرم كل ظروف التخفيف، وعندما تعجز عن تبرير الإبادة تبحث للضحية عن تهمة... لماذا رفضت حماس هدنة السيسي؟ ببساطة لأنها هدنة تعطي المجرم بالسلم ما لم يستطع أخذه بالحرب... القتل المستمر اليوم في غزة قتل فظيع لكنه سريع، أما القتل الآخر الذي يتسبب فيه الحصار فهو قتل بطيء، وهو أفظع، وكلفته بالنسبة إلى المجرم أقل، لهذا رفضت المقاومة شروط نتنياهو المذلة...لهذا يصمد الناس تحت القصف وهم ملتفون حول بندقية المقاومة إما إلى القبر فالشهادة وإما إلى فك الحصار في انتظار الاستقلال.

هل يعقل أن يعيش 1.8 مليون إنسان محاصرين في مربع صغير، يأكلون مما يتسرب من الأنفاق كأنهم جرذان...

ما يجري في غزة لن يبقى في حدودها. صمت العالم على جرائم إسرائيل، لأنه يخاف لوبياتها السياسية والاقتصادية والإعلامية في أوربا وأمريكا، لن يمر بدون ثمن... والثمن هو سقوط حرمة القانون الدولي وقدسية الدم وشرف الإنسان. من سيجرؤ غدا أن يرفع صوته في وجه فظاعات البغدادي وجرائم داعش؟ هل ستصل «الدولة الإسلامية» إلى بربرية إسرائيل التي تقصف شعبا بالصواريخ من السماء لأنه تجرأ وطلب حقوقه؟ إن المنطقة ستغرق أكثر فأكثر في دماء بلا حصر وفي فظاعات بلا حدود... عندما تصير الدول والقوى الكبرى والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي من داعمي الإرهاب، وممن يوفرون غطاء لإبادة الإنسانية، فكيف يطلبون من البغدادي أو الظواهري أو الملا عمر أن يحترم القانون الدولي الإنساني، وأن يخوض حربا نظيفة... لا صوت سيعلو على صوت هولاكو، والعرب لم يعودوا حتى ظاهرة صوتية، بل صاروا أمة تتقن الصمت بعدة لغات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هولاكو العصر الحديث هولاكو العصر الحديث



GMT 00:10 2025 الأحد ,22 حزيران / يونيو

المنطقة والحرب وسأم التاريخ

GMT 00:01 2025 الأحد ,22 حزيران / يونيو

إيران وإسرائيل... نزاع وبنك أهداف يتوسع

GMT 23:53 2025 الأحد ,22 حزيران / يونيو

من بلفور إلى ترمب

GMT 23:51 2025 الأحد ,22 حزيران / يونيو

لا حياد في العدوان.. صواريخ تفرح القلوب

GMT 23:46 2025 الأحد ,22 حزيران / يونيو

معنى تفكيك برنامج إيران الصاروخى

GMT 15:41 2025 السبت ,21 حزيران / يونيو

اعتذار متأخر من «مادلين»

GMT 15:39 2025 السبت ,21 حزيران / يونيو

عبدالله الثاني ورفض الاستسلام للقوّة

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:22 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبير الأنصاري ترصد عيوب أزياء النجمات في مهرجان دبي

GMT 22:33 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمال بوكير بنت المنطقة الجبلية تدخل قبة البرلمان

GMT 12:41 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

فتاة أردنية تبتكر طريقة رائعة لاستقبال العام الجديد

GMT 12:07 2012 الخميس ,13 أيلول / سبتمبر

الموسيقى الكلاسيكية و الفنون في براغ البوهيمية

GMT 19:18 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

المصابون في فاجعة الصويرة يغادرون المستشفى بعد العلاج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib