يعيش السودان لحظات حرجة وغير مسبوقة وسط قلق شديد، مع ارتفاع قياسي في مناسيب نهر النيل. دفعت هذه الظروف وزارة الري السودانية إلى إطلاق "الإنذار الأحمر" على طول الشريط النيلي، تحسباً لفيضانات محتملة.
وحذر مختصون من أن استمرار تصريف سد النهضة فوق المعدلات الطبيعية قد يضاعف المخاطر، مهدداً السودان بالغرق.
وتطرح الأزمة تساؤلات حول تأثيرها المحتمل على مصر، وما إذا كانت ستتعرض للغرق أيضاً بسبب التصريف غير الطبيعي للسد الإثيوبي.
صرح الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، بأن ما شهده السودان مؤخراً لا يتجاوز إعلان حالة استعداد قصوى، تحسباً لاحتمال حدوث فيضان، مع اقتراب مناسيب النيل من حدود الخطر.
وأوضح أن المنسوب لا يزال أقل من مستوى الفيضان الكبير بنحو متر كامل، ما يعني أن الوضع لم يصل بعد إلى مرحلة الغرق كما يروج البعض.
وأضاف أن بعض الأصوات تبالغ في وصف الموقف بالقول إن السودان غرق، بينما تؤكد الحقائق العلمية عكس ذلك.
وأشار إلى أن السد العالي في مصر قادر على حماية البلاد بسعة تخزينية هائلة تبلغ 162 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى البحيرات الجانبية الثلاث حول بحيرة ناصر بسعة إضافية قدرها 22 مليار متر مكعب، ومفيض توشكى القادر على تصريف أكثر من 20 مليار متر مكعب.
وشدد نور الدين على أنه حتى في السيناريو الافتراضي لتفريغ كامل بحيرة السد الإثيوبي، فإن مصر لن تتأثر، نظراً لقدرة منظومة السد العالي على استيعاب هذه الكمية.
وأوضح أن مصر تسحب قبل بدء موسم الفيضان نحو 55 مليار متر مكعب من مخزون البحيرة، وهو حجم استهلاكها السنوي، مما يوفر سعة إضافية لاستقبال أية كميات جديدة من المياه دون خطورة.
وإلى ذلك، أشار الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، إلى أن أزمة الفيضان التي يشهدها السودان مرتبطة مباشرة بسد النهضة الإثيوبي.
وأوضح أنه بعد اكتمال الملء العام الماضي، لم تُشغّل التوربينات كما كان معلنًا، حيث كان من المفترض أن تعمل 13 توربينًا، لكن 4 فقط دخلت الخدمة ثم توقفت.
وأضاف شراقي أن إثيوبيا لم تقم بعملية التفريغ التدريجي لاستقبال مياه موسم الأمطار، بل فضلت المكابرة لتجنب الكشف عن تعطل التوربينات.
ومع حلول موسم الأمطار في يوليو الماضي، امتلأت بحيرة السد حتى فاضت المياه من أعلاها، ليتدفق يوميًا ما يقارب 750 مليون متر مكعب نحو السودان.
وذكر شراقي أن هذه الكميات من المياه وصلت إلى سد الروصيرص، الذي لا تزيد سعته التخزينية على 7 مليارات متر مكعب، وهو شبه ممتلئ حاليًا ويضطر لتصريف الفائض. وكشف أن منسوب النيل في الخرطوم ارتفع خلال اليومين الماضيين إلى 16.89 متر، بينما يبقى الرقم القياسي عند 17.66 متر المسجل في سبتمبر (أيلول) 2020.
وأفاد شراقي بأن هذه الزيادة ترجع إلى المنصرف المرتفع من سد النهضة، الذي تجاوز 750 مليون متر مكعب يوميًا، بزيادة تفوق 100 مليون متر مكعب عن الأيام السابقة. وشدد على أن ما يحدث اليوم هو "فيضان صناعي" سببه المباشر سد النهضة، الذي لم يحمِ السودان كما رُوّج في البداية، بل تسبب في ضياع الموسم الزراعي لهذا العام.
في المقابل، وبشأن وضع مصر، بيّن شراقي أن السد العالي قادر على استيعاب أية كميات إضافية من المياه، حتى لو وصلت إلى مليار متر مكعب يوميًا، بفضل سعته الضخمة، مما يجعل الموقف المصري آمنًا تمامًا.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
إثيوبيا تنفي ادعاء ترامب بتمويل سد النهضه على نهر النيل وتصفه بالكاذب والمؤذي
الاتحاد الأوروبي يُمدد العقوبات المفروضة على السودان في ظل حرب مندلعة منذ سنوات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر