إلى الرئيس محمود عباس

إلى الرئيس محمود عباس

المغرب اليوم -

إلى الرئيس محمود عباس

بقلم - عريب الرنتاوي

نهنئكم وشعبكم، ونهنئ أنفسنا، بسلامتكم، وخروجكم معافيين من الوعكة الصحية التي ألمت بكم، ونود بهذه المناسبة الطيبة، أن نضع بين أيديكم بضع أفكار، نعتقد جازمين، أنها اقتحمت عقل وقلب وضمير كل فلسطيني وكل محب لفلسطين وشعبها، وأنتم ترقدون على سرير الشفاء خلال الأسبوع الفائت.
سيدي الرئيس: لا أحد يتوقع منكم في اللحظة الراهنة، استرداد القدس وإعلانها عاصمة لدولة فلسطين... وستة ملايين لاجئ فلسطيني في مخيمات اللجوء ودول الانتشار والاغتراب، لا يرتجون عودة قريبة إلى ديارهم وبلداتهم... تلكم مهمة بعيدة المنال، وأحسب أننا نبتعد عن «الدولة» و»العاصمة» و»العودة»، ولا نقترب منها، من دون أن يتسرب اليأس إلى عروقنا، فالعنقاء الفلسطينية، تكبر أن تُصادا، وهي امتهنت الانبعاث من تحت الرماد... تلكم حقيقة سطرها أطفال غزة ونساؤها، شيبها وشبانها، بدمائهم وتضحياتهم قبل أيام فقط، وما زالوا على العهد، وما بدّلوا تبديلا.
لكننا نسألكم «المُستطاع» فقط، فلا حمّل الله نفساً إلا وسعها، والمستطاع هنا يا فخامة الرئيس، هو الالتفات إلى الداخل، داخل البيت الفلسطيني، والعمل الدؤوب، بحياتكم وتحت إشرافكم، على ترتيبه وتحصينه، فالفلسطينيون اليوم، يدركون تمام الإدراك، أن معركة الحرية والاستقلال، دونها خرط القتاد، وأن عليهم استجماع أوراق القوة التي بحوزتهم، وهنا دعني أشير إلى بعض مما أعتقده، أولويات فلسطينية، لا تحتمل المماطلة والتأجيل، ولا يمكن الاستمرار بالتعاطي معها، على نحو لفظي، غير جاد، وغير مقنع، ومنها:
ترتيب «جناحكم» في البيت الفلسطيني الكبير، وأقصد به، فتح والسلطة والمنظمة، ولنضع حماس والمصالحة في منزلة ثانية على سلم الأولويات، الآن على أقل تقدير... بدءا بترتيب انتقال سلس للسلطة (بعد عمر طويل)...فالشعب يريد أن يتعرف على خليفتكم/خلفائكم، في قيادة فتح والمنظمة والسلطة، ودعنا من «حكاية» الانتخابات التي لا يعرف أحداً متى ستعقد، وإن كانت ستعقد أم لا، على الأقل، نريد أن نتعرف على «آليات» انتقال السلطة في هذه المواقع، شريطة أن تكون «آليات» شفافة وتوافقية، فلا أحد يريد للانقسام المرشح أن يصبح انفصالاً بين الضفة والقطاع، أن يتلوه انقسام واصطراع في داخل البيت بيت السلطة والمنظمة وفتح... وانتم تابعتم بلا ريب، حالة الضياع وطوفان الأسئلة الذي اجتاح الفلسطينيين وأصدقاءهم وأعداءهم، في التسعة أيام التي قضيتموها في العلاج.
لقد ضاعت فرصة ثمينة على الشعب الفلسطيني لإنجاز هذه الترتيبات، واقصد بها، دورة المجلس الوطني الفلسطيني الأخيرة، الذي أيدنا انعقاده، حفظاً للشرعية، وراهنّا على خروجه بقرارات وترتيبات، تليق بشعبكم، وترتقي إلى مستوى تضحياته، بيد أننا للأسف، صُدمنا، كما صُدم غيرنا، بـ»بقاء القديم على قدمه»، حتى أن الخشية باتت تجتاحنا، بأن تكون دورة المجلس الأخيرة، آخر دورة يقعدها المجلس.
وأحسب أن «المصالحة» تحظى بمكانة متقدمة على رأس الأولويات الوطنية الفلسطينية... هذا الملف، يبدو أنه بحاجة لمقاربات جديدة، مع تنامي خطر تسرب الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية تحت عباءة إنسانية، فما يجري في الكواليس والقنوات الخلفية المظلمة، ظاهره فيه الرحمة وباطنه فيه العذاب، وعلى القيادة الفلسطينية، التي تمثلونها وتختصرونها بشخصكم اليوم، أن ترفع درجة الاستنفار وأن تكثف الجهود، لقطع الطريق على المرامي السوداء لبعض اللاعبين بين صفوفكم والإقليم من حولكم وعلى الساحة الدولية، وأن يجري غذّ الخطى طلباً للمصالحة «ولو في الصين».
ولقد تابعتم من دون شك، تثاقل الضفة الغربية في الانتصار لقدسهم ولشعب فلسطين المحاصر في غزة، أشكال المقاومة الشعبية المتواضعة في الضفة، لا تليق بأهلها وإرثهم الكفاحي المجيد، وهي تحت ولايتكم، ولا أريد أن أقول إنكم السبب فيما آلت إليه... وأنتم أصحاب مقولة «المقاومة الشعبية السلمية» طريقنا لاسترداد الحقوق، فأين هي هذه المقاومة، وما الذي بذل من جهد لضمان ألا يهدأ «غضب الضفة» إلا بعد انعتاقها من رجس الاحتلال ودنس الاستيطان.
نتمنى لكم فترة نقاهة مريحة، فأنتم تستحقونها، بيد أننا نستعجلكم العمل ليل نهار، على إنجاز بعض من هذه الأولويات، وثمة الكثير غيرها، مما تعرفون ونعرف، وأحسب أن التاريخ سيحاكم هذه الحقبة من إرثكم السياسي، بالاستناد إلى مدى نجاحكم أو فشلكم، في معالجة هذه الملفات، وعدم تركها للمجهول والصدف وصراعات «الأخوة الأعداء» و»وصراع الضواري بين متساويين ومتطلعين»... الوقت من دم، وسيفه سيقطّعنا إرباً إن لم نقطعه... عشتم وعاشت فلسطين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى الرئيس محمود عباس إلى الرئيس محمود عباس



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الأميرة رجوة تتألق بإطلالة أنيقة بالأبيض تجمع بين البساطة والرقي

عمّان -المغرب اليوم

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib