في ظل ضغوط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرفع العقوبات المفروضة عليه من مجلس الأمن، من دبلوماسي واسع الاطلاع في الأمم المتحدة أن استعدادات تجري لزيارة يتوقع أن يقوم بها الرئيس السوري أحمد الشرع في سبتمبر (أيلول) المقبل إلى نيويورك، ليكون الرئيس السوري الأول الذي يشارك في الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورغم أن سوريا من الدول الـ51 المؤسسة للأمم المتحدة وشاركت في اجتماعات سان فرانسيسكو لهذه الغاية عبر وفد من مصر ولبنان، لم يشارك أي من رؤسائها في الاجتماعات السنوية الحرفية المستوى للمنظمة الدولية. غير أن الرئيس السوري نور الدين الأتاسي زار المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك صيف عام 1967 على أثر «النكسة» العربية في حرب يونيو (حزيران) من ذلك العام.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول الـ15 الأعضاء، ولا سيما بقية الدول الخمس الدائمة العضوية فيه، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، مستعدة للاستجابة لتوجهات إدارة ترمب في شأن رفع العقوبات المفروضة من مجلس الأمن على «هيئة تحرير الشام» التي كان يقودها الشرع قبل سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في نهاية عام 2024.
موقف الصين
ونسب موقع «المونيتور» إلى مصادر دبلوماسية، أن هناك توقعات باحتمال استخدام الصين حق النقض (الفيتو) لعرقلة جهود الولايات المتحدة التي وزعت مشروع قرار يدعو إلى شطب اسم الشرع ووزير الداخلية السوري أنس خطاب من قائمة العقوبات الأممية الخاصة بمكافحة الإرهاب المفروضة على تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، ليتسنى لهما الحصول على إذن خاص من الأمم المتحدة للسفر.
ويشمل المشروع الأميركي الذي تؤيده بريطانيا وفرنسا توسيع استثناءات العقوبات لتسهيل النشاط التجاري في سوريا، وتضمن استثناء محدوداً على حظر الأسلحة يتيح لوكالات تابعة للأمم المتحدة استخدام المعدات اللازمة في عمليات إزالة الألغام وغيرها من النشاطات من دون الخضوع لقيود الاستخدام المزدوج.
وأضاف أن المصادر الدبلوماسية أوضحت أن النسخة الأولى من المشروع كانت تتضمن رفع اسم «هيئة تحرير الشام» من قائمة العقوبات. وكشفت عن أن الولايات المتحدة عدلت النص بعد توقع اعتراض بعض أعضاء مجلس الأمن، وبينهم الصين، وستسعى بدلاً من ذلك إلى رفع اسم «هيئة تحرير الشام» عبر لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن. وكانت إدارة ترمب ألغت تصنيف «هيئة تحرير الشام» منظمةً إرهابية أجنبية، في ضوء التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب.
من جهتها، دعت القائمة بأعمال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا، خلال جلسة لمجلس الأمن، إلى إعادة النظر في العقوبات الأممية المفروضة على «هيئة تحرير الشام». وأضافت أن المجلس «يمكنه ويجب عليه تعديل العقوبات حتى تتمكن الحكومة السورية من الانتصار في محاربة الإرهاب، مع الاستمرار في إدراج أخطر وأشد المتطرفين على القائمة».
وتزامنت هذه الجهود مع استقبال الشرع للسفير الأميركي لدى أنقرة توم برّاك، الذي يعمل أيضاً مبعوثاً خاصاً للرئيس الأميركي إلى سوريا. وأفادت وزارة الخارجية السورية بأن الشرع استقبل برّاك، الأربعاء، في دمشق. وأضافت أن اللقاء عرض لآخر المستجدات السياسية والأمنية، وسبل دفع العملية السياسية في البلاد قدماً، «بما يضمن احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها». كما حضر براك مراسم توقيع اتفاقيات لتنفيذ مشاريع استثمارية استراتيجية في دمشق، الأربعاء، برعاية الرئيس السوري.
وكان براك نشر عبر منصة «إكس» مندداً بـ«أعمال العنف المقلقة» التي وقعت أخيراً في السويداء ومنبج. وقال إن «الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لوقف العنف وبناء حل سلمي ودائم»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «تفخر بمساعدتها في التوسط لإيجاد حل في السويداء، وبمشاركتها مع فرنسا في التوسط لإعادة دمج الشمال الشرقي في سوريا موحدة». وشدد على أن «الطريق إلى الأمام بيد السوريين»، داعياً كل الأطراف إلى «الحفاظ على الهدوء وحل الخلافات بالحوار لا سفك الدماء. سوريا تستحق الاستقرار. السوريون يستحقون السلام».
وأكدت هذه التوجهات في تصريحات الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، الثلاثاء، التي قالت: «نتواصل مع كل الأطراف لضمان الأمن والهدوء لجميع السوريين. لكننا نواصل دعم الحوار مع الحكومة السورية و(قوات سوريا الديمقراطية) الهادف إلى دمجها في الجيش السوري». ورحبت بـ«كل اللقاءات المثمرة بين (قوات سوريا الديمقراطية) والرئيس الشرع. كما ندعم عزم (قسد) على تحويل وقف النار الحالي في شمال شرقي سوريا إلى سلام شامل ودائم». وأكدت أن الولايات المتحدة «تعمل من أجل الاستقرار، وأعتقد أن موقفنا السابق لا يزال قائماً بالتأكيد، ونواصل التأكيد على أهمية الديمقراطية، وكذلك الدبلوماسية، فيما يتعلق بطبيعة كيفية حل المشاكل هناك».
وقبل زيارة براك، عقدت وزارة الخارجية السورية سلسلة المناقشات مع وفد أميركي برئاسة مدير برنامج المنصة الإقليمية السورية، نيكولاس غرينجر، ومشاركة وزارات الداخلية والمالية والاتصالات والبنك المركزي السوري، إلى جانب عدد من الجهات المعنية. وتركزت المناقشات حول عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية والدبلوماسية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية السورية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
مجلس الأمن يعقد اجتماعه حول سوريا ويستعرض الأوضاع السياسية والإنسانية
مجلس الأمن يدعو لتسوية النزاعات سلميا والأمين العام يحذر من تصاعد الأزمات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر