الرئيسية » عالم الإعلام
التلفزيون الوطني المغربي

الرباط - المغرب اليوم

ما الذي يُفكر فيه التلفزيون المغربي (أي المُقرِّرُون في استراتيجيته الإعلامية بِقِيَمها وغاياتها المُترجَمة في الأهداف الإجرائية من بَثِّه كامتدادٍ قَيْمِي وفلسفي جَمالِي للأهداف التقليدية المعروفة: الإخبار والتثقيف والتسلية)، في عهد إعادة النَّظر الجَذرِيّة في نموذجنا التَّنْموي؟ ما الذي "يُفكِّر" فيه تلفزيوننا في الوقت الذي يُعتبر فيه التلفزيون عبر العالم مصدرَ كُلِّ المَخاوِف على تماسُك المجتمع؟

نطرح هذا السؤال لأن الجميع يعلم ويلاحظ اليوم أن التلفزيون مصدرُ طاقةٍ وسوقُ تروِيجٍ عالمي "لإنتاجات" أدوات الميديوكراسيا.

يختلف في هذه الرداءة التي تجتاح العالم وضع الأقوياء، من حيث درجة استيعاب آليات ذهنية الحداثة ومن حيث التَّمَكُّنِ من الصناعات الثقافية والفنية والإعلامية، حيث الميديوكراسيا لديهم مُسيطَرٌ عليها ومقدُورٌ على مُواجهتها تربويا وثقافيا وذوقيا وعلميا.

إن مقاومة مّدِّ الابتذال والضحالة ممكن لديهم لأن الكتاب واسع الانتشار والمقروء، والمدرسة الفعالة المُرَبِّية، والمُحاسَبة التلقائية والواعية، والعقاب المشروع والمُعَمَّم، والفنون مثل السينما والموسيقى والرسم والنحت والرقص والرواية خاصة والأدب عموما، ثم الفلسفة طبعا، مازالت حيَّةً تتطور وتمَوَّلُ كرهان استراتيجي.

في هذا الوقت الذي تكون الميديوكراسيا وقنوات إنتاجها في الوضع سالف الذكر "عندهم"، تكون في الدول الفاقدة لما ذكرناه أعلاه مُنفلتةٌ من عُقالها، مدمِّرةٌ في دول بدايات التحديث المعطوب. تعود القوة المدمِّرَةُ لإنتاجات الميديوكراسيا إلى ضعف وسائل المقاومة الثقافية ومنظومة القيم وأجهزة المحاسبة ومؤسسات دعم وتطوير وغرس القيم الكونية.

مما لا شك فيه أن التلفزيون يتحول، في العالم بأسره، نحو الأسوأ؛ فالمحترفون والمتخصصون-المهنيون والناجحون منهم خاصة، بمنطق معرفة السوق والإشهار والنجاح الكمِّي وحذق الكتابة لنبض العامة-في باريس ولندن ولوس أنجلوس ومونتريال ونيويورك وغيرها، كلهم خائفون رغم ذلك.

في حَلْقِ أغلبيَّة أسياد سوق التلفزيون هؤلاء غُصَّةٌ. مصدر هذه الغُصَّة هو تطور التلفزيون الوظيفي في عهد سيادة الابتذال والضحالة، أي الميديوكراسيا والمسرحوكراسيا التي تجتاح النيوليبرالية المُسَيطِرة على الإعلام، كمصدر لرعاية "القطيع" وتقويته والتحكم في توجُهاته وهو "الخير والشر" معا بالمعنى السياسي للكلمة: مصدر الشرعية والثروة وهاجسها، ومصدر الخوف منها وعليها.

ومع ذلك، فكثير من هؤلاء المسيطرين والمستوعبين للسوق المدرة لأرباح هائلة على كل الأبعاد: المالية والثقافية والعسكرية والسياحية... منفتحون على الحل الكوني الوحيد لمواجهة هذا المد المُدمِّر عندنا المُطَوِّرِ عندهُم، فما هو هذا الحل؟

الحل الكوني هو في قلب التلفزيون ذاته وفي دواليب إنتاجه، ليس المقصود هنا بالإنتاج الإنتاج المادي فقط كما يعتقد الكثيرون، ومنهم مُقَرِّرون، بل هو أيضا وأساسا في إنتاج الأفكار والحكايات والأخبار: مضمون الإخبار والتثقيف والتسلية، وليس شكلها الأجوف.

إن القضية المصيرية هي قضية المضمون-الموضوع وحضوره كما قال المفكر عبد الله العروي-وليست قضية شكل وآلة وتقنيات وتقليعات بكل مصطلحاتها ومظاهرها وغواياتها وأرباحها المادية، بالمضمون الجيد نربح ماديا أكثر، والدليل القاطع هو ما نراه ونستورده من "عندهم".

يرى سادة التلفزيون وصناعته وسوقه، في ارتباط طبعا بمصالحهم الاستراتيجية التي لا يحيدون عنها، أن الحل في الكتابة للتلفزيون، وتكتسب الكتابة للتلفزيون أهميتها القصوى فيما هو أنجع لخدمة الدولة، وفعَّالٌ في تطوير المجتمع، وأكثر تأثيرا لصيانة الوحدة وقوة القيم في البلاد، وجلب ذكي ومؤسس للمال. إنها الدراما التلفزيونية بكل أنواع سلسلاتها ومسلسلاتها؛ فنحن في عصر الامتداد الجديد لتقليد قديم كنا فيه متفوقين ومبدعين وأهملناه حتى يكاد ينقرض-الدراما والشغف، بامتياز، بمسلسلاتها وسلسلاتها: "السيريفيليا" التي تهزم الأدب الآن والعقل والتفكير واحترام الإبداع، ولكن إلى حين فقط.

لِمَ كُلُّ هذا الاهتمام وهذا التَّهْوِيل من قيمة الدراما التلفزيونية لدى أسياد سُّوق التلفزيون وصِنَاعَاتِه؟

 لأن الدراما هي بذور غرس ورعاية عقلية الديمقراطية "الحقيقية"، واحترام الحق الجوهري في الاختلاف في كل شيء: الرأي واللغة والعقيدة والنوع واللون والجنس والثقافة والجسد واللباس وتصفيف الشعر وأصل الميلاد والانتماء الجهوي...

احترام كل هذا على أي أساس؟

أساس شيوع التسامح والتعايش في كل النسيج الاجتماعي. سيكون الاحتكام عندها لمعايير كونية في المُواطَنة الكوْنِيّة، سترتكز هذه المواطنة الكونية على ما لن يختلف حوله أو يناقش مصداقيته إلا مُتعصب أو أناني أو شوفيني أو عنصري أو انتهازي، مرتكزات المواطنة الكونية إذن هي: أداء الواجب كاملا، الالتزام بالمسؤولية كاملة والخضوع للمساءلة التزاما بالمصلحة العامة، هذا شيء مما ينبغي أن يشكل استراتيجية إعلامنا التلفزيوني في أفق نموذج حداثي للتنمية.

قد يهمك ايضا
مايك بومبيو يؤكد أن العالم بات أكثر أمنًا بعد مقتل قاسم سليماني في بغداد
بومبيو يصف "كتائب حزب الله" في العراق بـ"البلطجية"

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مراسلون بلا حدود تقول إن بالمعدل الذي يقتل فيه…
استمتعي برحلات هادئة وتجارب سياحية أعمق بعيدًا عن زحام…
قتل الصحفيين في غزة يكشف المخاطر التي يواجهها الإعلاميون…
ترامب مستاء من قتل إسرائيل صحافيين في غزّة وإدانة…
"إندبندنت عربية" تنعى المصورة مريم أبو دقة بعد مقتلها…

اخر الاخبار

ناصر بوريطة يلتقي المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية بنيويورك
المغرب مرشح ليكون أول زبون دولي للطائرة المسيّرة الانتحارية…
المغرب يشارك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية…
إيمانويل ماكرون يُحذر من كارثة تهدد اتفاقيات سلام إسرائيل…

فن وموسيقى

مي عمر تحصد المركز الثامن عالميًا في قائمة أجمل…
أمينة خليل تتألق في حفل "الموريكس دور" وتفوز بجائزة…
مي عمر تدخل التاريخ كأول مصرية ضمن قائمة "أجمل…
نيكول سابا تكشف أسرار دورها في مسلسل "وتقابل حبيب"وتوضح…

أخبار النجوم

محمد رمضان يرد على الانتقادات بصور جديدة مع لارا…
القبض على الفنانة بوسي في مطار القاهرة بسبب أحكام…
عاصي الحلاني يكشف السبب الحقيقي لغيابه عن الموريكس دور…
تيم حسن يوجه رسالة حب للبنانيين ويستثني فئة واحدة…

رياضة

عثمان ديمبلي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية في مفاجأة كبرى…
الإعلان عن الفائز بالكرة الذهبية 2025 الليلة وسط ترقب…
اسحاق ناظر يتوج بذهبية سباق 1500 متر
النصر السعودي يضع براهيم دياز في دائرة اهتمامه لتعزيز…

صحة وتغذية

إكليل الجبل عشبة منزلية ذات فوائد مذهلة لصحة الجسم…
دواء جديد يغير حياة النساء بعد انقطاع الطمث
تقليل استهلاك الكافيين قد يجعلك ترى أحلاماً أكثر وضوحاً
وزير الصحة المغربي يتفقد الوضع الصحي بمكناس ويطلع على…

الأخبار الأكثر قراءة

نساء على خط النار "الصحفيات الفلسطينيات" يواجهن الحرب بالكلمة…
المنتدى السعودي للإعلام منصة دولية تستشرف مستقبل القطاع
اعتراف فرنسا بفلسطين يضع بريطانيا تحت المجهر مقال رأي…
قضايا فلسطين وغزة وإدمان الشاشات تتصدر اهتمامات الصحف العالمية
تصاعد التوتر في الشرق الاوسط بين دعوات لنزع السلاح…