كراكاس - المغرب اليوم
فازت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو هذا العام بجائزة نوبل للسلام، تقديراً لجهودها المستمرة في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا، بحسب بيان لجنة نوبل. تحظى جائزة نوبل عادة باهتمام عالمي واسع، لكن نسخة هذا العام حظيت بتغطية خاصة بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي عبّر أكثر من مرة عن رغبته في الفوز بالجائزة، مستشهداً بإنجازاته، ومنها توقيعه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس مؤخراً، لكن إعلان اللجنة جاء متأخراً ولم يُؤخذ في الاعتبار.
فوز ماتشادو يمثل ضربة قوية لنظام الرئيس نيكولاس مادورو، ويأتي في ظل صراعها المستمر ضد النظامين الفنزويليين السابق والحالي، حيث تعتبر رمزاً لمقاومة الاستبداد في فنزويلا. وُصفت ماتشادو من قبل رئيس لجنة نوبل يورغن فرايدنيس بأنها "بطلة سلام شجاعة" حافظت على شعلة الديمقراطية في بلدها رغم الظلام المتراكم، وأكدت اللجنة أن أدوات الديمقراطية هي أدوات السلام، وأن ماتشادو تمثل الأمل في مستقبل مختلف يحترم الحقوق الأساسية ويتيح حرية التعبير.
ماريا ماتشادو، البالغة من العمر 58 عاماً، ناضلت لأكثر من ربع قرن ضد نظام تشافيز الذي حكم منذ 1999 وحتى وفاته، ومن ثم ضد خليفته مادورو الذي طعن في نزاهة انتخاباته من قبل جهات دولية عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة. تشتهر بأسلوبها الناري في أقصى اليمين السياسي المعارض، وتتهم النظامين بتدمير البلاد عبر سياسات فاشلة دفعت ملايين الفنزويليين للهجرة.
كانت ماتشادو عضوة في الكونغرس الفنزويلي، لكن السلطات حظرتها من الترشح للرئاسة في انتخابات يوليو 2024، وفرضت عليها حظراً سياسياً لمدة 15 عاماً بدعوى تورطها في قضايا فساد. كما مُنعت من مغادرة البلاد منذ 2014 ومن استخدام الطائرات داخل فنزويلا، مما اضطرها للعيش في مخبأ داخل البلاد منذ أغسطس 2024. رغم ذلك، تواصل نشاطها السياسي عبر تقنية الفيديو، وتبقى على تواصل مع أبنائها الثلاثة الذين يعيشون في الخارج.
تشير استطلاعات الرأي إلى شعبيتها الكبيرة بين الفنزويليين، حيث أظهر استفتاء في نوفمبر 2023 تأييد 70% من المشاركين لها مقابل 9% لمادورو. رغم صدور مذكرة اعتقال بحقها، فإن الحكومة لم تقم باعتقالها خشية ردود فعل دولية، وتواصل توجيه خطاباتها من أماكن سرية، مصرة على أن معركة الديمقراطية لم تنته بعد وتسعى لتدويل قضية فنزويلا على غرار حركة مناهضة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
ولدت ماتشادو في أكتوبر 1967 في كاراكاس لعائلة صناعية ثرية، حيث كان والدها صاحب أكبر شركة معادن في البلاد قبل تأميمها، ووالدتها أخصائية نفسية ولاعبة تنس. درست الهندسة الصناعية في جامعة أندريس بيلو وفنون السياسة في الولايات المتحدة، ما أكسبها علاقات مع الحزب الجمهوري، ووجه النظام الاشتراكي انتقادات شديدة بسبب خلفيتها الطبقية.
في مسيراتها الجماهيرية، كان الفنزويليون يقلدونها بعقود مسبحات تعبيراً عن الدعم المعنوي، حيث تقول إن كل عقد يذكرها بعدد الصلوات التي تشجعها على الاستمرار في نضالها. وفي عام 2018، أدرجتها بي بي سي ضمن أكثر 100 امرأة إلهاماً وتأثيراً عالمياً، وهي معجبة برئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر.
تتعهد ماتشادو بتحويل شامل لفنزويلا، عبر خصخصة الشركات العامة والانفتاح على السوق الحرة وسيادة القانون، وتركز بشكل خاص على إصلاح شركة النفط الحكومية التي تدهورت في ظل النظام الحالي بسبب الفساد وسوء الإدارة.
في نوفمبر 2024، هنأت ماتشادو دونالد ترامب على إعادة انتخابه، مؤكدة دعمها له في مواجهة مادورو الذي يزعم زيفاً أن الأوضاع في البلاد مستقرة. رد البيت الأبيض كان بانتقاد لجنة نوبل واعتبارها منح الجائزة لماتشادو مجازفة سياسية، فيما أعلن مسؤولون أن ترامب اتصل شخصياً بماتشادو لتهنئتها على الجائزة.
تعتبر ماريا ماتشادو أول امرأة من فنزويلا تفوز بجائزة نوبل للسلام، والسادسة في أمريكا اللاتينية التي تحصل على هذه الجائزة المرموقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر