الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
لوحة "من داخل الكولوسيوم" لفرانسيس تاون منذ عام 1780 بالمتحف البريطاني

روما - ليليان ضاهر

جسّد مدرس الفنون ومحب الألوان المائية فرانسيس تاون خلال رحلته إلى روما، التي لم تكن وجهته الأصلية لما يسمونه بـ"الحج الثقافي"؛ الواقع الإيطالي القديم، إذ كان ينظم كل فنان واستقراطي في القرن الـ18 في بريطانيا، رحلة عبر جبال الألب، ولو على الأقل مرة واحدة، لرؤية روائع التقاليد الكلاسيكية.

ووفقا لصحيفة "غارديان" البريطانية، فإن بعض الفنانين، كانوا يتكسبون عيشهم من تجسيد الإنجليز المرهفين في إيطاليا، وكان تاون، مجرد مسافر آخر على الطريق السياحي البالي، الذي كان خطيرا في حد ذاته، بصرف النظر عن طرقه الوعرة، وانتشار الملاريا وقطاع الطرق به، إلا أن رسوماته بالألوان المائية في روما تعد مثيرة للدهشة، فهي تعرض صورة مقنعة لمدينة ضاعت في الزمان والمكان، إذ المشاهد المنسية للأنقاض حيث لا يحدث أي شيء سوى ابتلاع المستقبل للماضي.

فكل الطرق ربما تؤدي إلي روما، ولكن يبدو أن تاون، في كثير من الأحيان، كان أكثر اهتماما بالمسار أكثر من الوجهة، فتظهر روما هنا في المسافة أو من خلال الأشجار.

فلقد رسم تاون الحواف، والزوايا المجوفة والمهملة للمدينة، بدلا من التحديق في المعالم السياحية الشهيرة، فلقد أمضى فترات صباحية طويلة في رسم الجدران المنهارة، والخنادق الغائرة، وأطلال القصور، والتي دائما ما كان تحدها السماء ذات السحب الزرقاء والفضية والذهبية اللون.

فمثل رسام القرن الـ18 توماس جونز، الذي رسم منظرا فارغا مخيفا لمدينة نابولي، اهتم تاون برسم الشوارع الخلفية أكثر من المعالم الكبرى الشهيرة. وبالتدريج، بقدر ما ترى الأنقاض عبر أوراق الشجر المهملة والفروع المتشابكة، بقدر ما تدرك أنه رسمه ليس سطحيا على الإطلاق.

وهذه هي الكنوز العظيمة في  روما، التي نبحث عنها, فلقد اكتشف تاون أروقة الكولوسيوم، والقصور الامبراطورية في بلاتي هيل، وأنقاض المنتدى الروماني، حيث ما رأه عندما ذهب إلى روما. واليوم هذه الأماكن التي كانت ضائعة وسط الحشائش والغابات، أصبحت مزارا محتشدا بالزوار.

فروما الخاص بـتاون ، ليست مدينة عصرية، وإنما هي غابة تتخللها أنصاف المعابد المنهارة، والضواحي المتعرجة المكتظة بقليل من المزارعين، وتجار السوق.

بينما كان يتجول تاون في التلال السبعة في روما، كان المؤرخ إدوارد جيبون يكتب عن تاريخ اضمحلال وسقوط الإمبراطورية الرومانية، فلقد كانت رؤاهم عن روما متشابهة بشكل ملحوظ.  فتحفة جيبون، كانت محاولة مرعبة تتعلق بفهم مدى إمكان تلاشي أو سقوط الامبراطورية الرومانية.

في الوقت ذاته تبحث لوحات تاون بالألوان المائية السؤال نفسه: وهو ما حدث في هذه الوديان والغابات الهادئة، فالمعابد والقصور التي حكمت ذات مرة جزءًا كبيرًا من العالم هي الآن خالية من الزينة الخلابة، ولم يتبق لها إلا المناظر الطبيعية الرعوية، حيث يبدو أن الوقت قد تباطأ مثل تعرجات نهر التيبر.

بالطبع ليس ذلك هو الهدف من تجسيد الواقع، فنهر التيبر يتدفق دائما بلطف كما يظهره تاون، وروما أيضا كان لديها سكانها وتاريخها الحديث عندما زارها. فعلى الرغم من أن تاون شاعر رومانسي بفرشاة الألوان المائية، لكنه كان مهووسا ومتشائما بشأن التأمل في سقوط الإمبراطوريات مع مرور الوقت، ما يجعل رسوماته وكأنها رثاء مستوحى من المناظر الطبيعية.

وكان لديه إتقان فني هائل للخيال، حيث تدفق الأشجار في الأفق، بجذورها الحليقة، في مسحة من اللون الأخضر، وبياض أشعة الشمس.

وترك فرانسيس تاون، الذي فشل 11 مرة في اختياره للأكاديمية الملكية، بصمته في هذه الألوان المائية في المتحف البريطاني عندما توفي عام 1816، فربما لم يكن تاون فنانا بريطانيا شهيرا كذلك، لكن رسوماته في مدخل المتحف خلابة للغاية.

ملحوظة: الضوء والوقت والتراث: لوحة مائية لفرنسيس تاون من روما وضعت في المتحف البريطاني، في لندن، في الفترة من 21 كانون الثاني/ يناير وحتى 14 آب/ أغسطس.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة السياحة والآثار المصرية تسترد 13 قطعة أثرية من…
إدراج 3 مواقع من فلسطين في سجل التراث المعماري…
معهد الموسيقى والرقص بالرباط يفتح أبوابه للمبدعين الشباب
وزير الثقافة المغربي ينعي صالح الباشا وبناصر أوخويا ويشيد…
فنانة دنماركية تتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة…

اخر الاخبار

بوتين يبدي استعدادا للقاء زيلينسكي في موسكو
تقرير يكشف ارتفاع مخزون إيران من اليورانيوم قبل الهجوم…
هجوم إسرائيلي يستهدف قوات اليونيفيل في جنوب لبنان
سموتريتش يطالب نتنياهو بإقرار بسط السيادة على كل المناطق…

فن وموسيقى

منى واصف تتوج بلقب سفيرة السلام في العالم تقديراً…
مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…
الكشف عن حقيقة الوضع الصحي لأنغام وتطوراتها الأخيرة
إليسا ضحية عملية احتيال بملايين الدولارات ورجل أعمال يفر…

أخبار النجوم

مطالب بالتحقيق مع روبي بسبب تصريحات مثيرة للجدل في…
نقابة الفنانين تؤكد أصالة لا تشارك في معرض دمشق…
أسيل عمران تكشف كواليس صعوبة تجسيد شخصية صابرين في…
حسين الجسمي يقدم اللون المصري بروح عصرية في أغنية…

رياضة

فيفا يكشف أرقام سوق الانتقالات العالمية والأندية تنفق 97…
مورينيو يؤكد تلقيه عرضًا من الأهلي المصري ويُعلن رفضه
إنفانتينو يؤكد أن المغرب قوة كروية وتتويجه الثالث بالشان…
محمد صلاح يشيد بآرسنال ويؤكد استمرار صراع اللقب مع…

صحة وتغذية

وزارة الصحة المغربية تعرض النسخة النهائية من مرسوم الأدوية…
رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة
زراعة القلب الجزئية تمنح الأمل لأطفال يعانون من اضطراب…
الأطعمة فائقة المعالجة تسبب زيادة الوزن وتدهور الخصوبة

الأخبار الأكثر قراءة

معهد الموسيقى والرقص بالرباط يفتح أبوابه للمبدعين الشباب
وزير الثقافة المغربي ينعي صالح الباشا وبناصر أوخويا ويشيد…
فنانة دنماركية تتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة…
اتهامات للحوثيين بتدمير قطاع التعليم الحكومي
قصر سيئون اليمني يعود للحياة بجهود الترميم بعد قرون…