الرئيسية » إختراعات علوم وتكنولوجيا
الذكاء الاصطناعي بالانتخابات في المغرب

الرباط - المغرب اليوم

يتزامن التحضير للانتخابات التشريعية المقررة في سنة 2026 مع صعود الذكاء الاصطناعي كأداة مركزية في الحملات الانتخابية الحديثة. ففي الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة تبني هذه التكنولوجيا في السياسة عالميا، تتزايد الأسئلة داخل المغرب حول مدى جاهزية الإطار القانوني والسياسي للتعامل مع آثار الذكاء الاصطناعي، الإيجابية منها والسلبية، على مسار العملية الديمقراطية.

فمن جهة، يتيح الذكاء الاصطناعي إمكانيات غير مسبوقة للأحزاب السياسية لفهم سلوكيات الناخبين وتوجهاتهم، وتحسين تواصلها معهم عبر رسائل أكثر تخصيصا وفعالية. لكن من جهة أخرى، تثير هذه القدرات مخاوف حقيقية تتعلق بالتضليل، التلاعب، واستغلال المعطيات الشخصية دون ضوابط أخلاقية واضحة. 

 في هذا السياق، يرى الأستاذ رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن اقتراب موعد الانتخابات يفرض ضرورة ملحة لمراجعة الإطار القانوني المؤطر لاستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل ما وصفه بـ”تجاوز القوانين التنظيمية الحالية لوتيرة التحول التكنولوجي”.

وأكد اعميمي في تصريح لجريدة “العمق” على أهمية وضع إطار قانوني صريح يراعي التوصيات الأخلاقية الدولية، مثل تلك التي أصدرتها منظمة اليونسكو سنة 2021 بشأن الذكاء الاصطناعي. من وجهة نظره، فإن أي تأطير قانوني يجب أن ينطلق من حماية الشفافية والمصداقية في العملية الانتخابية، عبر محاصرة كل إنتاج للمحتوى الآلي المضلل، سواء تعلق الأمر بخطابات مزيفة أو صور وفيديوهات مفبركة تُستعمل للتأثير على إرادة الناخبين بطريقة غير مشروعة.

وفي هذا الصدد، دعا الخبير في القانون الإداري، إلى ضرورة إلزام الفاعلين السياسيين بالإفصاح عن الطابع الاصطناعي للمحتوى الانتخابي، وإقرار المسؤولية القانونية في حالات التزييف والتضليل، بل وإمكانية الحجب الفوري لأي محتوى يتبين أنه نتاج خوارزميات غير شفافة. 

شدد أستاذ القانون الإداري بجامعة الرباط على أن الذكاء الاصطناعي واستعمالاته خلال الحملات الانتخابية سيكون له تأثير كبير دون أن يكون حاسما، موضحا أن خصوصية العملية الانتخابية بالمغرب ما تزال مرتبطة بعوامل أخرى، من بينها ثقل العالم القروي الذي لا يزال مرتبطا بسلوكيات انتخابية كلاسيكية، مثل التواصل المباشر وتأثير الأعيان المحليين.

كما أشار إلى أن هذه المناطق تعاني من هشاشة رقمية واضحة، خاصة في ما يتعلق بالولوج إلى الإنترنت، مما يجعل تأثير الحملات الرقمية محدودا في هذه الفضاءات. وبالتالي، ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد يغير طريقة التفاعل السياسي في المدن والمراكز الحضرية، فإن تأثيره، بحسب اعميمي، يظل غير شامل بالنظر إلى التفاوتات المجالية والرقمية. 

إلى جانب ذلك، لفت اعميمي إلى الحاجة الملحة لتعزيز الحماية القانونية للمعطيات الشخصية للناخبين، خاصة أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على تحليل بيانات ضخمة لتوقع السلوك الانتخابي وتوجيه الرسائل السياسية وفقا لذلك، محذرا من أن غياب قواعد صارمة لحماية الخصوصية قد يؤدي إلى استغلال هذه البيانات في عمليات استهداف انتخابي مفرط، تُعرف بـ”الفقاعات المعلوماتية”، مما قد يحدث اختلالا في مبدأ تكافؤ الفرص بين الفاعلين السياسيين.

ويرى المتحدث ذاته، أن تقنين هذه الممارسات سيكون أساسيا لضمان نزاهة الانتخابات، داعيا إلى إشراك مؤسسات مستقلة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، بل ويدعو إلى التفكير في إنشاء سلطة عليا لمراقبة استخدامات الذكاء الاصطناعي في الحياة العامة. 

أما من زاوية تقنية، فيرى حسن خرجوج، الباحث في الأمن والتطوير المعلوماتي، في حديث مع جريدة “العمق”، أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة لا غنى عنها بالنسبة للأحزاب السياسية، حيث تتيح التقنيات تحليل كميات ضخمة من البيانات، من قبيل التعليقات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفهم اهتمامات المواطنين ورصد القضايا الأكثر تداولا. وهو ما يُمكّن، حسب المتحدث، من تطوير رسائل انتخابية تكون أقرب إلى تطلعات الجمهور.

وأضاف خرجوج أن الذكاء الاصطناعي يحمل أيضا سلبيات لا يمكن إغفالها، من أبرزها خطر الاستهداف المفرط للناخبين عبر تقنيات “micro-targeting”، حيث يتم توجيه رسائل شديدة الخصوصية قد تلامس الحياة الشخصية للأفراد، ما يُثير تساؤلات جدية حول مدى احترام خصوصياتهم وحقوقهم.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يستخدم أيضا للتأثير العاطفي عبر رسائل قوية ولكن مضللة في محتواها، مما يصعب معه التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مصطنع أو مزيف، داعيا في هذا السياق إلى ضرورة إيجاد توازن بين الاستفادة من إمكانات هذه التقنية وبين تأطيرها بقوانين أخلاقية صارمة تضمن عدم انتهاك خصوصيات المواطنين أو التلاعب بخياراتهم السياسية. 

قد يهمك أيضــــــــــــــا

خبراء يدعون المغرب إلى الاستفادة من التجربة اليابانية في التكوين في الذكاء الاصطناعي

بدء التصويت بالانتخابات التشريعية في فرنسا وتوقعات بتقدم اليمين المتطرف

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

توتر وانتقادات متبادلة بين ماسك وناسا بشأن خطط العودة…
تلميذة مغربية تبهر ناسا بمشروع زراعة العدس على القمر
المجلس الوزاري في المغرب يعزز كفاءات الدفاع السيبراني ويقر…
«ميتا» تقيد محادثات الذكاء الاصطناعي مع القُصَّر بعد تسريبات…
السعودية بين الأكثر استهدافاً سيبرانياً في الشرق الأوسط بحسب…

اخر الاخبار

الفصائل الفلسطينية تدعو لاجتماع عاجل لتفعيل منظمة التحرير
الفصائل الفلسطينية تدعو لاجتماع عاجل لتفعيل منظمة التحرير
الملك محمد السادس يهنئ رئيس زامبيا بمناسبة العيد الوطني…
رئاسة النيابة العامة في المغرب تشدد على تعزيز آليات…

فن وموسيقى

وثيقة زواج مزعومة لمنة شلبي تثير الجدل ومصدر مقرب…
محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…
أزمة جديدة تضرب الفنان محمد فؤاد بعد تسريب أغنية…
منة شلبي تكشف كواليس تكريمها في مهرجان الجونة و…

أخبار النجوم

أول ظهور علني لمنة شلبي وزوجها أحمد الجنايني في…
بعد اتهامها بالسخرية من لبلبة إلهام شاهين تكشف السبب
إياد نصار يكشف عن مسلسل رمضاني يتناول أحداث غزة
تسريب أغنية حليم يشعل أزمة بين محمد فؤاد وشركته

رياضة

الوداد الرياضي يتعاقد مع المغربي حكيم زياش في صفقة…
ميسي يجدد عقده مع إنتر ميامي ويؤكد استمراره في…
النجم المغربي عثمان معما يأسر أنظار ريال مدريد بعد…
ديمبيلي يقود سان جيرمان لاكتساح تاريخي على أرض ليفركوزن

صحة وتغذية

الصحة العالمية تواجه تخفيضات حادة في موازنة الطوارئ الإنسانية
دراسة جديدة تربط بين الشيب والوقاية من الأورام
6 مشروبات صحية ثبت علميا أنها تخفض مستويات السكر…
الاكتشاف المبكر لمرض الزهايمر وأهمية التعرف على العلامات الأولية

الأخبار الأكثر قراءة

ستارلينك تدخل لبنان بإشراف إيلون ماسك وسط جدل تقني…
خبراء يتحدثون عن دور الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجوم…
دراسة حديثة تكشف آلية تخلص المخ من النفايات السامة
إيلون ماسك يدخل السوق اللبنانية عبر ستارلينك وسط جدل…
الذكاء الاصطناعي يدخل المشهد الانتخابي المغربي وسط مخاوف من…