نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

المغرب اليوم -

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

لقد تأخَّرت هذه الحربُ طويلاً، كانت منتظرَةً منذ عقدين ولم تقع. فقد نجحَ الجانبان الإيراني والإسرائيلي في تجنب المواجهةِ مكتفيين بحروب الوكلاء المحدودة إلى أن وقعَ هجومُ السَّابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. حينها قرَّر الإسرائيليون القضاءَ على مصادر التهديد وتغيير استراتيجيتهم من جزّ العشب كلما طال، أي خطر الوكلاء، إلى القضاءِ على كل الأخطبوط. بدأوا بـ«حماس»، ثم قضَوا على قدرات «حزب الله»، ورفعوا الغطاءَ عن نظام الأسد في سوريا، والآن الحرب على إيران.

وهناك تُطور القدرات العسكرية النووية والصاروخية الإيرانية التي أفقدت عقيدة الرَّدع الإسرائيلية صلاحيتَها ممَّا يجعلُ الحربَ ضرورية لإعادة ميزان القوة لصالحهم وترميم الرَّدع.

وفي مفهوم الرَّدع الإسرائيلي، يقول بن غوريون: «الحرب الطويلة ليست خيارنا، الرَّدع هو سلاحنا الحقيقي». ويوضحها موشي ديان أكثر: «علينا أن نخيفَهم من فكرة شنّ الحرب لا أن نربحَها فقط».

لا يزال الرَّدع ركيزةَ استراتيجية في سياسة إسرائيل العسكرية، ولهذا تسعى لتجريدِ قدرات إيران الخطرة عليها، نظرياً على الأقل. إلا أنَّ القتال بين قوتين مدجَّجتين بالسلاح والاستعداد للتدمير شأنُه بالغ الخطورة. وقد رأينا في الماضي القريب كيف أفلتتِ الحروب من السيطرة.

حسن نصرالله لم يدرْ في خلده أنَّه وتنظيمه سيُقضى عليهما عندما أطلقَ بضعة صواريخ، ولم يتخيَّل بشار الأسد أنَّه سينتهي لاجئاً معزولاً في إحدى ضواحي موسكو، ولا السنوار تخيَّل هذا الدمار المروّع في غزةَ عندما خطط لهجومِ السابع من أكتوبر.

لم يمضِ على القتال سوى أربعة أيام والخسائرُ كبيرة. الإيرانيون فقدوا قادةَ الصَّف الأول، وتعرضت مرافقُ المنشآت النووية والصاروخية لأضرار كبيرة. الإسرائيليون تنزف أنوفُهم، هذه يافا، ثالثُ أكبر مدن إسرائيل، أصابها دمارٌ كبير لم تشهد مثلَه منذ حرب عام 1948 نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية، والقبة الحديدية لم تحقق الحمايةَ الكاملة لبلد صغير السكان والمساحة.

وتختلف هذه المواجهةُ من حيث مفهومُ الربح والخسارة عن الحروب السابقة.

فالإسرائيليون مستعدون لتحمّل خسائرَ بشرية كبيرة. ففي السَّابق كانت الحكومات تسقط لو ماتَ ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فقط. حتى الآنَ تجاوز عدد قتلى إسرائيل في حرب غزةَ أكثر من أربعمائة جندي، ولم تتوقف. وهذا ما يجعلها مختلفةً أن الإسرائيليين والإيرانيين على استعدادٍ لتحمّل التكلفة، كلاهما يعتبرها حرباً مصيرية.

وكلُّ طرفٍ يتَّهم الخصم بأنَّه تجاوز الخطوط الحمراء باستهداف المدنيين وتبدو أنَّها مقدمة لتبرير توسيع دوائر القتال، كما كانتِ الحال عليه في الحرب العراقية - الإيرانية، حيث تمَّ توجيه معظم الصواريخ إلى المدن عمداً. وزيرُ دفاع إسرائيل توعَّد قائلاً: «ستحترق طهران إنِ استمرَّ الهجوم الإيراني على المدن». وهذا بدوره سيقود لاستهداف الزعامات السياسية التي كانت محرمة في مطلع الحرب.

هل يمكن وقفُ الحرب في أسبوعها الأول؟ المصادر الإسرائيلية تقول إنَّهم حققوا نجاحاً فورياً بتفكيك دفاعات إيران من نظم وصواربخ وقيادة، مع هذا لا تزال هناك قدرات إيرانية استراتيجية حيث لم تدمر كلّ المنشآت.

هل يكتفي كلُّ طرف بنصفِ نصر لتبني وقف الحرب والعودة إلى المفاوضات النووية؟ ربَّما طهران مستعدة لذلك حتى توقف عملية التدمير، في حين لا يبدو أنَّ الإسرائيليين راضون بعد عن النتائج، ويريدون «إكمال المهمة» لمنع إيران من تهديدهم لعشرين سنة مقبلة.

هناك اللاعبون الآخرون، وتحديداً الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيكون ميَّالاً لوقف الحرب. فهل يفعل في الأسبوع الثاني قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة؟ كيف تخرج؟ حرب روسيا وأوكرانيا بدأت بدولتين، اليوم فيها أيضاً جنود من كوريا الشمالية ومسيرات إيرانية وخبراء من أوروبا الغربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل



GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:51 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

الدولة والحزب في أصعب الأيام

GMT 15:49 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مُحيي إسماعيل والتكريم «البايخ»!

GMT 15:47 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لبنان بين مأزق السلاح والتسوية مع سوريا

GMT 15:45 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مشروع الرفاهية والاستقرار

GMT 15:43 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لماذا يقبل الناس على الإعلام الموازى؟!

GMT 15:41 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

حفيدة الباشا

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 10:39 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مهبطا المهرجان في الصحراء والمائي من أغرب مطارات العالم

GMT 19:35 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

سعر نفط برنت يتخطى 84 دولارا للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib