فرنسا تسابق الزمن في منطقة الساحل

فرنسا تسابق الزمن في منطقة الساحل

المغرب اليوم -

فرنسا تسابق الزمن في منطقة الساحل

بقلم - ادريس الكنبوري

الإخفاق في الحصول على الدعم يفسر عودة ماكرون إلى المنطقة لمحاولة إقناع بلدان الساحل بأن المشكلة ليست في المال بل في ضرورة التعجيل بتفعيل القوة المشتركة.

يسابق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الزمن من أجل إثبات قدرة باريس على الحسم مع الجماعات الإرهابية المسلحة في الساحل الأفريقي، لكن الصعوبات التي تعترض السياسة الفرنسية في المنطقة لا توازيها سوى صلابة الواقع الذي يزداد تعقيدا منذ بداية الأزمة في مالي عام 2012، وبالأخص منذ اتفاقية الجزائر عام 2015 بين حكومة باماكو والجماعات المسلحة من أجل إنهاء القتال وإحلال السلام.

وخلال زيارته إلى النيجر نهاية الأسبوع، البلد الذي يعيش مواجهة يومية مع الجماعات المسلحة وبخاصة بوكو حرام وإكراهات الجوار مع ليبيا، ألح ماكرون على أهمية تسجيل طفرة نوعية في محاربة المسلحين بداية من العام المقبل، وأكد عزم بلاده على زيادة انخراطها في المنطقة، معتبرا أن الحرب على الإرهاب في الساحل ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى باريس. لكنه قال في نفس الوقت إن الحرب على الإرهاب في المنطقة لم تحقق انتصارا، وهو ما يعني في أنظار المراقبين أن السياسة الأمنية التي تقودها فرنسا هناك تعاني من مشكلات مترابطة تحول دون إتمام أهدافها.

وعوّلت فرنسا كثيرا على إطلاق دينامية جديدة خلال القمة التي جمعت بلدان الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين إلى البلدان الأفريقية الخمس المشكّلة لما يسمى “مجموعة دول الساحل الخمس”، وهي بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، التي عقدت قرب باريس قبل نحو أسبوعين، إذ راهن ماكرون على تحقيق انتصارات في الفصل الأول من عام 2018، من خلال إقناع شركائه في الاتحاد الأوروبي وخارجه بالانخراط أكثر وتقديم الدعم المالي الذي وُعدت به باريس بهدف تفعيل القوة العسكرية المشتركة في المنطقة.

بيد أن القمة خيّبت آمال باريس في الحصول على الدعم المالي المطلوب، بل حتى في ما يتعلق بالغطاء السياسي لمشروع القوة المشتركة، بحيث لوحظ ضعف التمثيلية الأوروبية في القمة. فمن أصل 423 مليون يورو كميزانية مقررة لتحريك تلك القوة المشتركة، لم تدفع الدول المانحة سوى 250 مليون يورو، كان نصيب بلدان الاتحاد الأوروبي منها 50 مليونا فقط. أما الولايات المتحدة التي كانت قد تعهدت بدفع مبلغ 50 مليون يورو، فهي لا تزال متحفّظة حيال المساهمة في دعم تلك القوة العسكرية الإقليمية، التي عارضتها إلى جانب بريطانيا في يوليو الماضي أثناء التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2359 الذي وافق بمقتضاه المجلس على نشر قوات دول الساحل الخمس (بوركينا فاسو، موريتانيا، مالي، النيجر وتشاد) في منطقة الساحل لمدة عام واحد. ويفسر هذا الإخفاق في الحصول على الدعم الكافي عودة ماكرون إلى المنطقة بعد أقل من أسبوعين لمحاولة إقناع بلدان الساحل بضرورة الرفع من مستوى التنسيق الميداني والتأكيد على أن “المشكلة ليست في المال بل في ضرورة التعجيل بتفعيل القوة المشتركة”.

ويسعى ماكرون من خلال الدفع بهذه القوة العسكرية إلى إنجاز هدفين، الأول هو تقليص الكلفة المالية واللوجيستية التي تتطلبها عملية “بارخان” التي تقودها فرنسا في المنطقة منذ عام 2014، في اتجاه تعويضها مستقبلا بتلك القوة الإقليمية والتخلص من الانخراط الميداني المباشر الذي يجر انتقادات على باريس فرنسيا وأفريقيا، ويؤجج المواجهة مع الجماعات المسلحة التي تتعلل بالوجود العسكري الفرنسي، خصوصا وأن تلك العملية لم تؤد إلى النتائج المرجوة وهي إنهاء وجود الجماعات الإرهابية، والهدف الثاني هو ضمان الغطاء السياسي الدولي للتدخل في الساحل، بما يعفي فرنسا من استحقاقات قد تضر بنفوذها مستقبلا في أفريقيا.

ولكن الجانب اللوجيستي والمالي ليس الجانب الوحيد الذي تعاني منه الاستراتيجية الفرنسية في الساحل، فالجزائر لا تزال حتى اليوم مترددة حيال المشاركة في القوة الإقليمية المشتركة، إذ ترى أن تورطها في تلك القوة قد يؤدي بها إلى معاودة المواجهة القديمة مع الجماعات الإرهابية المسلحة بعد أن اجتازت عشرية سوداء في حقبة التسعينات من القرن الماضي، كما أنها تتوجس من النفوذ الفرنسي في القارة. وتحاول باريس إقناع المسؤولين الجزائريين بلعب دور في المنطقة انطلاقا من تجربة بلادهم في قتال الإرهابيين، ووجود حدود مشتركة مع عدد من بلدان الساحل، وهي تراهن اليوم على القمة المقبلة للبلدان الخمسة في بلجيكا في شهر فبراير المقبل من أجل تغيير موقف الجزائر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تسابق الزمن في منطقة الساحل فرنسا تسابق الزمن في منطقة الساحل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 01:12 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
المغرب اليوم - ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib