دكتاتور في قالب حزبي

دكتاتور في قالب حزبي..

المغرب اليوم -

دكتاتور في قالب حزبي

عبدالعالي حامي الدين

تصريحات زعيم الحزب الأول في المعارضة، وهو يمجد الانقلاب العسكري في مصر ويثني على ما قام به السيسي، تستحق النقاش لفهم النموذج الذي يحلم به هذا الرجل..

أعرف بأن الرجل في حالة من التيه والدوران والكثير من تصريحاته لا يأخذها المراقبون على محمل الجد، وهذه نكتة في حد ذاتها..لكن مع ذلك، علينا ألا نُطبّع مع بعض التصريحات التي تستبطن نزعة دكتاتورية واضحة، كما أعرف بأن العديد من مناضلي حزب الاستقلال أخذوا مسافة واضحة من الرجل، ومن مواقفه المسيئة إلى الحزب وإلى تاريخه العريق..

لكن الحجة التي اعتمدها الزعيم للدفاع عن تدخل الجيش في الحياة السياسية، تعبر عن مستوى من الانحطاط الفكري والجهل بتاريخ الشعوب غير مسبوق في تاريخ هذا الحزب العريق..

قال الرجل بملء فيه: «في تاريخ مصر كان الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش»، وزاد فقال: «وجاء السيسي وقام بعمله»!!

ما هو العمل الذي قام به السيسي؟ قام بإقحام الجيش في الحياة السياسية وبإسقاط رئيس منتخب من طرف الشعب بالقوة ووضعه في السجن إلى جانب 40 ألف معتقل، بعدما وقّع على أكبر مجزرة في التاريخ المصري بقتل آلاف المتظاهرين المعتصمين في ساحة «رابعة» وساحة «النهضة» وسط العاصمة، وسيأتي اليوم الذي يعرف فيه العالم حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان..

حميد شباط عبّر عن إعجابه بهذا النموذج حين قال: «السيسي أنقذ شعبه.. وأنا أعتبره رجلا وليس انقلابيا..وأعتبره رجلا له عزيمة وعنده إرادة وسيقود مصر إلى النجاح»..

يا سلام..

حجة الزعيم في ما ذهب إليه، هو أن زعماء الدول الغربية بدؤوا يستقبلون الجنرال السيسي ويعترفون بالأمر الواقع «بعدما أصبح السيسي هو رجل الميدان..ولم يعد انقلابيا إلا في نظر أصحابنا»!

عجيب..هل هذه حجة يستشهد بها زعيم حزب كان يقوده علال الفاسي رحمه الله؟!

لا يعلم الرجل بأن بعض الأنظمة الغربية سبق لها أن وشّحت صدر كل من حسني مبارك وزين العابدين بنعلي بأوسمة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان..

الديمقراطية التي نحلم بها هي تلك الديمقراطية التي نطورها داخل بيتنا عن طريق النضال المتراكم، وليس بواسطة أنظمة غربية لا تهمها الديمقراطية في شيء، وإنما تهمها مصالحها بالدرجة الأولى..

إن تمجيد العمل الذي قام به السيسي في مصر، أي الانقلاب العسكري ــ لأني لا أعرف تسمية يتدخل بها الجيش لانتزاع السلطة من أيدي المدنيين إلا مصطلح الانقلاب – ينبغي أن يثير الخوف لدينا هنا في المغرب، عن طبيعة النموذج الذي تحلم به هذه القيادة التي لا يُعرف لها تاريخ في الفكر ولا في الثقافة ولا لأية مرجعية يمكن أن تحتكم إليها لمعرفة الخطأ من الصواب…

خطورة هذا النوع من القيادات التي لا مرجعية لها، هو نزوعها البراغماتي الذي لا حدود له، واستعدادها لتصفية الحساب مع المخالفين ولو على حساب القواعد الأساسية للفكرة الديمقراطية..

المغرب الذي سبق له أن اكتوى بمحاولتين انقلابيتين، في بداية سبعينيات القرن الماضي، ينبغي أن يكون محصنا ضد هذا النوع من التفكير..

رحم الله علال الفاسي ..ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم..

"ليابلادي"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دكتاتور في قالب حزبي دكتاتور في قالب حزبي



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:53 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

إنتر ميلان يسقط أمام روما في الدوري الإيطالي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib