قراءة في نتائج الانتخابات المهنية

قراءة في نتائج الانتخابات المهنية

المغرب اليوم -

قراءة في نتائج الانتخابات المهنية

توفيق بوعشرين

نتائج الانتخابات المهنية التي أُعلنت يوم الجمعة الماضي ما هي إلا حصة تدريبية استعدادا لانتخابات الرابع من شتنبر التي ستكون بدورها مقدمة لانتخابات 2016، حيث الاختبار الكبير للنموذج المغربي. المعارضة حصلت على نتائج إيجابية في هذه الجولة الأولى، حيث فازت بـ47٪ من مجموع المقاعد، متقدمة على أحزاب الأغلبية التي حصلت على 38٪ فقط، وفي وسط هذه النتائج حافظ حزب الأصالة والمعاصرة على مواقعه المكتسبة من سنة 2009، حيث استطاع آنذاك أن يستقطب عددا كبيرا من الأعيان وأصحاب المصالح والناخبين الكبار، وذلك للأسباب المعروفة. حزب العدالة والتنمية، كما في انتخابات المأجورين، حسن من موقعه لكنه ظل في المرتبة الخامسة، وهنا لا بد من إبداء جملة من الملاحظات على هذا الطبق الأولي من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة:

أولا: الانتخابات المهنية الخاصة بالتجار والحرفيين والصيادين الكبار انتخابات بدون رهانات سياسية كبيرة، وهي منازلات بين أصحاب المصالح والامتيازات تستدعى لها الأحزاب السياسية لتساهم بإضفاء «غطاء حزبي» عليها، فيما هي في مجملها معارك شخصية وصراع لوبيات، لا برنامج ولا رؤية خلفها، لهذا يجب ألا تحمل أكثر مما تحتمل من الناحية السياسية، ومن ناحية اتجاهات الرأي العام في الاستحقاقات المقبلة، كما ذهبت إلى ذلك بعض الآراء «المخدومة» التي وزعتها وكالة الأنباء الرسمية يوم أمس تحت غطاء الأكاديمية المفترى عليها، ورأت أن «نتائج الانتخابات تحمل إرادة لمعاقبة الحكومة والحزب الذي يقودها».

ثانيا: السلوك الانتخابي في هذا النوع من الهيئات كان دائما مطبوعا بحس برغماتي، حيث يتوجه المرشحون والناخبون نحو الأحزاب القريبة من السلطة أو من الحكومة، والتي يعتقدون أنها ستخدم مصالحهم وستسير أعمالهم، وستمنحهم هدايا ضريبية أو جمركية، أو دعما لقطاعات صناعية وتجارية وخدماتية كانت دائما تعيش على ريع الدولة، ولهذا، فإن حصول حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الأولى بـ408 مقاعد في مقابل حصول العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، على المرتبة الخامسة، يعني أن الفئة الناخبة في الغرف المهنية تعرف جيدا أين توجد السلطة الحقيقية، أو على الأقل تعرف أن «البي جي دي» حزب عابر في الحكومة، وأن مصالحها وامتيازاتها غير مضمونة معه، لهذا، فإنها تراهن على الأحزاب التي ترى أنها الأقدر على إعطائها مغانم ومكاسب وهدايا. 

ثالثا: تظهر نتائج الانتخابات المهنية، كما الانتخابات النقابية، تقدما طفيفا لحزب العدالة والتنمية.. تقدم لا يوازي حجم الحزب السياسي وإشعاعه الإعلامي، وهذا الضعف في دخول الدوائر الانتخابية المغلقة مرده إلى غياب آلة انتخابية فعالة للحزب. مازال المصباح مثل تاجر يجلس في دكانه والزبائن هم من يقصدونه ويطرقون بابه، أما هو فلا يذهب إليهم ولا يدق أبواب بيوتهم. مازال الحزب يحصد أصوات الطبقة الوسطى المسيّسة نسبيا، ولم يصل إلى إقناع الناخبين الكبار بالتصويت له. وإذا لم يكن يوزع الريع على أصحاب المصالح، فعليه أن يوزع برنامج النهوض الاقتصادي والمنافسة الحرة وإصلاح الإدارة والقضاء على الرشوة، ودفع هؤلاء إلى الثقة في هذا البرنامج، فالتاجر والصناعي والصياد يمكن أن يربحوا مع المنافسة الشريفة والشفافية ودولة القانون أكثر مما يربحون مع الرشوة والريع واستعمال النفوذ في الحقل الاقتصادي، لكن الحزب الإسلامي إلى الآن لم يوفق في ابتكار هذه الصيغة، لهذا يذهب أصحاب المصالح إلى الذي يعرفونه مفضلين إياه على الذين لا يعرفونهم.

في كل الأحوال، تظهر نتائج الانتخابات المهنية أن مسلسل الإصلاحات الديمقراطية مازالت أمامه أشواط كبيرة، وأن تغلغل البنية السلطوية في جلد المؤسسات والهيئات يحتاج إلى عمل دؤوب وصبر كبير وقوانين جديدة وإرادة فولاذية من أجل فتح هيكل الانتخابات على روح الديمقراطية، فلا جسد بدون روح ولا شكل بدون معنى. 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في نتائج الانتخابات المهنية قراءة في نتائج الانتخابات المهنية



GMT 17:42 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قمامة من؟

GMT 17:39 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«القاعدة» في اليمن... ليست راقدة!

GMT 17:36 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف اخترق ممداني السَّدين؟

GMT 17:34 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

لحظة ساداتية لبنانية ضد الهلاك

GMT 17:30 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جريمة أستاذ الجامعة

GMT 17:12 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (2)

GMT 17:10 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أخطأ ياسر ولكنه لم ينافق!!

GMT 16:54 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الفتنة الكبرى!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 01:12 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
المغرب اليوم - ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib