الرئيسية » عالم الإعلام
الإذاعي المصري أحمد سعيد

القاهرة - المغرب اليوم

غيب الموت الإذاعي المصري، أحمد سعيد، عن اثنين وتسعين عامًا، بعد رحلة طويلة إنسانية ومهنية بدأها بتأسيس إذاعة "صوت العرب" ذات الصيت الذائع وغير المسبوق في خمسينات وستينات القرن الماضي.

 وبدا لافتًا أن الرجل الذي حُمِّل أوزار نكسة 5 يونيو (حزيران) 1967 رحل في ذكراها الحادية والخمسين، ليبدو مشهد وفاته بالغ الغرابة.

ويُعد سعيد الذي يُنسب له الدور الرئيسي في تأسيس إذاعة صوت العرب، عرفه المستمعون آنذاك بخطابه الإعلامي التعبوي الذي كان مواكبًا لتلك الحقبة، إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي قرر أن تكون الإذاعة وسيلة مصر الإعلامية للنفاذ إلى المجتمعات العربية وترويج الخطاب القومي الثوري.

وتظهر في رحلة سعيد مع ميكرفون الإذاعة وساعات الهواء التي انطلق فيها صوته "من المحيط إلى الخليج" كما كان شعار "صوت العرب"، محطات بارزة يعرفها بدقها المتابعون لتاريخ العرب الحديث، فكان صوت سعيد هو الذي نقلت مصر من خلاله موقفها من حلف بغداد عام 1959 والذي تم إسقاطه فيما بعد، ثم كان هو أحد عناوين تجربة الوحدة العربية بين مصر وسورية عام 1958 وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط.

وكان هو صاحب الصوت الذي نقل بيان الثورة الجزائرية عام 1954 ثم كان أن ارتبط بصداقة عميقة بقائدها الراحل أحمد بن بيلا.

ولا يستطيع متابع لتاريخ أحمد سعيد المهني والإنساني، أن يتجاوز تلك التجربة المتعلقة بهزيمة يونيو/حزيران 1967 فكما كان الميكرفون هو الوسيلة التي رفعت اسم سعيد عاليًا وجعلته حاضرًا في آذان المستمعين عبر الوسيلة الإعلامية الأهم حينها وهو الراديو، تسبب أثير الإذاعة كذلك في الإطاحة به من موقعه النافذ والكبير في الإذاعة المصرية، لتلتصق باسمه واحدة من أكبر هزائم العرب في القرن العشرين.

وأثناء أيام النكسة، وبينما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تكبد العرب على جبهات مصر وسورية وفلسطين خسائر فادحة وتسيطر على القدس، كان صوت أحمد سعيد ينقل من البيانات العسكرية تأكيدات على انتصارات غير مسبوقة تحرزها الجيوش العربية، غير أن الحقيقة بدأت في الظهور تباعًا وتبين حجم الخسائر الكبرى التي وقعت، وأعقبها تنحي عبد الناصر ثم عودته للسلطة، وتمكنت مصر من شن حرب أكتوبر /تشرين الأول 1973 ورغم ذلك كله، فإن اسم أحمد سعيد ظل مرادفًا لدى البعض للنكسة.

وأجرى سعيد في العام 2011  حوارًا مع صحيفة الأهرام المصرية، في أعقاب "ثورة 25 يناير" وتحدث فيه مدافعًا عن موقفه، فقال "الإعلام في حالة الحرب له نظام وقواعد قانونية وأكاديمية خاصة تختلف عن مثيلاتها في حالة السلم، لأن الدولة كلها بما فيها أجهزة الإعلام توضع في حالة الحرب تحت تصرف القوات المسلحة بهدف تحقيق الانتصار أو تقليل حجم الخسائر قدر الإمكان في حالة الهزيمة".

ويضيف: "العلاقة بين القوات المسلحة والإذاعة هي علاقة (آمرة) كأننا جند في المعركة، حيث يتم إصدار بيانات تملى على الإعلامي ويلتزم بإذاعتها، وتنفيذ أي تعليمات قد تكون مخالفة لأي واقع، وإذا لم يتم الالتزام بالتنفيذ فإن العقوبة هي الإعدام، ونحن توقفنا عن إذاعة أي بيانات بدءا من يوم7 يونيو"، وتابع متسائلاً: "لماذا يقتصر الاتهام على الإذاعة؟ عودوا إلى الصحف".

ورغم غيابه عن المشهد الإعلامي الرسمي منذ نحو نصف قرن، فإن المؤسسات الرسمية في مصر، نعته فور إعلان نبأ وفاته، إذ قال مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن مصر فقدت "رمزًا كبيرًا وإذاعيًا قديرًا، وعلامة من العلامات الرئيسية في تاريخ الإذاعة المصرية، ورائدًا لأجيال كاملة من الإعلاميين".

وقال مكرم، إن سعيد صاحب مسيرة عطاء امتدت لنحو سبعين عامًا، وشهدت حياته الكثير من المحطات المهمة، إذ التحق للعمل بالإذاعة عام 1950. وشارك في العمل الفدائي في قناة السويس سنة 1952، ونقل بثا مباشرا من منطقة القناة أثناء العمليات الفدائية ضد الإنجليز، كما عمل مذيعا رئيسيا منذ انطلاق برنامج صوت العرب عبر إذاعة القاهرة، ثم مديرا لإذاعة صوت العرب عند تأسيسها من 1953 إلى 1967.

وقال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن السلطات البريطانية، طلبت رفع اسم سعيد من قائمة الوفد المصري الذي كان سيقابل أعضاء مجلس العموم البريطاني في 1965 وذلك بعد "توجيه الاتهام له بالتحريض على قتل الجنود البريطانيين في عدن"، لافتً إلى أن "للإذاعي الراحل إنجازات في المجال الإعلامي، حيث أدخل خلال فترة عمله بصوت العرب الكثير من التجديدات على أساليب الكتابة الإذاعية، والخرائط البرامجية، وأساليب العمل الإذاعي، وله في مكتبات الإذاعات العربية والإسلامية الكثير من المؤلفات".

ويرى الصحافي المصري، عبد الله السناوي، أن تجربة أحمد سعيد الإذاعية "تم تحميلها بافتراءات شائعة وكاملة، بخاصة أن الإعلامي والصحافي في أي دولة أو عصر، لا يمكنه تجاهل أو منع أو تعديل البيانات العسكرية الرسمية خاصة في حالات الحرب، وكان دور سعيد في أجواء هزيمة يونيو يتمثل في قراءة البيانات التي تصدر عن مكتب قائد الجيش المصري وقتها المشير عبد الحكيم عامر".

ويقول السناوي،إن "الإذاعي أحمد سعيد لم يكن جنرالًا أو قائدًا عسكريًا حتى يكون هو المسؤول أمام الناس عن الهزيمة، وجزء من استهدافه كان يرتبط بالنيل من دوره في تعبئة الرأي العام ضد سياسات الأحلاف وثورة الجزائر".

وأفاد السناوي، بأن سعيد من دون مذكرات عن تجربته الإذاعية والإنسانية وهي في عهدة أسرته، وأطلعه عليها (أي السناوي)، وتضمنت حديثًا مستفيضًا وموثقاً عن إذاعة صوت العرب وكيف نشأت فكرتها، كما أنها تثير أسئلة بشأن إعلام التعبئة وأن من بين شروط نجاحه، أن تكون مساحة الحرية المكفولة لها كبيرة. 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

غارة إسرائيلية على دمشق تُفزع مذيعة تلفزيون سوريا على…
بي بي سي في عين العاصفة تقريران صادمان في…
الحوثيون يواصلون استهداف السفن ويعلنون إغراق سفينه في البحر…
تصاعد التوتر بين ترامب وماسك وسط سخرية من الحزب…
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تحذر من تصاعد التوتر بعد…

اخر الاخبار

حماس تدين تصريحات ترامب بشأن إنكار المجاعة وسرقة المساعدات…
مجلس الأمن يعقد اجتماعه حول سوريا ويستعرض الأوضاع السياسية…
ثلاثة وزراء مغاربة مرشحون لخوض الانتخابات التشريعية لـ2026 في…
الملك محمد السادس يهنئ رئيس المالديف بعيد بلاده الوطني…

فن وموسيقى

محمد فراج يعود بمسلسل كتالوج في تجربة إنسانية عميقة…
أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…

أخبار النجوم

آمال ماهر تحقق إنجازاً غير مسبوق على تيك توك…
نجوم الفن يدعمون وفاء عامر بعد اتهامها بتجارة الأعضاء
نجوم الفن يدعمون أنغام برسائل مؤثرة بعد أزمتها الصحية
احتفال جينيفر لوبيز بعيد ميلادها الـ56 وتألق لافت بإطلالة…

رياضة

يوفنتوس يسعى لضم المغربي سفيان أمرابط من فنربخشة التركي…
ريال مدريد يستعد لجني أرباح ضخمة بعد إعلان مبابي…
ليفربول يضم موهبة مصرية جديدة كريم أحمد يوقع عقده…
قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية

صحة وتغذية

معدل مشي يومي جديد يساعد في الوقاية من الأمراض…
وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…

الأخبار الأكثر قراءة

تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل يلفت انتباه الصحف العالمية…
أفضل طريقة لإنهاء التصعيد في لوس أنجلوس
في ثاني أيام العيد الأمم المتحدة تنتقد منع دخول…
استشهاد 4 صحفيين وإصابة آخر بجروح خطيرة في قصف…
دبي تطلق قمة الإعلام العربي 2025 بمشاركة أكثر من…