صراع المحاور إذ يدخل مرحلة «الضرب تحت الحزام»

صراع المحاور إذ يدخل مرحلة «الضرب تحت الحزام»

المغرب اليوم -

صراع المحاور إذ يدخل مرحلة «الضرب تحت الحزام»

بقلم : عريب الرنتاوي

تكشف واقعة الهجوم على «منصة العرض العسكري» في إقليم الأحواز، عن جانب آخر من «استراتيجية مناهضة إيران» التي تعتمدها أطراف إقليمية ودولية عدة، يقوم على زعزعة استقرار إيران الأمني، واستهدافها من الداخل، و»نقل المعركة» ضدها إلى عمقها... العقوبات الاقتصادية وسياسة «الخنق» التي تحدثت عنها نيكي هيلي، ومطاردة النفوذ الإقليمي لإيران في سوريا والعراق ولبنان واليمن والخليج، ودعم حركات الاحتجاج المطلبية السلمية، وتسليط الأضواء الكاشفة على برنامجيها النووي والصاروخي، يبدو أنها خطوات لم تعد كافية، ويتعين تعزيزها بالسعي للمس بأمن إيران الداخلي.

الاعتداء ليس الأول من نوع (ولن يكون الأخير)، وإن كان ثقيلاً من حيث حجم خسائره البشرية ... إيران تتعرض منذ مدة لمسلسل من الاعتداءات، تقوم بها جماعات مختلفة، تارة تحت شعار «قومي – إثني» تقوم به مجموعات تطالب بحقوق قومية لأقليات إيرانية (عرب، كرد، بلوش) ... وتارة أخرى تحت شعار «جهادي» تقوم به جماعات سلفية جهادية، تضع إيران في قلب دائرة الأعداء سياسياً وفكرياً ... وثمة أعمال عدائية تقوم بها فصائل معارضة في الخارج، فضلاً عن عمليات استخبارية كالاغتيالات واستهداف مواقع إيرانية حساسة (لإسرائيل دورٌ أساسي في هذا النمط من العمليات).

في ذروة حرب المحاور المحتدمة في المنطقة، هدد قادة عرب علناً بأنهم سينقلون المعركة مع إيران إلى الداخل الإيراني، وأنهم لن يسمحوا باستمرار المواجهة مع إيران فوق ساحات وداخل دول ومجتمعات عربية ... يبدو أن هذا التهديد لم يبق في حدوده اللفظية ... يبدو أن ثمة خطط واستراتيجيات قد وضعت لترجمة هذا التوجه، والأرجح بتنسيق وتعاون مع أجهزة سياسية وأمنية واستخبارية دولية، لا تخفي عدائها الشديد لإيران، مع أنها ما زالت ترفض – رسمياً على الأقل – هذا النمط من عمليات الاستهداف.
ولقد لوحظ أن كتاباً ومثقفين كبار، مقربون من دوائر صنع القرار في عدد من الدول العربية، لم يخفوا فرحتهم بالعملية ... وانبرى بعضهم للقول بأنها ليست إرهابية ولا يمكن تصنيفها كذلك، طالما أنها استهدفت «عرضاً عسكرياً» ولم تستهدف المدنيين العزل، مع أن من بين القتلى والجرحى مدنيون كانوا يجلسون على مقاعد النظارة والمشاهدين.

لن تعلن أية جهة رسمية، تأييدها للعملية أو تبنيها للجهة التي أقدمت على تنفيذها، بل ولن يكون هناك «ترحيب رسمي» بمثل هذه الأنماط من الأعمال التي تثير حساسية الرأي العام، كونها تشبه أنماطاً من العمليات تقوم بها جماعات إرهابية، ولأن تبرير هذه العملية أو الترحيب بها، «يشرعن» حق الآخرين بالرد واعتماد وسائل مماثلة... لكن المهمة ستترك لمنابر وجهات غير رسمية، تقول ما تشاء، جرياً على مألوف المنطقة، وما درجت عليه أحوالها في السنوات الأخيرة.

إيران قالت إنها تعرف من يقف وراء الأحوازية التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث، وقادة في الحرس الثوري وجهوا أصابع الاتهام لدولة خليجية وللولايات المتحدة، وتعهدت بالرد على العملية، وبالرد فوراً وعلى نحو حاسم ... لا نعرف ما الذي ستفعله إيران، وإن كانت سترد بالمثل أم لا، وأية أدوات تتوفر عليها طهران لتنفيذ تهديداتها.

خلاصة القول، أن ساحات حروب الوكالة المندلعة والمفتوحة بين المحاور المتصارعة في المنطقة، لم تعد كافية لتسوية الحسابات بين الأطراف ... الاستهداف المباشر للأمن الداخلي، قد يكون سمة المرحلة المقبلة في صراع المحاور، وقد نسمع قريباً عن «عمليات متبادلة» يجري تنفيذها على ضفتي الخليج، وقد يحظى الإعلام بأسماء جديدة لمنظمات وجماعات تزعم مسؤوليتها عن عمليات إرهابية في عمق الدول المتنازعة، وقد تتعدد «المسميات» و»المظلوميات»، بيد أنها لن تنجح بحال في إخفاء حقيقة أن الصراع الإقليمي دخل مرحلة «الضرب تحت الحزام».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع المحاور إذ يدخل مرحلة «الضرب تحت الحزام» صراع المحاور إذ يدخل مرحلة «الضرب تحت الحزام»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الأميرة رجوة تتألق بإطلالة أنيقة بالأبيض تجمع بين البساطة والرقي

عمّان -المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib