الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
" الحية بية "

المنامة ـ بنا

منذ قديم الزمان كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة ، وأدى هذا التقارب الثقافي والفكري الى تشابه بعض العادات والاطباع ، ويقول علماء التاريخ والاجتماع ان اهالي الخليج ابتكروا عادة " الحية بية " والتي تشابهت مع القصص والاساطير والخرافات، فوفق معتقدات الحضارة الهندية السائدة آنذاك فقد كانوا يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار كالرياح والبرق ، وفكروا في كيفية ارضائها والتقرب اليها ، فكانوا يقدمون القرابين والهدايا الى آلهتهم لينالوا رضاها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم ، فاعتادوا بأن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاه شابه في القرية ويقوموا بتجميلها وتزينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلى حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها الى البحر او النهر لتذهب مع الامواج الى البعيد وتختفى حتى تصل الى الالهة وبذلك ينالوا رضاها.

وقد تأثر الخليجيون بهذه الاساطير فاستبدلوا قذف الفتاة في النهر أو بالحية "الحشائش الخضراء" وذلك إرضاء للبحر وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطيء ، وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية بين دول مجلس التعاون ، ويقال بأن أصل كلمة الحية بية هي "الحجى بيجى" كما هو لدى القطريين والكويتيين والاماراتيين وتعنى بأن الحاج سوف يأتي بعد انتهاء موسم الحج .

وقد أشار الباحث البحريني محمد جمال الى أن " الحية بية " هي عادة تراثية شعبية توارثها الابناء من آبائهم وأجدادهم وقد حافظت هذه العادة على استمرارها حتى يومنا هذا بفضل تمسك أبناء البحرين بعاداتهم وتقاليدهم ، وإهتمام المؤسسات والجمعيات المعنية بالثقافة والتراث ، كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الاضحى المبارك ، فيعبّر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي ، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وحلول عيد الاضحى المبارك .

واوضح الباحث محمد جمال بأنه في هذا اليوم يقضي الاطفال مع أهاليهم يوما اجتماعيا ممتعا على ساحل البحر ، وهم يرددون أنشودة "الحية البية" المشهورة حيث يتعلم الاطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم ، ففي هذا اليوم الشعبي يتزين الاطفال باللباس الشعبي فتلبس الفتاة ثوب "البخنق" المطرز بخيط الزري الذهبي ، أما الولد أو الصبى فأنه يلبس " الثوب والصديري والقحفية" وهو غطاء الرأس ويكون الاطفال في أجمل حلة فيتوجهوا مع أهاليهم قبل غروب الشمس الى أقرب ساحل ، ثم يبدأوا إحتفالهم الشعبي بالافتخار بملابسهم وبجمال "الحية المعلقة على رقابهم ، ويردد الاطفال " حية بيه ويات حية على درب الحنينية " حتى آخر الانشودة ، وفى بعض القرى يردد الاطفال " ضحيتي ضحيتي حجي بي حجي بي الى مكة الى مكة زوري بي زوري بي واشربي من حوض زمزم زمزم " حتى آخر الانشودة.

وحول كيفية الحصول على الحية بية فقد أشار الباحث جمال الى أنه إما أن يشتريها الاطفال من السوق جاهزة على هيئة سلة من الخوص تسمى " قفه " وهى السلة التي يضع فيها المزارع التمر ليأكله ثم يضع الاطفال حب الشعير لينبت ، وكنا في السابق نقوم بصنعها في المنزل وهو ما نحبذه فيأخذ الاطفال علبة حديدية ونقطعها من الاعلى ونثقب اسفلها بثقوب كثيرة حتى يسمح بخروج الماء عند سقيها.

وغالبا ما تكون تلك العلبة هي علبة الاناناس الحمراء المعروفة والمتداولة بين الناس حيث يتم ملؤها بالتراب ثم يوضع بها بذر الحشيش او الشعير وتسقى بالماء حتى تنبت وتكبر ويتم ربطها بحبل رفيع حتى تعلق بسهوله فنستيقظ من صباح كل يوم لنرويها وهى تكبر يوما بعد يوم ، حيث تستغرق هذه العملية قرابة الاسبوع حتى تنبت البذور وتكبر ، ويذكّر الطفل الحية بأنه قد قام باطعامها وسقيها بالماء واهتم بها فيطلب منها ان لا تدعى عليه وان تجعله مسرورا بيوم العيد وبعودة حجاج بيت الله الحرام ، وبعد قضاء يوم ممتع يعود الاطفال مع أهاليهم الى منازلهم فرحين بعد قضاء هذا اليوم الشعبي الجميل ليستعدوا لعيد الاضحى المبارك.

وأشاد الباحث محمد جمال بجهود الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث الشعبي في حفاظها على هذا الموروث من الاندثار واحياء عادة " الحية بية " لتستمر وتصل الى الاجيال القادمة ، حيث تستعد الجمعيات والهيئات الاجتماعية للاحتفال بهذه المناسبة قبل حلولها فيتم الاعلان في مختلف وسائل الاعلام عن تنظيمها لفعالية الحية بية وعادة ما يكون موقع الاحتفال على أحد السواحل الجميلة التي تشتهر بها الدولة فيقومون بتوزيع الحية بية على الاطفال ، كما تشارك في هذه الاحتفالية مختلف الفرق الشعبية التي تضفى مزيدا من الفرح والترفيه في قلوب الاطفال والاهالي ، ويستاءل الباحث ، هل يشرح الاب لابنائه كيف اصحبت الحية بية وهل تستمر هذه العادة التراثية التي لازالت تجاهد من أجل البقاء رغم اختفائها من بعض البلدان الخليجية.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الساحة الرضوانية في ضيافة وزارة الثقافة المصرية بقبة الغوري
أولويات ميزانية الثقافة والتواصل تثمين سجلماسة ومعرضان للألعاب والإعلام
ماستر كلاس للمخرج أشرف فايق بمركز الثقافة السينمائية الأربعاء…
24 مدينة مغربية تتدارس عطاء الأديب والناقد برادة
ندوة تناقش أداء نخب العرب في الغرب

اخر الاخبار

اتهامات متبادلة بين إيران وإسرائيل بخرق وقف إطلاق النار
قتلى برصاص إسرائيلي قرب مركز مساعدات وسط غزة
ملك المغرب يُجري اتصالاً هاتفياً بأمير قطر في أعقاب…
المملكة المغربية تُدين الهجوم الإيراني المستهدف لسيادة قطر ومجالها…

فن وموسيقى

أحمد حلمي يُعبر عن سعادته بتكريمه في مهرجان الدار…
هند صبري تواجه حملة هجوم بسبب موقفها من قافلة…
كندة علوش تكشف عن البدء بمشروع فني جديد وتواصل…
أنغام تُشعل مسارح السعودية وتصف جمهورها بالساحر وتشيد بشركة…

أخبار النجوم

كارمن سليمان تتحدث عن حبها للمغرب وتتطلع لتقديم ديو…
حسن الرداد يكشف اسراراً وخفايا شكلت ملامح شخصيته على…
روبي تعلّق على نجاح حفلها بمهرجان موازين في المغرب
محمد حماقي يتألق في مهرجان موازين ويشيد بالمنتخب المغربي

رياضة

مرموش يبدأ مشوار مونديال الأندية بنكهة عربية مع مان…
فينيسيوس يحذر لاعبي ريال مدريد قبل مواجهة الهلال السعودي
كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…

صحة وتغذية

علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم
انشغال الأطفال بالهواتف أثناء الوجبات قد يؤدي لزيادة الوزن
دراسات تؤكد فوائد زيت الزيتون في الوقاية من الأمراض…
تناول منتجات الألبان يُسهم بشكل كبير في الوقاية من…

الأخبار الأكثر قراءة