موسكو وتعقيد الحل في أفغانستان

موسكو وتعقيد الحل في أفغانستان

المغرب اليوم -

موسكو وتعقيد الحل في أفغانستان

بقلم - ادريس الكنبوري

الأطراف الدولية تسعى إلى إنهاء النزاع في أفغانستان كخطوة في اتجاه القضاء على داعش، والمدخل الطبيعي لذلك هو كسب حركة طالبان إلى جانب حكومة كابول.

 

لا تزال حركة طالبان تقف في منتصف الطريق بين القبول بالانخراط في المفاوضات السياسية المباشرة مع الحكومة الأفغانية في كابول، ومواصلة عملياتها الإرهابية وكأنها غير معنية بالسلام. وربما تعتقد الحركة أن اللجوء إلى العمليات الإرهابية بين وقت وآخر الهدف منه رفع سقف الممكنات السياسية التي يمكنها الحصول عليها في المفاوضات، ودفع الحكومة المركزية والشركاء الدوليين إلى تقديم حزمة تنازلات والقبول بها شريكا أساسيّا في الحكم، وليس مجرد الاعتراف بها من طرف الحكومة كتنظيم سياسي.

خلال السنوات الماضية عقدت عدة جولات للمفاوضات بين الحكومة وطالبان بدعم من “اللجنة الرباعية الدولية” التي تتكون من أفغانستان وباكستان والصين والولايات المتحدة، بعد أن قبلت الحركة لأول مرة بالتفاوض كآلية لحل النزاع المستمر في البلاد لأكثر من 17 عاما، لكن تلك المفاوضات لم تسفر عن نتائج على الأرض، بسبب استمرار الحركة في المماطلة واستمرارها في تنفيذ العمليات الإرهابية.

وتخشى قيادة الحركة من أن تفقد الكثير من مشروعيتها لدى المقاتلين التابعين لها، في حال قبلت بنتائج المفاوضات، وأن ينفضّ عنها أتباعها الذين يرتبطون بها بعقد بيعة في حال أصبحت تنظيما سياسيا معترفا به في البلاد. وهي تزعم بأنها تسيطر على أجزاء كبيرة من أفغانستان وتزعم أنها تمثل الشعب الأفغاني خلافا للحكومة التي تتهمها بالعمالة للغرب، وتعتقد بالتالي أنها بانخراطها في التفاوض سوف تمنح للحكومة التي يقودها أشرف غني صك اعتراف.

بيد أن الحركة فقدت الكثير من ثقلها السياسي والعسكري في الأعوام الأخيرة، خصوصا بعد ظهور تنظيم داعش وتمدده في أفغانستان ضمن ما يسميه أتباع أبي بكر البغدادي “ولاية خراسان”. فقد انسحب بعض مقاتلي الحركة وانضموا إلى التنظيم الجديد الذي يقوده في أفغانستان أحد زعماء طالبان السابقين، الذي انشق عنه بعد صراع على الزعامة. والأكثر من ذلك تعدّ الحركة أحد الخصوم الرئيسيين الذين يوجه إليهم مقاتلو داعش أسلحتهم، وتشعر الحركة بأنها بين فكي التنظيم الذي لا يقل عنها إرهابا والحكومة المركزية في كابول.

وفي فبراير الماضي تقدم الرئيس الأفغاني بعرض جديد للتفاوض مع الحركة، يشمل مراجعة الدستور الحالي الذي تمت صياغته عام 2014، والاعتراف بالحركة تنظيما سياسيا  مقابل فك الحركة ارتباطها بالتنظيمات الإرهابية العالمية مثل تنظيم القاعدة، وإعلان وقف العنف والمساهمة في بناء البلاد. وجاء ذلك العرض بعد أيام قليلة على العمليات الدموية التي نفذتها طالبان في يناير بثلاثة مواقع كبرى في العاصمة خلّفت ما يزيد على مئة قتيل بين أفغان وأجانب، أرادت منها توجيه رسالة إلى الحكومة ووسطاء السلام الدوليين بأنها لا تزال تتوفر على قوة عسكرية يمكنها أن تحولها إلى سياسة للتخريب.

وفي خطوة ترمي إلى إقناع الحركة بأهمية المبادرة أصدر المؤتمر الدولي الذي عُقد حول الأوضاع في أفغانستان في طشقند عاصمة أوزباكستان، بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وباكستان وروسيا والحكومة الأفغانية، بيانا يؤيد عرض أشرف غني ويمنحه دعما سياسيا دوليا. ودخل الاتحاد الأوروبي على الخط لتحفيز الحركة على القبول بالمبادرة، حيث أعلنت المفوضة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية، فيديريكا موغيريني، أن الاتحاد على استعداد لحذف أعضاء الحركة الذي سيدعمون المبادرات السلمية من قائمة العقوبات.

ويبدو أن الأطراف الدولية تسعى إلى إنهاء النزاع في أفغانستان كخطوة في اتجاه القضاء على تنظيم داعش، والمدخل الطبيعي لذلك هو كسب حركة طالبان إلى جانب الحكومة في كابول لتوحيد الجهود في مواجهة تسلل مقاتلي البغدادي، خصوصا وأن تنظيم داعش عدوّ مشترك للطرفين معا.

لكنّ هناك شكوكا في وجود تدخل روسي قد يزيد في تعقيد الأوضاع داخل أفغانستان، فموسكو تنظر إلى سيناريو السلام في البلاد باعتباره يخدم المصالح الأميركية، وربما تسعى إلى منع نجاح المفاوضات كتكتيك سياسي. وكان قائد قوات حلف الأطلسي والقوات الأميركية في أفغانستان، جون نيكلسون، قد اتهم موسكو بتوفير الدعم المالي لحركة طالبان ومدها بالأسلحة. وفي شهر يناير الماضي تقدمت موسكو باقتراح لاحتضان المفاوضات بين الحركة والحكومة، لكن الإدارة الأميركية رفضت الاقتراح مبررة ذلك بأن عملية السلام يجب أن تجري داخل أفغانستان وبين الأفغان أنفسهم. ومع لعبة شد الحبل بين موسكو وواشنطن ربما يظل الملف الأفغاني مرشحا لمزيد من التعقيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وتعقيد الحل في أفغانستان موسكو وتعقيد الحل في أفغانستان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib