المستحيلات الفلسطينية الثلاثة المستحيل الأول؛ وحدة اليسار

المستحيلات الفلسطينية الثلاثة المستحيل الأول؛ وحدة اليسار

المغرب اليوم -

المستحيلات الفلسطينية الثلاثة المستحيل الأول؛ وحدة اليسار

بقلم - عريب الرنتاوي

تتوزع قوى اليسار الفلسطيني إلى أربعة أو خمسة “مجاميع”، تتفاوت من حيث حجمها ونفوذها، تفرعت جميعها من شجرتين: يسار القوميين العرب، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي ستنجب في شباط 1969 الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وتشهد بعد آخر انشقاق رئيس في صفوفها في آذار 1972، عمليات نزف لم تتوقف حتى اليوم، الجبهة الديمقراطية ستشهد بعد عدة عقود أول انشقاق واسع في صفوفها، لتنبثق “فدا” عندها ... الشجرة الثانية، الحزب الشيوعي الفلسطيني، الذي ستنبثق من رحمه المبادرة الوطنية ... خمسة فصائل تفرعت من شجرتين، إلى جانب، مئات إن لم نقل ألوف الكوادر والقيادات والشخصيات اليسارية، أو ذات الجذر اليساري، والذي من الطبيعي أن تكون منخرطة في تيار يساري – ثالث – واسع وعريض.
على أن هذا القطب الثالث لم ينشأ، برغم المحاولات البائسة واليائسة التي جرت بين الحين والآخر، وقد أخفق اليسار طوال أكثر من أربعة عقود، لأسباب “أنانية” في معظمها، في التوحد في إطار جبهة عريضة، حتى لا نقول “الاندماج” في حزب واحد، وتركت الفصائل اليسارية جيوشاً من الشخصيات اليسارية التي غادرتها، من دون أن تلتفت إليها أو تشركها في حوار عميق حول التطورات والمستجدات وسؤال: ما العمل؟ ... أخفق اليسار في أن يكون قطباً ثالثاً، واختار الاستتباع للسلطة أو حماس، كما هو حاله في معظم الدول العربية، حيث توزع اليسار على الثنائية القاتلة (سلطة/عسكر/ دولة عميقة) من جهة، والإسلام السياسي و”المقاوم” من جهة ثانية.
ولقد قضى جيل من اليساريين نحبه قبل أن يتحقق حلمه بوحدة اليسار وانبعاث “القطب الثالث”، أما الجيل الثاني منه، فيكاد يغادر الدنيا قبل أن يرى أمراً كهذا يتجلى على الأرض، وينتابني إحساس عميق، أن هذه المهمة المستحيلة، لن تتحقق في القريب أو البعيد، والسيناريو الأرجح، هو انقراض هذا اليسار، مُخلياً الساحة ربما لطبعة جديدة من الحركات اليسارية والتقدمية الفلسطينية.
المستحيل الثاني؛ الوحدة الوطنية
أرجع بذاكرتي إلى الوراء، وأرى أن الاستثناء في التجربة الفلسطينية هو “الوحدة الوطنية” وأن القاعدة هي الانقسام ... تعددت الانقسامات من حيث أسبابها ودوافعها والقوى المحركة لها ... وتعددت أدوات التعبير عن هذا الانقسام، من “جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية (أواخر سبعينات القرن الفائت) إلى “جبهة الإنقاذ الوطني”، بعد الانقسام العنيف والمدمر في العام 1983، ثم مجلس عمان الذي قيل في وصفه ما يقال اليوم في وصف مجلس رام الله: انقسامي، ويسعى في تكريس الانقسام... مروراً بصعود حماس، ولاحقاً الجهاد الإسلامي، وبقية القصة معروفة.
مع انعقاد كل مجلس وطني فلسطيني، كانت قلوب الفلسطينيين تبلغ إلى حناجرهم، خشية الانهيار الكبير ... ومع أن للفلسطينيين تجربة مريرة وحزينة مع الانقسامات، إلا أن الانقسام الأخير، أكثر خطورة وإيلاماً، وأسوأ ما في الأمر، أن ليس في المديين المنظور والمتوسط، ما يشي بأن ثمة فرصة لإنهائه والعودة إلى شكل من أشكال الوحدة ... اللهم إلا إن وقعت المعجزة، ويبدو أن زمن المعجزات لم ينقطع، فقد وقعت المعجزة على الحدود بين الكوريتين، ونضرع إلى الله، أن يمن علينا بمعجزة من الطراز ذاته، فنحن ذاهبون إلى “داحس وغبراء” العصر الحديث.
المستحيل الثالث؛ “حل الدولتين”
تقلص حلم الفلسطينيين، بالذات في المنقلب الثاني من سبعينات القرن الفائت، وباتوا يريدون دولة على حدود 67، لقد “ارتضوا بالهم، لكن الهم لم يرتض بهم”، ومنذ ذلك التاريخ، أي قبل أربعين عاماً أو يزيد، وهم يطاردون خيط دخان ... انتعش الحلم بعد أوسلو وقيام السلطة، قبل أن يتبدد مع “السور الواقي” وإعادة احتلال الضفة، والانسحاب أحادي الجانب من غزة، وبقية القصة معروفة للقاصي والداني.
راهن الفلسطينيون على وجود تيار في إسرائيل ينادي بالفصل بين اليهود والفلسطينيين، خشية طوفان الديموغرافيا الفلسطينية ... لكن إسرائيل زمن أوسلو، غير إسرائيل اليوم، فأقصي اليمين الديني والقومي، بات يمثل التيار المركزي داخلها، و”لوبي” الاستيطان، هو صاحب اليد العليا في السياسات الإسرائيلية، ومن يعتقد بخلاف ذلك، عليه مراجعة حساباته، بل ومراجعتها سريعاً، وقبل فوات الأوان.
الدولة الفلسطينية لم تكن يوماً على مرمى الحجر، وهي اليوم على مرمى واحدٍ من الصواريخ العابرة للقارات، بعيدة جداً، بل وتزداد ابتعاداً.
مقال يائس، ربما ... بيد أنني لن اصطنع التفاؤل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المستحيلات الفلسطينية الثلاثة المستحيل الأول؛ وحدة اليسار المستحيلات الفلسطينية الثلاثة المستحيل الأول؛ وحدة اليسار



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

سيرين عبد النور تتألق بمجوهرات فاخرة وأزياء أنيقة في مختلف المناسبات

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib