الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
ستوديو "ميرو"

لندن ـ ماريا طبراني

تشهد العاصمة البريطانية لندن نوعًا جديدًا من الفن السريالي لعشاقه الأوروبيين، من خلال استديو "ميرو" في معرض البلدية (مايورل) في الفترة من 21 كانون الثاني/يناير إلى غاية 12 شباط/فبراير. حيث يعتبر خوان ميرو أحد أشهر فناني المدرسة التجريدية. كما يعد استوديو "ميرو" في الأساس معرضًا فنيًا فقط، في حين أن معرض البلدية، لسانت جميس، "أعاد صياغة" الأستوديو الذي بناه الرسام الإسباني ميرو بنفسه في مايوركا في الخمسينات. وكان المهندس المعماري الكاتالوني جوسيب لويس سرت وراء تصميم ميرو الكبير لهذا الاستديو الذي عمل ميرو من خلاله بسعادة وازدهار حتى وفاته عام 1983.
 
 وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أنه بعيدا عن مرحلة بعد الحداثة المعمارية لسرت (ظل هو وميرو أصدقاء منذ صمم سرت الجناح الإسباني في معرض باريس الدولي عام 1937، حيث رسم بيكاسو الجورنيكا). حيث أنه في الجزء الخلفي من المعرض هناك نسخة من جدار الحجر الذي أعطى الاستوديو الحداثة للمسة ريفي. مضيفة أنه انتشرت في الاستديو مجموعات "ميرو" من الأصداف البحرية والصور وقصاصات الصحف والدمى، جنبا إلى جنب مع أقلام الرصاص، وكذلك فرشاة الرسم والألوان، فضلا عن المناخ الإبداع والشعري والخيالي حيث عمل ميرو خلال عقوده الأخيرة. فلقد كانت هناك 7 ألوان متناثرة على الأرضية كألوان سياسية مهيمنة على أعماله الأخيرة. فالنجوم الحقيقية في هذا المعرض هي أمثلة للخيارات الفنية الأخيرة لميرو، والتي بدت وكأنها مرسومة حديثا.
 
وتعود أهمية استوديو ميرو، إلى أنها تقص جزءًا من حياة ميرو، ففي مقال كتبه عن شوقه الكبير لهذا الاستديو، إذ كان يبتكر فيه العديد من الإبداعات الفنية، وكشف أنه عندما عاد إلى باريس، كان شابا فقيرا، ولم يتناول الطعام الملائم له ولا مرة واحدة في الأسبوع، ولم يبقيه على قيد الحياة في الأيام الأخرى سوى مضغه للعلكة. وبالبحث في فن ميرو الخيالي، ربما تعتقد أنه مخدر، ولكن كاتب سيرته الذاتية رولاند بنروز أدعى أن الجوع وليس المخدرات هي التي صنعت هلوسة ميرو الشاب.
 
وولد الرسام والنحات الإسباني ميرو، في مدينة برشلونة منطقة كاتالونيا الإسبانية في 20 نيسان/ابريل 1893 وتوفي في بالما دي مايوركا في 25 كانون الأول/ديسمبر 1983. حيث سافر في صباه إلى أميركا الوسطى، وزار عدة دول فيها، ويقول النقاد إن تلك الرحلة أثرت كثيرًا على حبه لاختيار الألوان الزاهية المشرقة في لوحاته الفنية.
 
وعاش ميرو في مرحلة ما بعد السريالية وهو ما تجسد في أعماله، فاخترع طريقته الثورية في الرسم، إذ كان يتعمق في داخل عقله لخلق الأكوان اللونية من الفضاء الداخلي ومزجها بالجنس والحياة، كما ظهر في معرضه في باريس في العشرينات. ولكنه كان لا يزال في ذلك في عصر دوران (السنة التي توفي فيها، ويجري إعادة صياغتها حاليا في المسلسل التلفزيوني دويتشلاند 83، وبه فتيات كثيرات أكثر من فيلم شين اندلسيا).
 
وبدأ حياته الفنية كرسام للمناظر الطبيعية، لكنه في العام 1934 سافر إلى باريس، وهناك تعرف على السريالية وروادها وانضم لها فوقع على البيان الأول في نفس العام الذي وصل فيه باريس. وكان مرسمه مكافأة لنفسه ولكن أيضا يجسد طريقة جديدة في التفكير في الفن، الذي حصل على مكانة عالية بعد الحرب العالمية الثانية ولا يزال يتوسع.
 
 
ويعتقد مؤرخو الفن أن ميرو تأثر بألوانه بأميركا الوسطى، وتأثر في أفكاره بمسقط راسه ففي تلك الفترة كانت منطقة كاتالونيا وعاصمتها برشلونة واحدة من بؤر الفوضوية في العالم والتي نادت بنبذ الواقع من الفن والجنوح نحو الحلم والخيال والتحليق في عالم اللاشعور.
 
ويقول النقاد إن خوان ميرو "تفرد عن غيره من فناني السريالية بنزوعه نحو التبسيط والاختزال فلم يبق يمارس صناعة اللوحة حسب مقتضيات المفاهيم الفنية السابقة لذا فقد تخلى عن خط الأفق" الذي اعتاد الكلاسيكيون استخدامه لتقسيم اللوحة إلى مستويين بصريين. كما تخلى عن المساحات المبنية، وتحولت اللوحة عنده إلى فضاء مسطح مما جعل عين الناظر إلى اي عمل من اعماله الفنية تنحرف عن النقطة المركزية لتصبح مشدودة إلى الفضاء الكلي الذي ترتسم عليه التشكيلات الخيالية المبتعدة عن المناخات الواقعية.
 
واتخذ ميرو من أحلام الطفولة وخيالاتها منابع واستلهامات لأشكاله البسيطة التي تهوم وتنطلق في العاب الفرح الإنساني وتنفصل عن كل قوانين الاتصال بالواقع. ويحتوي هذا المعرض على أمثلة صغيرة من أعمال الراحل وهي جميلة جدا وإن كانت تفتقر إلي العقل وهي طبيعة الفن السريالي. وفي الحرب الأهلية الإسبانية وقف ميرو مع نظام فرانكو ورسم جداريات لهم خلافا لزميله بابلو بيكاسو الذي ساند الشيوعيين في ثورتهم على الجنرال فرانكو، لكن ميرو ظل بعيدا عن هم الشعب الإسباني وقضاياه المصيرية،
 
وكان ميرو منسجما مع قناعته بنفي الواقع من عالم الفن، وقد جعله موقفه السياسي هذا عرضة لانتقادات الشيوعيين والمتعاطفين معهم من النقاد الفنيين الذين قالوا إن الرجعية سخرته ليكون في خدمتها ووضعته في مواجه بيكاسو، ولكنه فعل الكثير للحفاظ على الثقافة الإسبانية على قيد الحياة. فاستديو ميرو سحري في أعماله دافئ في مناخه، ما يلهمنا أن مؤسس الفن العظيم ربما يكون جائعًا.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة السياحة والآثار المصرية تسترد 13 قطعة أثرية من…
إدراج 3 مواقع من فلسطين في سجل التراث المعماري…
معهد الموسيقى والرقص بالرباط يفتح أبوابه للمبدعين الشباب
وزير الثقافة المغربي ينعي صالح الباشا وبناصر أوخويا ويشيد…
فنانة دنماركية تتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة…

اخر الاخبار

بوتين يبدي استعدادا للقاء زيلينسكي في موسكو
تقرير يكشف ارتفاع مخزون إيران من اليورانيوم قبل الهجوم…
هجوم إسرائيلي يستهدف قوات اليونيفيل في جنوب لبنان
سموتريتش يطالب نتنياهو بإقرار بسط السيادة على كل المناطق…

فن وموسيقى

منى واصف تتوج بلقب سفيرة السلام في العالم تقديراً…
مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…
الكشف عن حقيقة الوضع الصحي لأنغام وتطوراتها الأخيرة
إليسا ضحية عملية احتيال بملايين الدولارات ورجل أعمال يفر…

أخبار النجوم

مطالب بالتحقيق مع روبي بسبب تصريحات مثيرة للجدل في…
نقابة الفنانين تؤكد أصالة لا تشارك في معرض دمشق…
أسيل عمران تكشف كواليس صعوبة تجسيد شخصية صابرين في…
حسين الجسمي يقدم اللون المصري بروح عصرية في أغنية…

رياضة

فيفا يكشف أرقام سوق الانتقالات العالمية والأندية تنفق 97…
مورينيو يؤكد تلقيه عرضًا من الأهلي المصري ويُعلن رفضه
إنفانتينو يؤكد أن المغرب قوة كروية وتتويجه الثالث بالشان…
محمد صلاح يشيد بآرسنال ويؤكد استمرار صراع اللقب مع…

صحة وتغذية

وزارة الصحة المغربية تعرض النسخة النهائية من مرسوم الأدوية…
رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة
زراعة القلب الجزئية تمنح الأمل لأطفال يعانون من اضطراب…
الأطعمة فائقة المعالجة تسبب زيادة الوزن وتدهور الخصوبة

الأخبار الأكثر قراءة

معهد الموسيقى والرقص بالرباط يفتح أبوابه للمبدعين الشباب
وزير الثقافة المغربي ينعي صالح الباشا وبناصر أوخويا ويشيد…
فنانة دنماركية تتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة…
اتهامات للحوثيين بتدمير قطاع التعليم الحكومي
قصر سيئون اليمني يعود للحياة بجهود الترميم بعد قرون…