هل «الدولة الواحدة» هي البديل الوحيد لـ «حل الدولتين»

هل «الدولة الواحدة» هي البديل الوحيد لـ «حل الدولتين»؟

المغرب اليوم -

هل «الدولة الواحدة» هي البديل الوحيد لـ «حل الدولتين»

بقلم : عريب الرنتاوي

 يجادل كثيرون، أن قيام إسرائيل بتحطيم كل فرصة أمام «حل الدولتين»، سيقود حتماً إلى حل «الدولة الواحدة».. البعض «ينصح» إسرائيل ويحذرها من مخاطر هذا السيناريو على «ديمقراطية» الدولة و»يهوديتها».. البعض الثاني يحذر الفلسطينيين من هذا السيناريو، باعتبار أن الدولة الواحدة، ستكون حكماً، عنصرية وقائمة على «الابارتهيد».. وثمة تيار ثالث، يرى أن «الدولة الواحدة» هي الخيار الأمثل للفلسطينيين بعد أن اصطدم حلمهم بتقرير المصير في دولة مستقلة بجدار الاستيطان والفصل العنصريين.. تعددت الدوافع والنتيجة واحدة: حل الدولتين، على صعوبته، ما زال هو الحل الأمثل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
استطلاعات الرأي الفلسطينية والإسرائيلية تظهر ما يلي: غالبية فلسطينية متعاظمة، باتت على قناعة بأن حل الدولتين لم يعد ممكنا، لكن الأغلبية ذاتها تقريباً، ما زالت تؤمن بأنه الحل الأفضل، فيما نسبة المؤيدين لحل الدولة الواحدة في تزايد.. أما على الضفة الإسرائيلية للصراع، فإن حل الدولة الواحدة يلقى رفضاً قطعياً من غالبية ساحقة من الإسرائيليين اليهود، فيما حل الدولتين، مقبول لنسبة متأرجحة تراوح ما بين ثلثهم ونصفهم تقريباً، ولكن من دون تقسيم القدس، وعودة اللاجئين، وإخلاء المستوطنات، وتمكين الفلسطينيين من السيادة على أرضهم ومياههم وحدودهم ومعابرهم وفضائهم واجوائهم.. أقل بكثير من دولة، وأكثر قليلاً من حكم ذاتي.
في الجدل متعدد الأطراف، حول الدولة الواحدة والدولتين، يكاد ينحصر النقاش حول هذين الخيارين، من دون التفكير ملياً بوجود خيارات أخرى، سيما لدى الجانب الإسرائيلي.. اليمين الإسرائيلي، وبرغم أن عنصريته وإحساسه بالنصر والتفوق على الفلسطينيين، ما زالت لديه «ذرة عقل»، وهو لا يريد، ولن يقبل أبداً، بضم ثلاثة ملايين فلسطيني – الضفة – ومليونين آخرين – غزة – إلى إسرائيل.. هو يضيق ذرعاً بالأقلية الفلسطينية داخل الخط الذي لم يكن أخضراً في يوم من الأيام، والمؤكد أنه لا يتخيل إضافة خمسة ملايين فلسطينيي (دع عنك اللاجئين والنازحين)، إلى ما يقرب من مليوني عربي فلسطيني يحملون الجنسية الاسرائيلية، ويشكلون الكتلة الثالثة في الكنيست الثانية والعشرين.
خيارات هذا التيار، الذي يحتل مساحات واسعة ومتزايدة من الخريطة السياسية والحزبية الإسرائيلية، ويسهم في إعادة صياغة مختلف مكوناتها، من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها، تقع في مكان آخر، خارج هذين الحلين: فهو يفكر في المعازل «البانتوستانات» المتفرقة، ويفكر بـ» إمارة غزة»، التي قد تصبح مركز الجاذبية والعمود الفقري للكيانية الفلسطينية الوليدة.. لديه بما لا يدع مجالاً للشك، خططاً لـ»توريط» الأردن ومصر، في مشاريع قد تأخذ أشكالاً فيدرالية وكونفدرالية وربما أنماطاً من «التقاسم الوظيفي».. هو صاحب نظرية «الأردن هو فلسطين»، ويسار إسرائيل هو مخترع نظرية «الخيار الأردني».. سلخ المساحة الأكبر من الجغرافيا الفلسطينية والتخلص من العدد الأكبر من الديموغرافيا الفلسطينية، هو المشروع الوحيد الجامع بين يمين إسرائيل وما تبقى من «وسطها» و»يسارها».. المستقبل عند هؤلاء، ليس محصوراً بين خياري الدولة الواحدة أو الدولتين، المستقبل مفتوح لخيار ثالث، إقليمي، بإشراك أطراف غير فلسطينية، وبحلول خارج فلسطين.
أريئيل شارون، ليس أول من تنبه لهذا الخيار الثالث، بقراره الانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة، بيد أنه، وهو المعروف بـ»البلدوزر»، كان أول من شرع في نقل هذا التصور إلى حيز التنفيذ.. لقد نجح شارون وفشلنا، وغزة لم تعد مشكلة إسرائيلية إلا بالقدر «الأمني» المحمول للمسألة، غزة بعد 2006، باتت مشكلة فلسطينية بامتياز.. وثمة في إسرائيل من يفكر ويخطط لأمر مشابه في الضفة الغربية، ليس في التفاصيل والجزئيات، بل في الجوهر والكليات.. الانفصال عن معازل الفلسطينيين، والتفكير بتدبير مستقبلها بترتيب مع الجوار الإقليمي، طائعاً أم مرغماً.. قذف الديموغرافيا الفلسطينية للخارج، ليس بالضرورة أن يتم عبر تحميل الفلسطينيين على متن شاحنات عملاقة، فثمة صيغ أقل ضجيجاً وكلفة، يمكن أن تتم من خلال ترتيبات مرفوضة منهم، ولكن مفروضة عليهم وعلى جوارهم.
ولا ننسى أن ثمة في واشنطن من بدأ يفكر بالطريقة ذاتها، بدلالة ما بتنا نعرف عن «صفقة القرن»، ولست أستبعد أن يكون لهذه «الصفقة» فصلاً ثانياً، كما قلنا وكتبنا في هذه الزاوية بالذات: «صفقة القرن 2»، والتي تتركز بالأساس على ترتيب مستقبلات نهائية لإمارة غزة ومعازل الضفة.
ولا تأخذنا كذلك «الشعارات الرومانسية» التي تُخفي خبلاً وعجزاً بأكثر مما تشفّ عن واقعية في التفكير أو تفاؤل بالمستقبل.. الاستطلاعات الأخيرة في فلسطين أظهرت أن ما يقرب من ثلث المقيمين في الضفة والقطاع، يرغبون في الهجرة، معظمهم من الشباب.. والاستطلاعات الأخيرة في الأردن، أظهرت أن 45 بالمائة من الأردنيين، الفئات العمرية الشابة، بخاصة، تجتاحها الرغبة ذاتها.. لا ندري كم من هؤلاء ممن ينطق عليهم وصف لاجئ أو نازح، ولكن مخيمات لبنان تعطينا صورة متشائمة عن ميل لاجئيها الجارف للهجرة، أما مصائر فلسطيني سوريا، فلا أظن أن أحداً لديه معطيات صلبة عنها وعن ومآلاتهم، والتي قد لا تكون مختلفة عن مصائر اللاجئين الفلسطينيين في العراق.
لا أرغب في إضفاء مزيد من التشاؤم على الحالة الفلسطينية المتشائمة أصلاً، بيد أنها محاولة لتذكير النخب والحاكمة والمثقفة والنشطاء في فلسطين المحتلة والشتات، بأن بقاء الحال من المحال، وأن «لا ستاتيكو» في الحالة الفلسطينية، فهي متغيرة ومتحركة، وغالباً بعكس الصالح الفلسطيني العام، أما الساكن والصامت والعاجز في هذه الحالة، فهم من بيدهم الحل والعقد وصنع القرار.. أتحدث عن الجميع، ولا أستثني أحداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل «الدولة الواحدة» هي البديل الوحيد لـ «حل الدولتين» هل «الدولة الواحدة» هي البديل الوحيد لـ «حل الدولتين»



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 10:00 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنان المغربي نعمان بلعياشي يُصدر جديده الفني “حياتي”

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مسلسل عالمي يجمع بين "سوبرمان" ونجوم عرب

GMT 16:47 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أجمل عبايات بموديل المعطف موضة شتاء 2020

GMT 03:49 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

قائمة أسعار شيري chery من الوكيل بعد التخفيضات الأخيرة

GMT 18:31 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوداد البيضاوي المغربي يسعى للتفاوض مع يحيى عطية الله

GMT 19:56 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مالك ليفربول ينجو من حادث طائرة بعد العودة من سالزبورج

GMT 08:51 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على الصور التشويقية الأولى لـ"كيا أوبتيما 2021"

GMT 07:19 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سامسونج تحل مشكلة "بصمة الإصبع" في هواتف S10
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib