كيف تنظر إسرائيل لحماس والسلطة أيضاً

كيف تنظر إسرائيل لحماس... والسلطة أيضاً

المغرب اليوم -

كيف تنظر إسرائيل لحماس والسلطة أيضاً

بقلم : عريب الرنتاوي

ثلاثة سيناريوهات تحدث عنها تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي لتعامل إسرائيل مع حركة حماس: الأول؛ ويقترح حرباً واسعة لإنهاء حكم الحركة وسيطرتها على القطاع ... الثاني؛ ويعتمد تكتيك «الإضعاف المتدرج» للحركة والتفكيك البطيء لسيطرتها ونفوذها ... والثالث؛ ويقوم على الاعتراف بالحركة والتعامل مع سلطتها بوصفها واقعاً شرعياً، لا مناص من الاعتراف به والتعامل معه.
المعهد الأهم في إسرائيل، وبمراقبته لأداء الحكومة الإسرائيلية وسلوكها، خلص إلى نتيجة مؤدّاها أن تل أبيب اعتمدت «سيناريو رابع» للتعامل مع حماس، هو مزيج بين الثاني والثالث: الاعتراف بسلطة الأمر الواقع في غزة، والتعامل معها وفقاً لضوابط ومحاذير محددة، تزامناً مع المضي في سياسة «الإضعاف المتدرج لنفوذ الحركة وقدراتها».
هو تشخيص دقيق بلا شك، فإسرائيل ليست بوارد العودة إلى قطاع غزة بعد الانسحاب أحادي الجانب منه، فهي بتخليها عن هذا الشريط الضيق من الأرض، تخلصت من أعباء مليوني فلسطيني، وهي بتركها الباب رحباً لصراع فلسطيني داخلي على الجغرافيا والمؤسسات، تؤسس لمرحلة انقصال – وليس انقسام فحسب – بين الفلسطينيين، وفي خلفية موقفها، إن غزة وليس الضفة الغربية، هي العامود الفقري لدولة الفلسطينيين، التي ترى إسرائيل إليها، كأقل من دولة وأكثر قليلاً من حكم ذاتي.
وإسرائيل لم تنظر يوماً، ولن تنظر أبداً، أقله في المدى المنظور، إلى حماس بوصفها «شريكا»، أو جهة شرعية يتعين الاعتراف والتعامل معها، وهي تواصل خنقها في قطاع غزة، وتقطيع سبل بناء قدراتها، استجابة لضرورات الأمن الإسرائيلي من جهة وغايات تأبيد الانفصال وتشجيع «الإمارة» من جهة ثانية، فضلاً عن احتواء الانتقادات الدولية للوضع الإنساني الكارثي في القطاع من جهة ثالثة، الأمر الذي يقتضي تعاملاً موازياً، واقعياً «DEFACTO»، وهذا ما تجلى في تفاهمات التهدئة المتعاقبة، وهذا ما يحفز المسعى الإسرائيلي للوصول إلى معادلة «التهدئة مقابل تخفيف الحصار»، الجاري بلورتها حالياً بجهود الوسيط المصري والدعم القطري، وقبول على مضض من السلطة الفلسطينية بعد لقاء شرم الشيخ بين
عبد الفتاح السيسي ومحمود عباس.
ولكي تتضح معالم «المقاربة» الإسرائيلية لحماس والقطاع، يتعين قراءة سيناريوهات الانفصال عن «الكثافة السكانية» في الضفة الغربية، التي يعمد المعهد ذاتها، لبلورتها من ضمن رؤية استراتيجية تمهد لخيار «أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي» على أجزاء من الضفة الغربية ... فالمعهد يقترح خطة ثانية لفك الارتباط بالضفة والانسحاب من أجزاء منها، إن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية أو من دونه ... وهي خطة لا تشترط الوصول إلى اتفاق شامل مع السلطة، ولا تنفي احتمال التوصل إلى اتفاقات وتفاهمات جزئية وموضعية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار، ما أسمته دروس الانسحاب الأحادي من القطاع في العام 2005، حيث تقترح استراتيجية المعهد الإبقاء على المستوطنات وعدم إخلائها، فضلاً عن إبقاء يد الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية طليقة في مختلف مناطق الضفة، وإبقاء السيطرة على الحدود والمعابر، وإرجاء قضايا القدس واللاجئين لوقت لاحق، على أن تحل وفقاً للضوابط والمحددات الإسرائيلية المعروفة، على أن يجري تفعيل مشروع «السلام الاقتصادي» الكفيل بإطفاء الغضب وامتصاص حالة الاحتقان والإحباط الفلسطينية.
إسرائيل وفقاً لأهم مراكز التفكير الاستراتيجي فيها، لا تبقي للسلطة في رام الله سوى دور «خدمي أمني» في أحسن الأحوال .... أما حماس في غزة، فوظيفتها لا تختلف نوعياً: حرس حدود، يتولى إلى جانب ذلك، إدارة الشؤون اليومية والحياتية لمليوني فلسطيني، والأفضل من المنظور الإسرائيلي، أن تكون للفلسطينيين، سلطتان لا سلطة واحدة، فهذا بحد ذاته، يشكل «نصف الطريق» لتجاوز المكونات الرئيسة للمشروع الوطني الفلسطيني: مشروع العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تنظر إسرائيل لحماس والسلطة أيضاً كيف تنظر إسرائيل لحماس والسلطة أيضاً



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع

GMT 21:53 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتعي بعطلة ساحرة وممتعة على متن أفخم اليخوت في العالم

GMT 08:33 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حالة الاقتصاد الروسي تعكس تراجع مؤشر ثقة قطاع الأعمال

GMT 01:47 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة أميركية تؤكد أن ثرثرة الأطفال دليل حبهم للقراءة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib