الرئيسية » آخر الاخبار
النظام الغذائي

لندن ـ المغرب اليوم

لم يعد تأثير الطعام مقتصراً على الوزن أو مستويات الطاقة اليومية، ذلك أن الأبحاث العلمية بدأت تكشف شيئاً أعمق وأكثر تعقيداً، وهو أن اختياراتنا الغذائية قادرة على إعادة تشكيل المخاطر الجينية المرتبطة بأمراض مزمنة، مثل ألزهايمر، والسمنة، وأمراض الكبد.

وهذا يعني أن الطبق الذي نضعه أمامنا على المائدة قد يكون أداةً قويةً لحماية الدماغ، وتنظيم التمثيل الغذائي، بل وربما تأخير أو منع ظهور أمراض كان يُعتقد أنها محتومة بسبب الجينات.

النظام الغذائي المتوسطي والذاكرة

أحد أبرز الأدلة جاء من دراسة كبرى أجراها باحثون من مستشفى ماساتشوستس، وكلية الطب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة، ونُشرت أخيراً في مجلة «Nature Medicine» في 25 أغسطس (آب) 2025.

ركزت الدراسة على النظام الغذائي المتوسطي الذي يشتهر بغناه بالخضراوات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة والبقوليات وزيت الزيتون والأسماك. وكانت النتائج لافتة بأن الالتزام بهذا النظام قلّل بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر، حتى لدى الأشخاص الذين يحملون أقوى عوامل الخطر الوراثية.

وقد تبيّن أن الأفراد الحاملين للنسخة «الخطرة» من الجين المعروف باسم «APOE E4»، وهو من أهم المؤشرات الوراثية المرتبطة بألزهايمر، استفادوا بشكل أكبر من الالتزام بالنظام المتوسطي مقارنةً بغير الملتزمين به.

وتوضح الباحثة الرئيسية، الدكتورة يوشي ليو، من مستشفى بريغهام للنساء وكلية الطب بجامعة هارفارد: «تُظهر هذه النتائج أن نمط الحياة، بما فيه الغذاء، يمكن أن يؤثر بشكل ملموس على صحة الدماغ حتى عندما تبدو الجينات غير مواتية».

وقد تابعت الدراسة أكثر من 4200 امرأة و1500 رجل لعقود من الزمن بالاعتماد على استبيانات غذائية وفحوص دم وتحاليل جينية. وأظهرت النتائج أن النظام الغذائي المتوسطي لم يُبطئ فقط تراجع الذاكرة، بل خفف أيضاً من أثر الجينات الوراثية المرتبطة بالخرف.

الجينات... واستقلاب الدهون

وفي موازاة ذلك أظهرت دراسة أخرى من كلية بايلور للطب في هيوستن بتكساس في الولايات المتحدة نُشرت في مجلة «Cell Metabolism»، في اليوم نفسه، أن التفاعل بين النظام الغذائي والجينات يتداخل أيضاً مع الساعة البيولوجية في الكبد، وهو ما يحدد كيفية استقلاب الدهون.

وقاد البحث الدكتور ديشو تشو، من قسم الغدد الصماء والسكري في كلية بايلور، حيث بيّنت النتائج أن الاختلافات الجينية تتحكم في توقيت تشغيل أو إيقاف جينات الكبد استجابة للطعام. ويوضح هذا التفسير ظاهرة مألوفة هي: لماذا يكتسب بعض الأشخاص وزناً بسهولة أو يُصابون بمشكلات في الكبد حتى عند اتباعهم أنظمة غذائية متشابهة مع غيرهم.

كما حدَّد الفريق جيناً أساسياً يدعى «ESRRγ» يساعد على تنسيق هذه الإيقاعات اليومية. وعندما غاب هذا الجين لدى الفئران ظهرت اضطرابات واضحة في معالجة الدهون. والأهم أن الدراسة أوضحت أن أكثر من نسبة 80 في المائة من النشاط الجيني الإيقاعي في الكبد تتأثر مباشرةً بالنظام الغذائي والعوامل الوراثية مجتمعة.

وقد فتحت هذه النتائج الباب أمام مفهوم جديد يُعرف بـ«العلاج الزمني الشخصي»، وهو فكرة تقوم على تصميم النظام الغذائي أو توقيت الأدوية، بما يتناسب مع الساعة البيولوجية لكل فرد وجيناته الخاصة.

وإذا جمعنا نتائج الدراستين معاً، فسنجد أن الغذاء لا يُغذي فقط، بل يُعيد برمجة الجسم على مستوى الجينات والبيولوجيا. فالالتزام بالنظام المتوسطي قد يحمي الدماغ من التدهور المعرفي، بينما التوافق بين توقيت الطعام وساعتنا البيولوجية قد يقي من أمراض التمثيل الغذائي مثل السمنة وأمراض الكبد.

ورغم أن هذه النتائج ما زالت في بداياتها وتحتاج إلى أبحاث أوسع تشمل مجموعات سكانية أكثر تنوعاً، فإن الرسالة واضحة وبسيطة، وهي أن «اختياراتنا الغذائية قادرة على تعديل المخاطر الجينية». كما تقول الدكتورة ليو: «الأمر لا يقتصر على الوراثة وحدها، بل يتعلق بكيفية تعاملنا مع ما ورثناه».

لم يعد الحديث عن الغذاء مجرد توصيات عامة لتحسين الصحة، بل أصبح جزءاً من علم أكثر دقة يربط بين الطعام والجينات والساعة البيولوجية. وما نتناوله لا يُحدِّد فقط كيف نشعر اليوم، بل قد يُحدِّد أيضاً مستقبلنا الصحي على مدى عقود.

وبينما لا يمكننا تغيير الجينات التي وُلدنا بها، يمكننا بالتأكيد اختيار ما نضعه على موائدنا، وهذه الخطوة البسيطة قد تكون أقوى من أي دواء في حماية أدمغتنا وأجسادنا من أمراض معقدة مثل ألزهايمر والسمنة.

قد يهمك أيضا

سيرينا ويليامز تكشف تجربتها مع أدوية إنقاص الوزن بعد الأمومة

 

«أوميغا-3» قد تحمي النساء من مرض ألزهايمر

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الغذاء يعيد تشكيل المخاطر الجينية ويقي من الزهايمر والسمنة
العلماء يكتشفون نوعاً من الحمية الغذائية قد يقلل خطر…
التدخين بالقرب من ابنك قد يؤثر على أطفاله في…
5 عادات صباحية تساعد على ضبط مستوى الكولسترول
خيارات دوائية واعدة لتحسين إدارة داء السكري

اخر الاخبار

غضب أوروبي بعد أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا
جعجع يؤكد رفضه لتحكم طرف واحد في مستقبل لبنان
البرلمان الإيراني يبحث الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي…
لقاءات أميركية لبنانية لبحث الانسحاب من الجنوب وحصر السلاح…

فن وموسيقى

الممثلة الفرنسية أديل إينيل تُبحر ضمن "أسطول الصمود العالمي"…
داليا البحيري تكشف معاناتها في صيف الساحل بين المرض…
منى واصف تتوج بلقب سفيرة السلام في العالم تقديراً…
مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…

أخبار النجوم

جنات تطلق ألبومها الجديد وسط حضور زوجها وابنتيها
الحساب الرسمي لحياة الفهد يطلب من جمهورها الدعاء بعد…
توبا بويوكستون تخوض تجربة جديدة في فيلم سلطانة
أحمد سعد يفاجئ الجمهور بظهور خاص مع ابنته ويغني…

رياضة

مفاجأة في الميركاتو ناد سعودي يضع محمد الشناوي ضمن…
إنفانتينو يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم…
ميسي يكشف أسباب تفكيره في إعتزال اللعب الدولي قبل…
فيفا يكشف أرقام سوق الانتقالات العالمية والأندية تنفق 97…

صحة وتغذية

دراسة امريكية مكملات الكالسيوم وفيتامين D لا تقلل من…
الكبد الدهني التهديد الصامت الذي قد يقود إلى تليف…
وزارة الصحة المغربية تعرض النسخة النهائية من مرسوم الأدوية…
رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة

الأخبار الأكثر قراءة

6 بدائل طبيعية للستاتينات لخفض الكوليسترول في الدم
قائمة بأفضل 10 أطعمة تدعم إنتاج الكولاجين وتحافظ على…
7 مبادئ نفسية أساسية لـ«رحلة فقدان وزن» صحية
أفضل وقت لتناول المكسرات لفقدان الوزن وتعزيز الطاقة وصحة…
دراسات تكشف أفضل وجبة خفيفة لتعزيز وظائف الدماغ والذاكرة