هل تنتقل تركيا إلى المعسكر الروسي

هل تنتقل تركيا إلى المعسكر الروسي؟

المغرب اليوم -

هل تنتقل تركيا إلى المعسكر الروسي

بقلم : عبد الرحمن الراشد

بوصول أول دفعة من السلاح الروسي الاستراتيجي، صواريخ إس 400، لا يعرف في أي اتجاه يأخذ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بلاده.
استبعد أنه كان لدى أنقرة ترتيبات مسبقة أدت إلى الوضع القائم، بل تبدو هي نتيجة سلسلة أحداث خرجت عن السيطرة. الثورة السورية وفشل الدور التركي فيها الذي كان المحوري في إدارة المعارضة. دخول إيران عسكرياً بقوة في سوريا والمناطق المحاذية لتركيا، ثم دخول القوات الروسية، ودخول القوات الأميركية في المناطق الكردية السورية، ودخول سلاح الجو الإسرائيلي في الحرب. وهناك ثلاثة أحداث خطيرة هي: إسقاط الطائرة الروسية على الأراضي التركية، واغتيال السفير الروسي في أنقرة، ومحاولة الانقلاب على إردوغان. وفي الوقت نفسه قام إردوغان بتغيير نظام الحكم من رأسين إلى واحد ممثل في شخصه، رئيساً للجمهورية وإلغاء دور رئيس الوزراء.
إردوغان يحارب على عدة جبهات، ومن الواضح أنه لم يوفق في أي منها؛ فقد خسر معركة سوريا، وهو يقدم تنازلات متكررة لروسيا وإيران هناك. وأصبح هدفه محدداً في منع قيام جبهة كردية يمكن أن تهدد تركيا لاحقاً، وهذا وضعه في صدام مع الولايات المتحدة التي تعتمد على حليفها الكردي.
هذه الأحداث المتعددة في كفة ومغامرته بالانتقال إلى المعسكر الروسي في كفة أخرى، أكثر خطورة. وأنقرة تحاول تهدئة غضب واشنطن وأصدرت عدة تصريحات بأنها مستعدة للتفاهم على حلول لا تجبرها على التخلي عن صفقة السلاح الروسية.
لكن في حال فشل التوفيق مع واشنطن قد تتسبب الصفقة العسكرية بواحد من التحولات السياسية المهمة إقليمياً وقارياً، فقد كانت تركيا من الأعمدة الثابتة في ترتيبات العلاقة الدولية بين الشرق والغرب. وتترافق مع تطورات مماثلة، مثل سعي واشنطن لإجبار إيران على التغيير. صفقة السلاح الروسية لتركيا قد تغير التحالفات كما فعلت الصفقة التشيكية لمصر عبد الناصر التي بسببها انتقل إلى معسكر السوفيات. أنقرة وواشنطن في علاقة استراتيجية تأسست منذ ستين عاماً، على أنقاض الحرب العالمية الثانية.
الآن نرى عودة للاستقطاب، وملامح حرب باردة جديدة. هل إردوغان حقاً ينوي مغادرة المعسكر الغربي، وقد تتسبب الصفقة بسلسلة من الخلافات تعزل تركيا تدريجياً وربما تقصيها من حلف الناتو. وهل حلف الأطلسي مستعد للتخلي عن تركيا، الدولة التي على خط المواجهة مع روسيا؟
بل هل يرى الغرب تركيا هي إردوغان؟
كل الدلائل تشير إلى أن التحول الجزئي نحو موسكو هو من نزعات إردوغان أكثر من كونه استراتيجية تتبناها الدولة التركية بمؤسساتها، وقد لا تدوم بخروجه من الحكم بعد ثلاث سنوات، إن خرج بنهاية رئاسته. الخلاف بين إردوغان وأقرب الناس إليه في الحزب، وكانوا في الحكومة، مثل د. داود أوغلو رئيس الوزراء ووزير الخارجية سابقاً، شمل إدارته السياسة الخارجية، بما فيها أسلوبه في إدارة العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن. بالنسبة لإردوغان خلافه الأعمى مع حليفه السابق، الداعية غولن، بلغ به درجة رهن علاقة تركيا مع أميركا بمطلب تسليمه، الأمر الذي رفضته واشنطن! لقد كثرت مشاكل إردوغان مع واشنطن من قضية اعتقال القس وطلاب أميركيين، وضرب المتظاهرين في واشنطن، وتهديد تنظيم «قسد» الكردي حليف واشنطن.
أنقرة في لحظة ضعف أمام روسيا خوفاً من بطشها عندما أسقطت مقاتلة تركية طائرة حربية روسية على الحدود السورية، وتلتها ببضعة أشهر محاولة الانقلاب. بعدها أعلن إردوغان عن صفقة مع موسكو ودفع مبلغاً مبدئياً. وكان يعتقد حينها أن تركيا تساوم الشركات الغربية التي سعت للفوز بالعقد أولها شركة «رايثيون» الأميركية عن نظام باتريوت للدفاع الصاروخي. لكن بوصول أول شحنة من السلاح الروسي المتقدم هذا الأسبوع يبدو أن الوضع بات أكثر تعقيداً مما كان يظن. العقوبات الأميركية المحتملة قد تتسبب بتدمير الاقتصاد التركي القائم على الأسواق الغربية وهو حالياً في أسوأ أوضاعه، إضافة إلى الخلافات التي نشبت داخل الحزب الحاكم، والانشقاقات الاحتجاجية من كبار رجالاته، رفضاً لقرارات إردوغان الذي يتهمونه بأنه يجر البلاد إلى الهاوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تنتقل تركيا إلى المعسكر الروسي هل تنتقل تركيا إلى المعسكر الروسي



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 22:50 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة عمل كيكة الجبنة بكريمة القرفة والعسل

GMT 10:42 2014 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

ألوان "ماكياج" لقضاء موسم ربيع كله أنوثة ورقة

GMT 05:53 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

12 نصيحة تعينك على الاهتمام بطفليك "التوأم"

GMT 01:37 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

شركة "بوجو بلس" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 10:10 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

خطوات تجهيز "شرفة المنزل" لاستقبال فصل الربيع

GMT 07:45 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

أحمر الشفاة الفاتح اللون يسيطر على عالم الموضة

GMT 02:20 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مصدر يؤكد اتفاق عمرو دياب مع "روتانا " من جديد

GMT 08:59 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أزهار الزفاف الملكيّة تصمد أمام رياح ويندسور

GMT 11:29 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

اندلاع حريق مهول داخل منزل في مدينة جرسيف

GMT 04:15 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

ميلاد يوسف يوضّح أنّه لم يوقّع عقد "باب الحارة" الجديد

GMT 23:44 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

إعادة فتح ملف لاعب الرجاء عادل الكروشي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib