ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل؟

المغرب اليوم -

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل

بقلم - عريب الرنتاوي

تسعى الدوحة إلى طلب عضوية “الناتو”، وهي تجهد لحث أنقرة على تبني رغبتها تلك، فيما مصادر قطرية إعلامية تمني النفس بإمكانية حصول الإمارة الثرية على عضوية الاتحاد الأوروبي، وتربط ما بين زيارة الأمير تميم لأنقرة والرغبة الأولى، وزيارتيه لباريس وبرلين والرغبة الثانية.
لا الرغبة الأولى قابلة للتحقق ولا الرغبة الثانية كذلك ... فعضوية الناتو دونها عوائق جيو-استراتيجية، وعقيدة الناتو تضع روسيا وإيران في صدارة لائحة الأعداء، بالضد مما تفعله قطر وتبني عليه “استراتيجية المخرج” من قبضة المقاطعة الخليجية – المصرية، لكن بمقدور قطر أن تدخل نادي أصدقاء الناتو وشركائه، من دون التزام من بروكسل بحفظ أمنها وسلامة حدودها، أو اعتبار أي اعتداء عليها اعتداءً على الناتو.
وجود قاعدة عسكرية تركية على أرض قطر، لا يعني أن الأطلسي قد مدّ مظلته الحِمائية لتشمل قطر، حتى وإن كانت تركيا عضواً فاعلاً ومؤسساً في معاهدة حلف شمال الأطلسي ... فالحلف يحمي أعضاءه، ويغطيهم بشبكة أمان كونية، داخل حدود دولهم، أو في المهمات التي يطلبها الحلف وتقررها دوله الأعضاء، أما أن تتطوع دولة من دوله لمد نفوذها على نحو منفرد، ونشر قواعدها وجنودها أينما شاءت ومن جانب واحد، فهذا لا يلزم الحلف، لا بحماية هذه القواعد، ولا بحماية الدول التي تحتضنها.
أما حكاية عضوية الاتحاد الأوروبي، فهي ضرب من “أحلام اليقظة”، فالمسافة بين قطر ومعايير كوبنهاجن، تقاس بالسنوات الضوئية، دع عنك حكاية البعد الجغرافي عن بروكسيل، إذ حتى سياسة “الجوار الأوروبي” ومن قبلها عملية برشلونة، لم تلحظا نطاقاً جغرافياً يتخطى جنوب المتوسط وشرق أوروبا، فكيف سيلوي الاتحاد عنق الجغرافيا، ويتوسع صوب الخليج وقطر، حيث لا أحزاب ولا برلمانات ولا نظم ملكية دستورية، فيما ملف حقوق الانسان ونشر التطرف ودعم الحركات الجهادية، ما زالت قضايا تؤرق المستويين السياسي والأمني في كل دولة من الدول الاتحاد.
“لهفة” الدوحة على عضوية الناتو والاتحاد، لا صلة لها بعواقب المقاطعة أو تداعياتها، ولا هي جزء من استراتيجية المخرج في مواجهة المقاطعة ، وقطر لا تخشى اجتياحاً عسكرياً لأراضيها وأجوائها ومياهها من قبل مجموعة دول (3 + 1)، فالخيار العسكري ممنوع دولياً ودونه خرط القتاد... خشية قطر التي تدفعها للتفكير المتلهف للالتحاق بركب هذه المنظمات الدولية، تقع في مكان آخر ... أخشى ما تخشاه قطر هو انتقال الصراع مع الرباعي العربي، من الإجراءات التأديبية والعقوبات الجماعية والحصار البري والبحري والجوي، إلى محاولة قلب نظام الحكم، وتدبير انتقال للسلطة في الدوحة من فخذ إلى فخذ داخل العائلة الحاكمة ذاتها، وبأدوات أمنية ومالية ناعمة في الغالب.
فمن محاولات تركيز الأضواء على الشيخ أحمد بن علي ثاني، وتقديمه على أنه حكيم حكماء العائلة ووجهها التوافقي المقبول، وإعطائه دون غيره، حظوة الالتقاء مع كبار الشخيصات والقادة الأوائل في دول الرباعي ، وتقديم موسم الحج القطري هدية له على طبق من فضة ... إلى مؤتمر ما يسمى “المعارضة القطرية في الخارج” والذي حظي باهتمام إعلامي يفوق حجمه بكثير، وجندت في سبيل التئامه، كل جماعات الضغط في أوروبا والولايات المتحدة ومختلف وسائل الإعلام ومؤسسات العلاقات العامة، المدعومة والممولة من دول الرباعي ذاته، يتأكد أن الخطاب السياسي والإعلامي لدول المقاطعة، ما انفكّ يتحدث عن فقدان القيادة القطرية لأهليتها، مقابل وجود قيادات وأفخاذ من العائلة ذاتها، أكثر جدار بحكم الإمارة.
ثم وصلنا إلى التأليب العشائري على النظام الحاكم في قطر، حيث برزت عشيرة مرة إلى صدارة الأخبار في الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، ورأينا بعض العشائر الخليجية العابرة للحدود تتبارى في إعلان البراءة من الأمير وصحبه، وإطلاق التأكيدات والتعهدات بإعادة الأمور إلى نصابها، والانضواء ثانية تحت عباءة “الوحدة الخليجية”، ما يعني الاستسلام للشروط الثلاثة عشرة للدول الأربعة.
هذا الحراك هو أكثر ما يقلق القيادة القطرية ويثير مخاوفها، ويدفعها للبحث عن الأمان والطمأنينة بأي ثمن كان، ومن أي مصر أتيا ... هذا السيناريو لا تنفع معه لا قاعدة تركية ولا قواعد أمريكية ... لكن الدوحة مع ذلك، ما زالت تفكر ببناء منظومة دفاعية ردعية، تشكل نوعاً من شبكة الأمان الدولية للنظام الحاكم.
كنا نظن أن لعبة تغيير الأنظمة ، انتهت مع انطواء عقد الثمانينيات من القرن الفائت، يبدو أننا كنا مخطئين على ما يبدو، فالتغييرات الدرامية التي رافقت الربيع العربي وأعقبته، أعادت الاعتبار لهذه اللعبة  في العلاقات العربية البينية، ومن الآن فصاعداً، لن نستغرب أن نرى المزيد من المعارضات العربية في الخارج، تزامناً مع حراكات وتحركات ذات طابع مدني وعشائري، مدعومة سياسياً ومادياً وإعلاميا من الدول المتخاصمة، ودائماً في سياق الصراع على السلطة داخل البلد الواحد، أو في الصراعات العابرة للحدود الإقليمية للدول القائمة بخرائطها المعروفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل ما الذي تريده الدوحة من بروكسيل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib