تغريدة أثير صفا رواية ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العربيَّة
آخر تحديث GMT 01:19:40
المغرب اليوم -

تحكي قصة بطل مقطوف من الفن وبطلة "تنحت" نفسها

"تغريدة" أثير صفا رواية ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العربيَّة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

رواية "تغريدة"
القاهرة - المغرب اليوم

أوضح حمدي أبو جليّل أنّ أهم ما يلفت بل يأسر في رواية "تغريدة" للكاتبة الفلسطينية الشابة أثير صفا، خصوصًا لمتذوقي الفنون أن بطلها مقدود أو قل مقطوف من خلاصات الفن، الشعر والسرد والفكر والرسم والنحت والموسيقى، من كل بستان زهرة عبارة عن فكرة أو رسمة أو جملة شاعرة ومضيئة، وبساتينها متنوعة ممتدة بطول البلاد وعرض الفن، من السهروردي وابن الرومي وابن الفارض ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وأمل دنقل ومحمود درويش وغسان كنفاني وجمال السجيني حتى أسامة الدناصوري، ومن مايكل انجلو ودافنشي وفيكتور هوجو وديستيوفسكي وتشارلز يوكوفسكي ولوركا حتى سوزان برنار، ومن زهراتهم، خلاصاتهم، صنعت بطلا نادرا تكوّن وتجسد وصدح ونحت وعُذب وانطلق في الحياة بمهارة ورهافة وحنكة نادرة في رواية أولى.
الرواية صدرت مؤخرا عن دار ميريت بالقاهرة، وهي ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر العربية)، وبطلها وأيقونتها "علام" فنان فلسطيني ولد عملاقا، روحا وموهبة وجسدا عفيا، وهو في ذلك يشبه «غرغانتو» بطل الكاتب الفرنسي الرائد رابيليه (1483 - 1553) في أولى روايات التاريخ، ولكن شتان بين عملاق رابليه المقبل النهم للحياة، والهاتف بملء فيه "اقطفو الحياة"، والذي حملت به أمه أحد عشر شهرا، واشترى والده سبع عشرة وست مئة بقرة لإرضاعه، وبين "علام" الجائع المحبط المأزوم المبعد المطارد المكبوت من احتلالين غاشمين، احتلال أجنبي إسرائيلي قتل والده بالمبيدات الزراعية المسمومة، وقتل عمه الطبيب النابغة كمدا، وأورثه غصة لا تنتهي، واحتلال أهلي أخوي بل أمومي، حرمه حتى من التفكير، وهدم تماثيله أمام عينيه باعتبارها أصناما تسكنها الشياطين.
والرواية في مجملها تتناول أزمته، "أزمة الفنان" كموضوع مركزي فيها، من أول فراره من قيود أهله ومكانه المخنوق بالتخلف والجهل حتى ضياعه بل جنونه في المدينة، ومن خلال لغة دقيقة ومحكمة وساخرة أحيانا على شاعريتها، وعينين وراويين متماهيين فيه وفي بعضهما، جمال صديقه ومريده، ودنيا حبيبته المفتونة بفنه وجنانه قبل شخصيته، والمفتونة أيضا بوصف نفسها بعينيها، أحيانا تتوارى خلف صوت جمال ولكن يظل صوتها واضحا قويا وهو ينحتها جسدا وروحا ومشوار حياة.
غير أن الرواية تتمحور حول "علام"، وتغوص فيه بنوع من التكثیف الفكري والشعري مع أن سيرها روائي ولأن الفنان أو النموذج الأمثل في التعبیر عن قهر السلطة "بكافة تجلیاتها" للفكر، وقمعها للحریة، وتثبیطها للأمل والطموح لما في ذلك من تعارض مع مصالحها، فقد جاء التعبیر الروائي بأسلوب شبه ملحمي، شبه غنائي، یعتمد على تكثیف الحدث والإیجاز والمبالغة على صعيد اللغة والأسلوب والأحداث والشخصيات، لیخرج العمل حاد الفكرة والنغمة، عميق المعنى والدلالات، مركّب الإيحاءات والإحالات بعيدًا عن أي ترهّل أو تفاصيل سردية قديمة.
"علام" نحّات وفنان "فني خيالي" لدرجة الحقيقة الساطعة، كُسّرت أجنحته وتماثيله «لتحطيمه للقائم والقالب» تكسّرًا ينعكس في الأسلوب والمبنى الروائي المجُزأ والمتوتر، وهو شخصية تلخّص الفنان الحقيقي كإنسان يغرّد خارج السرب، وتنطوي على معاناته وصراعاته مع ذاته والآخر في ظلّ ما يسمى بالعالم الثالث الذي يُفتقد فيه الكنف الراعي للفن والموهبة، حيث ينمو الفن وردة في المزبلة، بنص الرواية، «انه عصارة فنانين ومفكرين وعلماء، رواد، مجرّبون، مؤسسون، وصانعو التاريخ» عانوا من أزمة وجودية واجتماعية على مرّ التاريخ وغيّروا، رغم ذلك، وجه العالم.
والرواية لا تتضمن سيرا محضة منفصلة عن ذات البطل باستثناء أوصاف «دنيا» الحبيبة الآسرة الأسيرة، لأن هذه الشخصيات المحورية في تاريخ البشرية اندمجت مع أبعاد خيالية مختلقة، لذلك جاء العمل إنسانيًا شبه مجرّد من عنصري الزمان والمكان، مكانها لا تعرف ان كان قرية او مدينة، تعرف فقط انه مقهور مقموع وغارق في ظلمات الجهل والخرافة، وربما لذلك أيضًا اعتمد النص على إسقاطات وإحالات إلى نصوص وأعمال أدبية وشعرية ودينية ولوحات فنية ونصوص علمية بحتة، معترفًا بها وبأصحابها بالكامل دون تنكّر وتضمين يفقدها ماهيتها وكيانها المستقل في التاريخ الإنساني، وفي الوقت نفسه مستدعيًا القارئ إلى إيجاد الروابط بينها والصلات حيث تفضي الفكرة إلى غيرها بشكلٍ لا نهائي، في دعوةٍ إلى الخروج من الأطر الإنسانية الضيقة إلى أفق الكون الواسع، المتعدد، اللامتناهي وتوحُّد الجزئية مع الكلية، ولهذا فالنص في المحصلة الأخيرة نص عن نصوص، نصوص كثيرة ومتنوعة متراكبة ومتراكمة، وكذلك مربكة وصادمة أيضا.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريدة أثير صفا رواية ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العربيَّة تغريدة أثير صفا رواية ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العربيَّة



GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 15:45 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر ترحب بقادة العالم في افتتاح المتحف المصري الكبير

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:24 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم
المغرب اليوم - أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم

GMT 19:30 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
المغرب اليوم - الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها

GMT 04:12 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 00:44 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الممثلة ميريل ستريب تتحدّث عن معاناة المرأة بشكل عام

GMT 03:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

"دولتشي أند غابانا" تطرح مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 16:35 2023 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.6 ريختر يضرب شرق روسيا

GMT 10:12 2023 الأربعاء ,10 أيار / مايو

مقتل صحفي فرنسي في قصف روسي في شرق أوكرانيا

GMT 14:51 2022 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

بيدري نيتو يغيب عن كأس العالم 2022 بسبب الإصابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib