غزة - المغرب اليوم
تعرضت سفن "قافلة الصمود" المتجهة إلى قطاع غزة منذ فجر الأربعاء لسلسلة من الانفجارات العنيفة بعد تحليق طائرات مسيرة مجهولة بالقرب منها، وسط أجواء من التوتر والتشويش على أجهزة التواصل، في وقت يواجه فيه الأطباء داخل القطاع كارثة إنسانية متفاقمة في ظل تقدم القوات الإسرائيلية نحو قلب مدينة غزة وتدمير البنية التحتية الصحية.
وقال تياغو أفيلا، أحد المتحدثين باسم القافلة، إن الطائرات المسيرة حلّقت بشكل مكثف قرب سفينة "ألما"، التي تقل عدداً من منظمي الرحلة، وتبع ذلك سماع دوي انفجارات ضخمة، مرجّحاً أن تكون ناجمة عن استهداف مباشر أو تحذيري. وأضاف أفيلا أنه تم رصد تشويش كبير على أجهزة الملاحة والتواصل الخاصة بالسفن، ما جعل عملية التنسيق بين السفن المشاركة أكثر صعوبة وتعقيداً.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد صرّحت في وقت سابق أن "قافلة الصمود" تمثل "أسطولاً تابعاً لحماس"، مشيرة إلى أنها ستقوم بمنع وصوله إلى غزة بكافة الوسائل، بعد رفض المنظمين اقتراحاً بالرسو في ميناء عسقلان وتسليم المساعدات الإنسانية للقوات الإسرائيلية لتتولى نقلها. واعتبرت تل أبيب رفض المقترح دليلاً على أن هدف الأسطول "ليس إنسانياً بل سياسياً يخدم مصالح حماس".
من جانبهم، أكد منظمو القافلة، التي تضم نحو خمسين سفينة وأكثر من 500 مشارك من 44 دولة، أن هدفهم إنساني بحت يتمثل في كسر الحصار البحري المفروض على غزة منذ سنوات، مشددين على تمسكهم بالحق في الوصول المباشر إلى سكان القطاع دون وساطة إسرائيلية.
وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلن الأسطول عن تعرض أحد قواربه لضربة جوية أثناء وجوده قرب الساحل التونسي، ما أدى إلى اندلاع حريق على متنه، بينما نفت السلطات التونسية أي استهداف أو نشاط عدائي في المنطقة.
وفي غزة، تتواصل الكارثة الإنسانية في المستشفيات التي تعاني من نقص حاد في المعدات الطبية، والأدوية، والتخدير، وسط استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية وتقدم القوات البرية باتجاه المناطق المأهولة بالسكان.
قال أطباء يعملون في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع، إن الوضع داخل المنشأة "كارثي"، واصفين ما يحدث بأنه "مذبحة جماعية" تُجرى فيها عمليات جراحية في ظروف غير إنسانية، وبأقل قدر ممكن من التخدير ومسكنات الألم. الطبيبة ندى أبو الرب، اختصاصية الطوارئ المتطوعة، تحدثت عن مشاهد مروعة لجثث ممزقة، وعمليات بتر تُجرى في غرف عمليات تفتقر إلى الحد الأدنى من التعقيم، قائلة: "نقوم بإجراء عمليات دون تخدير كافٍ، أحياناً بلا تخدير نهائياً. الوضع أقرب إلى ساحة تعذيب منه إلى مستشفى".
وأوضحت أبو الرب أنه تم إجراء عملية قيصرية لإنقاذ رضيعة بعد مقتل والدتها، التي كانت في شهرها التاسع، جراء إصابة قاتلة في الرأس. وأكدت أن المعدات الطبية شبه معدومة، والأسِرّة متهالكة، والكوادر الطبية منهكة بالكامل.
الطبيبة الأسترالية سايا عزيز، اختصاصية التخدير، وصفت كيف انتظر طفل يبلغ من العمر ست سنوات أكثر من ثلاثة أيام لإجراء عملية بسبب النقص في الجراحين والأدوات الطبية، في وقت لا يتوقف فيه تدفق الجرحى.
في الميدان، تتقدم القوات الإسرائيلية نحو مستشفى الشفاء، حيث تبعد دباباتها أقل من 500 متر عنه، بينما تُحاصر مستشفيات أخرى مثل مستشفى القدس في تل الهوى، الذي توقفت فيه محطة الأوكسجين عن العمل بعد تعرضها لإطلاق نار مباشر.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بأن القصف الجوي والمدفعي أجبر مستشفى الرنتيسي للأطفال ومستشفى سانت جون للعيون على الإخلاء الكامل. كما قررت القوات المسلحة الأردنية إغلاق مستشفاها الميداني في تل الهوى ونقله إلى جنوب القطاع بعد تعرضه لأضرار جسيمة.
كما تم تدمير مركز للرعاية الصحية الأولية يتبع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية إثر غارة إسرائيلية، ما أدى إلى إصابة عدد من العاملين الصحيين. وكان المركز يقدّم خدمات حيوية، من ضمنها توفير الدم وأدوية الأمراض المزمنة والسرطان.
وفي منطقة سوق فراس وسط مدينة غزة، أسفرت غارة إسرائيلية عن مقتل 22 شخصاً على الأقل، بينهم تسعة أطفال وست نساء، بحسب جهاز الدفاع المدني الفلسطيني. ليرتفع عدد القتلى خلال ساعات قليلة إلى 37 شخصاً، غالبيتهم في مدينة غزة.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 320,000 فلسطيني منذ منتصف أغسطس/آب، بينما تقول القوات الإسرائيلية إن الرقم تجاوز 640,000. ويواجه السكان صعوبة بالغة في الانتقال إلى مناطق الإخلاء بسبب الازدحام وارتفاع تكلفة النقل، التي تصل في بعض الحالات إلى أكثر من 3,000 دولار للعائلة الواحدة.
وكانت الحرب قد اندلعت عقب هجوم شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل 1,200 شخص وأسر 251 آخرين، وفق ما أفادت به إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين جراء القصف والهجمات الإسرائيلية 65,000 شخص، بحسب وزارة الصحة في غزة، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي ظل هذه الأوضاع، تحذر المنظمات الإنسانية والطبية من انهيار شامل للنظام الصحي في القطاع، في الوقت الذي تصر فيه السلطات الإسرائيلية على منع دخول أي مساعدات غير خاضعة لرقابتها، فيما يواجه المدنيون الفلسطينيون في غزة مصيراً مجهولاً تحت وطأة الحرب المستمرة منذ ما يقارب عامين.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
القوات الإسرائيلية تُعلن اعتقال خلية تابعة لفيلق القدس الإيراني خلال عملية خاصة جنوب سوريا