الرئيسية » عالم البيئة والحيوان
"حروب الفانيليا" في مدغشقر

مدغشقر ـ عادل سلامه

أبدى لصوص الفانيلا من "أنجانا" ثقتهم في قدرتهم على ترويع المزارعين، وقدموا تحذيرًا مسبقًا للغارات مكتوب فيها "سنحضر الليلة"، وكتبوا ايضًا في ورقة دفعت تحت الأبواب في هذه القرية الساحلية النائية في مدغشقر "قم بإعداد ما نريد." ولكن يبدو أنهم بالغوا في تقدير وداعة ضحاياهم، فبعد هجوم واحد في نهاية العام، وجمع حشد من الناس في القرية خمسة رجال من العصابات المزعومة، وجروهم إلى ساحة القرية، ثم ضربوهم بطريقة دامية غوغائية.

وقال أحد مزارعي الفانيليا الذي كان بين حشد من المتفرجين "لقد تم طعنهم حتى الموت بالمناجل والحراب، واعتقد أنه ذلك جيد، فالشرطة لم تفعل شيئا، والآن ستخاف العصابات من السرقة منا. ولدينا حارس خاص بنا الآن، ويقوم شباب المجتمع بدوريات في الليل ". وإن عمليات القتل خارج نطاق القضاء هذه -التي أكدها الكاهن المحلي لصحيفة الغارديان- قد ذهبت دون حل ولم يتم الإبلاغ عنها دوليًا حتى الآن. لكن المدافعين عن البيئة يقولون إنهم يسلطون الضوء على الكيفية التي يرتبط بها ارتفاع أسعار الفانيلا في الأسواق العالمية بجرائم القرى وتدمير الغابات.

ومدغشقر هي المورد الرئيسي في العالم منذ قرون لنكهة الفانيلا المستخدمة في الآيس كريم والكعك والشوكولاته. وعلى الرغم من سمعتها اللطيفة، فقد أثارت الزيادة في قيمة الفانيلا، التي تجاوزت أكثر من عشرة أضعاف سعرها السابق خلال السنوات الخمس الماضية، غضبًا شديدًا. وقد تم الإبلاغ عن سرقة المحاصيل في معظم المناطق الرئيسية التي تشهد نموًا للفانيلا، وحدثت هناك العشرات من جرائم القتل. وطالبت بعض المجتمعات بحماية الشرطة لهم. وقام آخرون - كما هو الحال في "أنجانا"- بأخذ حقهم بأيديهم.

وعنف الفانيليا هو نتاج لأسواق عالمية سيئة التنظيم، وسياسيين فاسدين محليين، وليست الفانيلا وحدها هي التي تسرق، فهناك ايضاً تجارة خشب الورد غير القانونية التي تذهب إلى الصين. وقال أحد مؤسسي مجموعة مراقبة البيئة "كوفيسيون لامبوغنو"، إنه كشف كيف يتم تهريب خشب الورد من ميناء "ماروانتسيترا "بالتواطؤ مع رجال أعمال محليين يدعمهم سياسيون وطنيون أقوياء. ولم تتم معاقبة أي منهم، ولكن كلوفيس اتهم بالتحريض على الاضطرابات العامة وقضى الأشهر العشرة التالية في السجن. وبفضل غضب دولي من جانب منظمة العفو الدولية وغيرها من جماعات حقوق الإنسان ، تم الإفراج عنه في سبتمبر/ايلول الماضي، لكن الحكم بالسجن لمدة خمس سنوات لم يُعلق بعد. وقد أبلغ عن تهديدات وإشعال حريق في منزله وتلك علامة على القوى الكبيرة التي يواجهها.

وأصبحت خشب الورد أكثر سلع الحياة البرية التي يتم الاتجار بها في العالم، حيث بلغت مبيعات مدغشقر وحدها مئات الملايين من الدولارات، وكل ذلك غير قانوني وموجهة إلى الصين. وفي عام 2014 ،حين تم اعتراض شحنة واحدة محملة بـ 30.000 في سنغافورة قادمة من الجزيرة. وجاءت الموافقة على شحن البضائع المهربة، وهي واحدة من أكبر المضبوطات في تاريخ "سايتس" (اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية)، من كبار المسؤولين الحكوميين، وفقا للوثائق المقدمة إلى المحكمة.

ومنذ ذلك الحين، تباطأت التجارة  والعصابات التي كانت تقطر وتبيع في السابق خشب الورد تستخدم الآن شبكاتها لبيع الحيوانات البرية المهددة بالانقراض وغسل الأموال من خلال صناعة الفانيليا. وقد ارتفعت أسعار الفانيليا بسبب تزايد الطلب على النكهات الطبيعية في الدول الغنية. وقال السكان المحليون إن بإمكانهم بيع كيلوغرام مقابل 1500.000 هلري (360 جنيهًا إسترلينيًا) ، أي أكثر من 10 أضعاف السعر الذي كانت عليه قبل بضع سنوات. مع دخل إضافي ، ويقومون ببناء منازل أكبر باستخدام الأخشاب من الغابة.

وكشف المدافعون عن الغابات أن قطع الأشجار يتم بطريقة "خلوية" لتجنب الكشف عن طريق الأقمار الصناعية. لكن التدهور يزداد سوءًا مع وصول تدفق مستمر من الناس إلى محيط المنطقة المحمية. ويلقي هنا باللوم على السلطات. فالمشكلة هنا ليست فقط ارتفاع الطلب على السلع مثل الفانيلا وخشب الورد والمعادن، ولكن نقص الإرادة لمعالجة الفساد وتعزيز المساءلة، وفي مدغشقر اليوم، لا توجد ديمقراطية. وهذا ما يفسر لماذا يشعر البعض بأنهم قادرين على تحقيق العدالة بأيديهم.

 

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مشروع قانون لتحويل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن إلى شركة…
وزير الفلاحة المغربي يدافع عن حصيلة القطاع ويؤكد تحقيق…
نسبة ضئيلة فقط من الأراضي الزراعية لا تزال صالحة…
وزير الفلاحة المغربي يكشف عن دعم يفوق 686 مليون…
المنظمة العالمية للأرصاد تدعو إلى تحرك عاجل لخفض الانبعاثات

اخر الاخبار

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
قائد قسد يؤكد الالتزام بتسريع دمج القوات في الدولة…
ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا…
مجلس النواب المغربي يُصادق بالإجماع على مشروع قانون يتعلق…

فن وموسيقى

يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…

أخبار النجوم

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
قرار قضائي لصالح أحمد عز في نفقة توأم زينة
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية…
الفنان بيومي فؤاد يكشف عن النهج الذي يتبعه في…

رياضة

رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…
ميسي يقود إنتر ميامي لاكتساح ناشفيل والتأهل إلى نصف…
محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…

صحة وتغذية

تناول القهوة يومياً قد يخفض خطر الإصابة بالرجفان الأذيني…
الأمم المتحدة تحذر من موجة جديدة لتفشي الكوليرا في…
علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
إنطلاق المرحلة الأولى لتنزيل المجموعات الصحية الترابية بجهة طنجة…

الأخبار الأكثر قراءة

المغرب يُعزز ريادته في الطاقة النظيفة ويحقق 45 بالمئة…
زلزال قوي في الفلبين يخلف أكثر من 60 قتيلاً
وزير الزراعة والري السوداني يؤكد أن بلاده تتعافى ولن…
أحمد البواري يبرز إستراتيجية البحث والتكوين لمواجهة تحديات الفلاحة…
المملكة المغربية تقتحم سوق الهيدروجين الأخضر ويعزز موقعه كمركز…