فن العيش
الإمارات ترفع الحظر عن السفر لمواطنيها إلى لبنان اعتبارا من 7 مايو إعلام إسرائيلي يعلن أن شركة طيران "Air Europa" ألغت جميع رحلاتها المقررة غدا من مدريد إلى تل أبيب شركة لوفتهانزا الألمانية تعلق رحلاتها الجوية من وإلى تل أبيب حتى 6 مايو الخطوط الجوية الهندية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب حتى 6 مايو نتنياهو يؤكد أن إسرائيل تتحرك لتوجيه ضربة قاضية للحوثيين بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52,535 شهيداً و118,491 مصاباً منذ 7 أكتوبر 2023 الدفاعات السودانية تتصدى لهجوم بطائرات مسيرة استهدف قاعدة عثمان دقنة الجوية ومستودعاً للبضائع في مدينة بورتسودان الشرطة الإسرائيلية تعلن العثور على قنبلة موقوتة ملفوفة بعلم إسرائيل في منطقة بات يام جنوب تل أبيب لقجع يُهنئ لاعبات نادي الجيش الملكي بمناسبة تتويجه بلقب البطولة الاحترافية للموسم الرياضي 2024-2025. الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف الصحفيين في فلسطين وتسجيل 180 حالة اعتقال منذ الإبادة
أخر الأخبار

فن العيش

المغرب اليوم -

فن العيش

أشرف طانطو

نحن لزمن السبعينات حيث النظام ونظافة المسابح، الثقافة السينما المسرح ودور الشباب :
أن تختار كتابة الرأي أو أن تكون كاتب رأي، فذلك يتطلب منك القراءة ثم القراءة، مطالعة الكتب والإطلاع على مواضيع مختلفة.
كما يتطلب منك ذلك، مناقشة ما يجري داخل المجتمع والإلمام بكل ما يحدث وما له من راهنية....

في هذا الصدد، لدي فضول وتطفل إيجابي للحوار والمناقشة مع أي شخص وفي أي مكان، ولطالما كونت صداقات رائعة بفضل هذا الفضول والتطفل.
البارحة بينما كنت في المقهى منتشيا بشرب شاي بالنعنع، ممسكا بسيجارة وقلم لفك شيفرة الكلمات المتقاطعة، أثارني نقاش بين رجلين في الخمسين من عمرهما، يدور حول الجو العام للقنيطرة وكيف كانت الحياة بالمغرب في السبعينيات من القرن الماضي.

ولم أتمالك نفسي فوجدتني مشاركا في النقاش بجانب الرجلين، فبدأت أطرح جملة من الأسئلة، أسئلة قد تمكنني من العيش في تلك الحقبة الغابرة من الزمن من خلال الشهادات والحكي.

وهذا كان مغزى أو فحوى نوستالجيا الرجلين الخمسينيين :
1)   نظام ونظافة المسابح :
قال الرجلان، أن حياة السبعينات كانت رائعة جدا وذات معنى، فمثلا حينما كنا نذهب للمسبح البلدي، كان هناك نظام وإحترام كبير لهذا المكان، فلم يكن مسموحا بالإرتماء والغطس في المسبح إن لم تذهب أولا لمكان الإستحمام وإزالة العرق والغبار حفاظا على نقاء وسلامة المياه من المكروبات، وأضاف أحدهما لقد كنا نقدس المياه ولا أحد منا كان يجرأ على التبول فيه كما يفعل أبناء اليوم، ليضيف الآخر كما كانت هناك سلالي مخصصة لوضع الملابس حفاظا على جمالية المكان وترتيبه. لقد كان زمنا جميلا حقا.

2 )  لقد كنا نتنفس الثقافة :
هنا يتحدث الرجلان والحزن باد على وجهيهما البشوش، ويقولان نتأسف على حال الثقافة في المغرب والقنيطرة.

ويضيفان كانت أياما حلوة تلك التي قضيناها أيام المد الإشتراكي، لقد كبرنا مع دور السينما والمسرحيات التي لعبت دورا تنويريا فكريا بالإضافة إلى النشاط الكبير الذي كانت تعرفه دار الشباب التي كان لها دورها في التأطير وبناء الشخص.

ليكملا الرجلان ويقولان، نشعر بأسى شديد ونحن نمر بجانب دور السينما المغلقة بالمدينة، ونحن نسمع عن دور شباب أصبحت كمدن الأشباح لا قيمة تأطيرية فكرية تثقيفية لها.

ونتألم من رؤية شباب نخرته المخدرات وإلتهمته عقلية السرقة والإعتداء على الآخر بعدما أعدمت المسارح والسينما.
نحن نعيش ردة ثقافية فكرية خطيرة جدا.
لقد كنا نتنفس الثقافة ونحيى بالفنون، لقد كنا نتنفس الثقافة يا ولدي.
3 ) كنا نلتهم الكتب إلتهاما :
 
يبدو أننا كنا محظوظين جدا على عكسكم أنتم اليوم ، فبجانب النشاط الكبير لدور السينما ووفرة المسرحيات الرائعة ، كنا مهووسين جدا بقراءة الكتب والروايات فهذه كانت هوايتنا المفضلة إقتناء الروايات الأدبية والكتب التاريخية الفلسفية.
لقد كان الناس مثقفين جدا يناقشون أي موضوع وبفكر عالي ، ولهذه الأسباب ضربت الثقافة في المغرب لأنهم لا يريدون شعبا واعيا مثقفا لأن ذلك يرعبهم ويطالبهم بالتغيير.

في خضم الحديث عن الكتب والروايات ، طرحت سؤالا على الرجلين ، هل تضنان أن الأنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي اليوم ، ساهما بنفور الشباب وإبتعادهم عن ثقافة الكتب والمطالعة.

فرد علي أحدهما وقال ، نعم ولكن ليس بنسبة كبيرة بل على العكس فالأنترنيت أتاح إمكانية كبيرة للوصول لأي نوع من الكتب والثقافات لكن شريطة الإستغلال الجيد لهذه التكنولوجية السحرية ، والمسؤول الأول كما سبق وأشرنا هو الدولة فإقبار الثقافة والفكر شيء ممنهج ومقصود.

وقال صديقه الاخر ، أشعر بالحزن حينما ارى شباب اليوم يملؤون المقاهي والشارع العام ولا يحملون أي كتب في أيديهم ، ثم أضاف أحن لزمن المقاهي الأدبية.
 
4 )  كنا نعشق الحياة ولم يكن هناك أي تطرف ديني :
بعد الحديث عن الثقافة، السينما، المسابح... سألت الرجلين عن مسألة مهمة جدا وهي الجانب التديني وكيفية العيش، فكانت الإجابة كالتالي :
كما يعلم الجميع، كانت السبعينات محطة للقمع وخنق حريات التعبير السياسية والنقابية، لكن في نفس الوقت كانت فترة مميزة مليئة بالحياة فقد كانت هناك موضة اليسار والرغبة في النضاد، كان هناك الهيبيزم والسراويل العريضة من تحت، ناس الغيوان وغيرهم إضافة إلى فلسفة التجمعات النقاشية السرية، الإستمتاع بالموسيقى والأفلام الهندية والكوبوي.

ثم  أضاف الرجلان أن أهم شيء ميز تلك السنوات الماضية، الإنفتاح الذي كان بميز المواطن المغربي الذي كان محبا للحياة لا يحمل أي كراهية للآخر، غير المسلم، فلم نكن نسمع فتاوى التكفير، الحلال الحرام، الجهاد، الحجاب، المرأة والفتنة.....

فالكل كان يعيش ببساطة ودون تعقيدات، فالشواطئ كانت مزهوة بالبكيني والنساء الجميلات ولم يكن هناك أي تحرش جنسي أو تطرف ديني.
بل كانت تنضم مسابقات ملكات الجمال بالبكيني على الشواطئ.

هنا سألت الرجلين عن من المسؤول عن التطرف والردة الحياتية التي بتنا نعيشها في المغرب وأعطيتهما مثال الشابين اللذان ذهبا لداعش من مدينة القنيطرة...
ليجيبني أحدهما وبدون تردد، المشرق هو سبب ذلك فالوهابية التكفيرية والفكر الإخواني أفسدا عقول الشباب المغربي، وأعطاني مثال الشبيبة الإسلامية التي إغتالت عمر بن جلون.

واسترسل الآخر، والدولة المسؤول الأول عن هذا الإرهاب الديني، فهي من أنشأ الحركات الإسلامية وشجعتها بالجامعات والمجتمع لتحارب الفكر اليساري، لتكون النتيجة كارثية تطرف واغتيال للحريات الفردية ووصائية وتطفل على حياة الناس الخاصة.

بعد هذا الحوار الشيق، أنهيت كلامي مع الرجلين بسؤال حول الانتخابات التشريعية المقبلة، فسألتهما عن حزبهما المفضل فأجابا وبذكاء كبير :
 
ليس لدينا حزب مفضل، فالكل سواسية مسكيين من مغرفة وحدة، لكن أكيد لن نصوت على العدالة والتنمية تجار الدين، رأي الفقهة بلاستهم فالجوامع ماشي فالأحزاب والسياسة والحكومة.

وإسترسلا، إلياس العماري هو من سيفوز برئاسة الحكومة فالأمور واضحة فحزب الجرار الأصالة والمعاصرة أصبحت لديه شعبية كبيرة.
وعلى الأقل ابن الريف، رجل حداثي وليس بمستغل متاجر بالدين.

وهنا طرحت عليهما سؤالا حول إلياس العماري وما يقال عنه من نفاذ كبير في الدولة وعلاقته بالمخدرات والإتجار بها.
فقال لي أحدهما ، يجب أن تعلم يا ابني أننا في المغرب نعاني من شيء اسمه عقدة النجاح وأعداء النجاح ، فكلما رأينا رجلا ناجحا في حياته إلا وكثر الكلام عنه ويشكك في مصدر أمواله وثروته.

واستكمل القول ، على العموم من لديه أي دليل فليذهب للقضاء والنيابة العامة ، أما الكلام الفارغ وإتهام الناس فذلك شيء مذموم.
وأنهيا حديثهما معي بالقول، نحن لزمن السبعينات والتعليم مفتاح الحداثة ومحاربة الردة الفكرية والإرهاب الديني وتقديس الحريات الفردية ، ويجب على الحكومة القادمة الإهتمام بالثقافة ثم الثقافة فالثقافة.

وبعد إنتهاء هذا الحوار الشيق ، بالصدفة ، عدت مرة أخرى لكأس الشاي خاصتي وأشعلت سيجارتي الشقراء مرة أخرى، وكلي متمنيات لو كانت لدي آلة زمن ترجع بي للسبعينات، الزمن الجميل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فن العيش فن العيش



GMT 13:35 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 11:06 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 20:08 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 10:17 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:19 2022 الإثنين ,20 حزيران / يونيو

نصائح فعّالة في تلميع الأسطح الرخام

GMT 04:02 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتري وزُحل يقتربان من بعضهما للمرة الأولى منذ 800 سنة

GMT 23:06 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

بنزيما يقود هجوم ريال مدريد أمام بيلباو

GMT 05:05 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

12 ضيف شرف في فيلم خالد الصاوي "شريط 6" تعرف عليهم

GMT 07:47 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أحدث صيحات الموضة لموسم ربيع وصيف 2020

GMT 12:51 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

سكودا تنافس السيارات الكهربائية بـ Citigo-E
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib