غزة - كمال اليازجي
في تطور مفصلي بمسار المفاوضات، أعلنت حركة حماس، الإثنين، موافقتها على المقترح الجديد الذي قدمه الوسطاء المصريون والقطريون لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تأكيدات من مسؤولين بالحركة أن المبادرة تتضمن ضمانات أميركية، وتأتي كخطوة وسط بين مطالب حماس والموقف الإسرائيلي السابق.
وقال مسؤولون في "حماس" إن الرد الرسمي تم تسليمه للوسطاء، ويتضمن موافقة الحركة وعدد من الفصائل الفلسطينية الأخرى على المقترح، فيما أشارت تقارير إلى أن إسرائيل أبدت قبولاً مبدئياً بالمقترح ذاته، ما يفتح المجال أمام إعلان اتفاق وشيك وموعد لاستئناف المفاوضات بشكل رسمي.
مصادر مصرية مطلعة على المفاوضات أكدت أن هذه الموافقة تمثّل "بداية الطريق نحو حل شامل"، مشيرة إلى أن المقترح الذي قُدّم مؤخراً يقترب في مضمونه من ورقة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والتي سبق أن وافقت عليها تل أبيب. ووفق ما نُقل عن مصدر مصري، فقد تمكن الوسطاء من تحقيق اختراق من خلال دفع "حماس" إلى قبول المقترح الذي يفتح الباب لوقف إطلاق نار دائم لاحقاً.
القيادي في حماس، طاهر النونو، قال إن "المقترح الجديد يتضمن ضمانات أميركية"، مشيراً إلى أن الحركة تغلّبت على اعتبارات داخلية بهدف تحقيق المصلحة الوطنية وفتح طريق باتجاه حل يوقف الحرب، واصفاً المقترح بأنه "يقف في المنتصف بين موقف حماس السابق والموقف الإسرائيلي".
من جهة أخرى، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، أن إسرائيل لا تسمح بدخول إمدادات إنسانية كافية إلى قطاع غزة لتجنّب الجوع واسع النطاق. وقال المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، في مؤتمر صحفي بجنيف، إن الحكومة الإسرائيلية تسمح بدخول مساعدات، لكنها تبقى "أقل بكثير مما هو مطلوب لتفادي المجاعة". وأشار إلى أن الجوع في غزة "نتيجة مباشرة للسياسات الإسرائيلية"، محذّراً من كارثة إنسانية وشيكة.
وعلى صعيد الدعم الإنساني، أعلنت وزارة الخارجية القبرصية إرسال 1200 طن من المساعدات إلى غزة بحراً عبر ميناء أسدود، ضمن جهود أوروبية ودولية متواصلة لتقديم الإغاثة للمدنيين. وأوضحت أن الشحنة خضعت للفحص المسبق، وستُنقل مباشرة دون تفتيش إضافي، حيث تتولى منظمة "وورلد سنترال كيتشن" توزيعها، بإشراف من آلية التسليم التابعة للأمم المتحدة. وأكدت قبرص أن منشآتها اللوجستية متاحة للمجتمع الدولي كقناة إنسانية مستمرة، مشيدة بمساهمات من الإمارات، ومالطا، ومنظمات أميركية وكويتية وإيطالية.
وتأتي هذه التحركات الإنسانية والسياسية في ظل تفاقم الأزمة داخل قطاع غزة، حيث أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن نحو نصف مليون فلسطيني على شفا المجاعة، في وقت لا تزال فيه المعابر مغلقة جزئياً، وسط بطء إدخال المساعدات الأساسية.
كما أشار مسؤولون فلسطينيون إلى أن الفصائل الموجودة في القاهرة، بينها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، أجرت مشاورات مكثفة بشأن المقترح، الذي تضمن صفقة جزئية تشمل إطلاق سراح 10 إسرائيليين أحياء وعدد من الجثامين، على أن تتبعها دفعة ثانية، تمهيداً لمفاوضات غير مباشرة حول "اليوم التالي" لانتهاء الحرب.
في سياق متصل، جدّدت مصر تأكيدها على ضرورة تفعيل الحل السياسي، حيث أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، من معبر رفح، إلى استمرار التنسيق مع قطر والولايات المتحدة، للوصول إلى هدنة أولية تمتد 60 يوماً، بموجب مبادرة المبعوث الأميركي، يتم خلالها التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار، وتهيئة الأجواء لمعالجة الملفات الإنسانية والإعمار. كما شدد عبد العاطي على أهمية الضغط الدولي على إسرائيل لفتح المعابر وإنفاذ المساعدات.
بموازاة هذه الجهود، هاجم رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، رونالد ستيفن لاودر، الحكومة الإسرائيلية، محذّراً من تصاعد التطرف داخلها، ومعتبراً أن صمت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على سلوكيات وزرائه "قد يُفهم كقبول ضمني بسياسات متشددة"، في إشارة إلى وزيري المالية والأمن الداخلي. وجاءت هذه التصريحات في وقت قررت فيه إسرائيل إلغاء تأشيرات إقامة ممثلي أستراليا لدى فلسطين، رداً على رفض كانبيرا منح تأشيرة دخول لعضو الكنيست سميحا روثمان.
وبين الحراك الدبلوماسي المتسارع والضغوط الدولية المتزايدة، تبدو الأيام المقبلة حاسمة في ما إذا كانت الأطراف ستنجح في التوصل إلى اتفاق نهائي يوقف الحرب في غزة، وينقل المنطقة إلى مسار أكثر استقراراً، أم أن التعقيدات السياسية ستعرقل طريق الحل المنتظر.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
دونالد ترامب يؤكد أن حركة حماس لن تفرج عن الرهائن دون تغير جذري