الرئيسية » صحة وتغذية
جائحة «كوفيد - 19»

واشنطن -المغرب اليوم

منذ رفع القيود التي فرضتها جائحة «كوفيد - 19» لاحظ الأطباء حول العالم ارتفاعاً غير مألوف في حالات العدوى الأخرى؛ إذ أدت أمراض بكتيرية مثل الميكوبلازما الرئوية التي كانت نادرة، إلى إدخال مزيد من المرضى، بما في ذلك أطفال أصحاء إلى المستشفيات.

وفي البداية فسّر خبراء الصحة العامة هذه الظاهرة بفكرة تُعرف بـ«دَيْن المناعة» immunity debt أي أن الأشخاص فقدوا جزءاً من «تدريب» جهازهم المناعي نتيجة العزلة وارتداء الكمامات. لكن أدلة جديدة تُشير إلى احتمال أعمق هو أن فيروس «كورونا» نفسه قد يكون غيّر طريقة عمل أجهزتنا المناعية.

دَيْن المناعة

> ما «دين المناعة»؟ المفهوم بسيط، هو أن قلة التعرض للجراثيم أثناء الإغلاق، جعلت جهاز المناعة أقل جاهزية مثل عضلة لم تُدرّب لفترة طويلة. وعندما عاد الناس للاختلاط واجهوا موجة أكبر من المعتاد من نزلات البرد والالتهابات. لكنّ باحثين كثيرين بدأوا يشكّكون في أن الأمر لا يقتصر على هذا الدين، بل إن الفيروس ذاته ربما ترك بصمة طويلة الأمد على المناعة.

ولكن لو كان «دين المناعة» وحده مسؤولاً لارتفعت جميع مسببات الأمراض الأخرى بالقدر نفسه. لكن البيانات تُظهر نمطاً مختلفاً فبعض العدوى ارتفعت بشكل خاص بعد الإصابة بـ«كوفيد - 19» مقارنة، لأشخاص أصيبوا بالإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي (RSV). وعلى سبيل المثال سجّلت الولايات المتحدة عام 2024 زيادات قياسية في حالات عدوى المكورات السبحية من المجموعة أ group A streptococcus حتى بعد عودة الحياة لطبيعتها.

• كيف يغيّر «كوفيد - 19» جهاز المناعة؟ تشير الدراسات إلى أن الفيروس قد يُضعف الخلايا التائية، وهي الخلايا المناعية المسؤولة عن «تذكُّر» الإصابات السابقة ما يُشبه ما يحدث مع فيروس الحصبة الذي يمحو الذاكرة المناعية. وهناك أدلة أخرى على أن «كوفيد - 19» قد يُعيد «ضبط» الجهاز المناعي بحيث يُعيد تنشيط فيروسات خاملة مثل فيروسات إبشتاين بار (EBV) أو الهربس النطاقي shingles. وبالفعل أظهرت دراسة أميركية أن الأشخاص فوق الخمسين كانوا أكثر عُرضة بنسبة 15 في المائة للإصابة بالهربس النطاقي بعد عدوى «كورونا».

• أدلة مختبرية قوية. كما أن هناك دراسات مختبرية أضافت مزيداً من القلق، فقد لاحظ باحثون في البرازيل علامات شيخوخة مبكرة للخلايا المناعية حتى لدى من أصيبوا بعدوى خفيفة، فيما كشف علماء في جامعة «ييل» في الولايات المتحدة عن انخفاض عدد الخلايا التائية لدى مرضى لم يدخلوا المستشفى إطلاقاً.

تغيُّرات خفيّة

وقد يصعب ملاحظة هذه التغيرات على المستوى الفردي، لكنّ آثارها بدأت بالظهور على نطاق واسع. وفي دراسة شملت أكثر من 830 ألف مريض في نظام رعاية المحاربين القدامى بالولايات المتحدة، ونُشرت في مجلة «The Lancet» في 25 أغسطس (آب) عام 2025 بقيادة مياو كاي من مركز علم الأوبئة السريرية خدمة البحث والتطوير - نظام الرعاية الصحية للمحاربين القدامى في سانت لويس ميزوري، وجد أن من أصيبوا بـ«كوفيد - 19» الخفيف واجهوا معدلات أعلى من العدوى البكتيرية والفيروسية والفطرية في العام التالي.

ويعتقد بعض الباحثين أن السبب يعود إلى تأثير الفيروس على نخاع العظم، حيث تتكوّن الخلايا المناعية، ما يدفع الجهاز المناعي نحو حالة من الالتهاب المزمن. وفي دراسة أخرى وُجدت بقايا من الحمض النووي الريبي للفيروس في أنسجة الأمعاء بعد عامين من الإصابة، ما يوحي بأن الفيروس قد يظل «مقيماً»، ويؤثر على المناعة بمرور الوقت.

• جدل علمي مستمر. مع ذلك لا يتفق جميع العلماء. فالبعض مثل أشيش جها المنسق السابق لـ«كوفيد - 19» في البيت الأبيض غير المشارك بالدراسة يؤكد أن معظم الناس لا يتعرضون لضرر مناعي طويل الأمد، وأن ما يحدث لا يختلف كثيراً عن فيروسات أخرى. لكنّ آخرين، مثل تيم هينريتش أستاذ الطب ومدير مركز التصوير الجزيئي للأمراض المعدية التابع لجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة غير المشارك بالدراسة، يرون أن الأدلة على التغيرات المناعية واسعة النطاق تزداد حتى لدى من لم تظهر عليهم أعراض تُذكر.

• تأثيرات متفاوتة. وتبدو التأثيرات غير متساوية، فبعض المرضى يُظهرون تغيُّرات مناعية كبيرة، بينما لا يتأثر آخرون تقريباً. ومع ذلك وكما قالت عالمة المناعة أكيكو إيواساكي من جامعة «ييل»، فإن العالم كله تقريباً أصيب بـ«كوفيد - 19»، وهذا يعني أن معظم الناس قد يحملون درجة ما من التغير في جهازهم المناعي.

والسؤال المطروح الآن ليس فقط عن مدة بقاء هذه التغيُّرات، بل عن أثرها على الصحة العامة مستقبلاً. هل سنشهد ارتفاعاً طويل الأمد في بعض أنواع العدوى؟ وهل يمكن أن يُسهم ذلك في أمراض مزمنة أو ضعف مناعي لاحق؟

بينما تبقى هذه الأسئلة مفتوحة يحث العلماء على النظر إلى «كوفيد - 19» ليس فقط بوصفه مرضاً تنفسياً قصير الأمد، بل بوصفه فيروساً قادراً على إعادة تشكيل المناعة البشرية بطرق لا نفهمها بالكامل بعدُ.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة عن طريق تناول الأطعمة الصحية

توجه أميركي لفرض قيود جديدة على لقاحات كوفيد لمن تجاوزوا 65 سنة

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تأخير معادلة الشهادات الأجنبية يفاقم نقص الأطباء بالمغرب
اكتشاف علمي يمهد لعلاج جذري لمرض السكري من النوع…
وزير الصحة المغربي يكشف عن إطلاق إصلاح هيكلي للقطاع…
خبراء يحذرون من تناول الحبوب من دون ماء
سترادس متحور كورونا الجديد يثير القلق مع ازدياد سرعة…

اخر الاخبار

اليونيسف تدعو لوقف نزيف الأطفال في السودان بعد مقتل…
حماس تعلن تسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء والإطلاق المرتقب لآلاف…
قمة شرم الشيخ للسلام تنطلق برئاسة ترمب والسيسي وتوقيع…
رفض أمريكي لخيار نقل سلاح حزب الله إلى طرفٍ…

فن وموسيقى

جنات تطرح أغنية الوعود من فيلم أوسكار عودة الماموث…
كريم فهمي يحسم الجدل ويؤكد مشاركته في "وننسى اللي…
بلقيس فتحي تعلن مشاركتها في موسم الرياض 2025
شيرين عبدالوهاب تعود الى جمهورها بعد سنوات من الالم…

أخبار النجوم

غادة عادل تعود للسينما بروح متجددة وتجربة مختلفة
نجل حسن يوسف ينتقد تجاهل والده في مهرجان نقابة…
تكريم منى واصف في مهرجان البحرين السينمائي تقديرا لمسيرتها…
أنجلينا جولي تعلن رغبتها في مغادرة أمريكا بسبب شعورها…

رياضة

جدول مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 في مختلف…
ريال بيتيس يسعى لضم المغربي سفيان أمرابط نهائيًا من…
زياش يتصدر قائمة صناع الأهداف في تصفيات المونديال رغم…
المنتخب المغربي يتابع الحالة الصحية لأوناحي والمزراوي قبل الاستحقاقات…

صحة وتغذية

لماذا يعيد العلماء النظر في تأثير كوفيد 19 على…
جهاز استشعار جديد بطعم الزعتر يكشف الإصابة بالإنفلونزا قبل…
بيل غيتس يشارك في مبادرة لإتاحة أدوية إنقاص الوزن…
دراسة تكشف وجها جديدا وخطيرا لسرطان الدماغ يهاجم العظام…

الأخبار الأكثر قراءة

رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة
زراعة القلب الجزئية تمنح الأمل لأطفال يعانون من اضطراب…
الأطعمة فائقة المعالجة تسبب زيادة الوزن وتدهور الخصوبة
علاج للإمساك قد يفتح الباب أمام أمل جديد لمرضى…
مركبات طبيعية في النباتات والأطعمة قد تساهم في الوقاية…