كييف - المغرب اليوم
تواصل أوكرانيا بحث مقترح سلام جديد قُدّم خلال محادثات مكثفة في جنيف، وسط ضغط أمريكي متزايد للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الروسية على أراضيها، بينما تؤكد كييف تمسكها بمبادئها ورفضها تقديم تنازلات تمسّ سيادتها أو مستقبلها الأمني.
ورغم أنّ أوكرانيا أعلنت مراراً رغبتها في إنهاء الحرب، فإنها ترفض القبول بأي اتفاق يُفرض عليها أو يتضمن شروطاً قريبة من الاستسلام. ولذلك رفضت كييف طلباً أمريكياً بقبول اتفاق خلال مهلة زمنية قصيرة، وهو ما دفع كبار المسؤولين من البلدين إلى عقد اجتماعات عاجلة في جنيف، تخللتها تنقلات مكثفة بين مقريّ المفاوضات.
وشارك في هذه المحادثات أيضاً مستشارو الأمن القومي من دول أوروبية بينها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وخلال الظهور العلني الوحيد لرئيس الوفد الأوكراني أندري يرماك، بدا متشحاً بملامح جامدة تعكس حساسية اللحظة، خاصة مع بدء النقاشات من مقترح أوليّ مائل بشكل واضح لصالح المطالب الروسية، وهو ما استدعى نفي المسؤولين الأمريكيين أنه أُعدّ بطلب أو تأثير من موسكو.
وكان الرئيس الأمريكي قد دعا كييف إلى التوصل لاتفاق سريع، ملوّحاً بعواقب غامضة في حال عدم الامتثال، الأمر الذي دفع أوكرانيا للمشاركة في المفاوضات رغم التحفظات الكبيرة. وبعد ساعات طويلة من النقاش، أعلن الجانب الأمريكي تحقيق "تقدم كبير"، مع بقاء بعض النقاط العالقة التي لم يُكشف عنها نظراً لحساسية الملف.
وأكّد بيان مشترك من واشنطن وكييف وجود "وثيقة مبدئية معدّلة ومراجعة" يتم بحثها حالياً. ووفق تصريحات مسؤول أوكراني، تتضمن الخطة الجديدة 19 بنداً، ولا تكاد تحتفظ إلا بجزء بسيط من المسودة الأولى، ما يعكس حجم التعديلات التي فُرضت عليها خلال المفاوضات.
ويُرجّح أن تكون بعض المقترحات الأوروبية قد أُدرجت ضمن الوثيقة الجديدة، وهي مقترحات تتقاطع أكثر مع الموقف الأوكراني. وتشير المعلومات الأولية إلى أنّ البنود المعدّلة لم تعد تفرض حق نقض تلقائي على انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي مستقبلاً، كما تم حذف القيود المفروضة على حجم القوات الأوكرانية. أما مسألة نشر قوات غربية على الأراضي الأوكرانية فلم تُمنع بشكل مطلق، رغم التأكيد على عدم وجود انتشار دائم لها.
وفيما يخصّ مصير الأراضي التي تخضع لسيطرة القوات الروسية، لا تُلزم المسودة الجديدة كييف بالتخلي عنها، بل تعتمد على المسار الدبلوماسي لاستعادتها، وهو ما يتوافق مع تصريحات الرئيس الأوكراني الذي شدّد على رفض التخلي عن أي جزء من الأراضي.
كذلك تم شطب بند يمنح عفواً كاملاً عن جرائم الحرب، بينما تضمنت الوثيقة إشارات واضحة إلى ضمانات أمنية دولية، وهي النقطة التي تصرّ عليها أوكرانيا بوصفها غير قابلة للتفاوض، إذ طالبت بحماية شبيهة بما تنص عليه المادة الخامسة الخاصة بالدفاع الجماعي.
ويرى بعض القادة الأوروبيين أن الوثيقة باتت "معدّلة بشكل كبير" باتجاه أكثر توازناً، إلا أنّ السرعة الكبيرة في انتقالها من صيغة مائلة لروسيا إلى أخرى أقرب للمطالب الأوكرانية ما تزال تثير تساؤلات، خاصة مع وجود شخصيات أمريكية تُعرف بمواقفها المتشددة.
وتزامن ذلك مع تقييمات متشائمة حول استعداد روسيا لوقف القتال، إذ تشير تحليلات سياسية إلى أن موسكو تشعر بثقة أكبر على الصعيد العسكري، مدفوعة بتقدّم قواتها في بعض الجبهات، وبالمشكلات التي تواجهها كييف، بما في ذلك قضايا الفساد وصعوبات التعبئة.
ومع ذلك، يرى محللون أن الإصرار الأمريكي على التوصل لاتفاق يمنح المحادثات زخماً جديداً، رغم أنّ الموقف الروسي ما يزال ثابتاً: تقديم المطالب وانتظار قبولها، مع استمرار العمليات العسكرية إلى حين تغيّر الظروف.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
روسيا تعتبر الخطة الأوروبية المقترحة لأوكرانيا غير بناءة وغير ملائمة