pps و pjd قصة تحالف صعب

PPS و PJD قصة تحالف صعب

المغرب اليوم -

pps و pjd قصة تحالف صعب

بقلم - عبد العالي حامي الدين

المِحنة التي يمر منها حزب التقدم والاشتراكية هذه الأيام، هي حلقة صغيرة من أزمة السياسة وأزمة صناعة القرار السياسي في البلاد، ولا ينبغي اعتبارها “أزمة” حزب سياسي يؤدي ثمن مواقفه واختياراته السياسية منذ هبوب رياح “الربيع العربي” على البلاد فقط، وإنما هي علامة بارزة على وجود إرادات معاكسة لبناء توافقات وطنية كبرى على أرضية الديمقراطية بين تيارات سياسية وحساسيات فكرية مختلفة.
قصة التحالف بين حزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية، هي قصة تحالف ناجح بين مدرستين سياسيتين، نجح في الصمود والاستمرار في ظرفية سياسية صعبة تجندت فيها العديد من معاول الهدم والإحباط، وهو ما يستحق الوقوف عند أسبابه وأسراره:
العامل الأول، هو عنصر الواقعية السياسية، فكلا الحزبين ينتميان إلى تجربة قامت بالعديد من المراجعات الفكرية والسياسية خلال محطات تاريخية مختلفة، هذه الواقعية هي التي دفعتهما إلى اختيار التموقع السياسي المناسب مع الدينامية الاحتجاجية القوية التي شهدتها بلادنا سنة 2011، وهي نفسها التي دفعتهما إلى التقدير المشترك بأن مصلحة الوطن تتطلب مواجهة منظومة التحكم بدون هوادة، وقد أثبت الحزبان بما لا يدع مجالا للشك بأنهما حملا هذا المشعل طيلة الخمس سنوات التي مضت، انتصرا في بعض المعارك وقدما تنازلات مؤلمة في معارك أخرى، لكنهما كسبا الأهم وهو استمرارية التجربة واستمرار تجربة الإصلاح.
العامل الثاني، هو الاعتراف الموضوعي بالاختلافات وإدارتها وفق رؤية براغماتية بناء على سلم أولويات واضح ينتصر للقضايا الكبرى المستعجلة، من قبيل القضايا الاقتصادية والاجتماعية ويعمل على تأجيل القضايا التي تتمتع بحساسية إيديولوجية مفرطة بين حزبين يختلفان من حيث المرجعية، لكن مع مرور الوقت وإخضاع الكثير من الإشكاليات للنقاش الهادئ تبين بأن هناك حلولا توفيقية ممكنة، مع جرعة من الاعتراف المتبادل وتفهم البعض لمنطق البعض الآخر.
العامل الثالث، هو الثقة المتبادلة والإيمان المتبادل بدور الطرف الآخر والاقتناع بأن الحقيقة ليس لها لون واحد، شريطة انطلاقها من إرادة «المعقول».. هذا المفهوم الشعبي، الذي تمتزج فيه مفاهيم الصدق والنزاهة والفعالية، كان عاملا محددا في نجاح تجربة هذا التحالف ووفاء طرفيها. إن إرادة «المعقول» هي التي أكسبت الحزبين المصداقية التي يتمتعان بها داخل العديد من الأوساط الشعبية، ظهر ذلك بشكل واضح في نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية السابقة بالنسبة إلى الحزبين.
العامل الرابع، هو الصبر واليقظة تجاه الضغوطات والمناورات التي مورست عليهما طيلة هذه المرحلة. لقد تعرض كلا الحزبين داخل الحكومة للكثير من التشويش والاتهامات، وتحملا كلاهما مسؤولية الدفاع عن قرارات الحكومة التي ترأسها الأستاذ عبدالإله بنكيران بكل مسؤولية، بما فيها القرارات التي لم تكن محل رضا بعض الفئات الاجتماعية، وأثبتا وفاءهما للبرنامج الحكومي ولميثاق الأغلبية..
قمة هذا الوفاء والنجاح هي إصرار الفصيلين على الاستمرار في الإصلاح والكفاح معا، سواء من داخل الحكومة أو من خارجها..!
نذكر بهذا المسار، لأن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن هناك بعض الإشارات الملتبسة التي تحاول إجهاض هذا التعاون، وتقف أمام “بلوكاج جديد” يستهدف من جهة، إضعاف منصب رئيس الحكومة د. سعد الدين العثماني، ويستهدف من جهة ثانية، تفكيك التحالف القائم بين الحزبين… أما حكاية ضعف البروفيلات المقترحة من طرف حزب التقدم والاشتراكية، فهي نكتة ظريفة لا يصدقها أحد.. وإلا فإن الاستخدام الجدي لهذا المعيار يمكن أن يعصف بعدد ممن يوجدون اليوم في مواقع المسؤولية!!
المعركة اليوم، ليست معركة برامج ولا إيديولوجيات، بل هي معركة مواجهة خطر داهم يتهدد الجميع، كذوات حزبية وكخيارات اجتماعية وسياسية تتوق إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحقيق الكرامة الإنسانية، وجعل السلطة منبثقة عن الإرادة الحرة للمواطنين والمواطنات..
آن الأوان لإعادة النظر في الاصطفافات القائمة، وبناء تحالفات جديدة تسمح بفرز من مع الديمقراطية ومن مع التحكم والاستبداد..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

pps و pjd قصة تحالف صعب pps و pjd قصة تحالف صعب



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

GMT 12:03 2025 الأربعاء ,25 حزيران / يونيو

أفكار مختلفة لارتداء اللون الوردي في الصيف
المغرب اليوم - أفكار مختلفة لارتداء اللون الوردي في الصيف

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 03:32 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

افتتاح مهرجان الفجيرة للفنون وسط حضور كثيف

GMT 13:06 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

إطلالات أيقونية لملكة الأناقة رانيا العبد الله

GMT 11:17 2024 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

أفكار لتنسيق إطلالات رومانسية لموعد عيد الحب

GMT 22:35 2023 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

محمد صلاح يتضامن مع ضحايا زلزال المغرب

GMT 23:58 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

زكريا لبيض يؤكد إصرار كبير أنه لن يستسلم

GMT 07:49 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ستيفين تشانج رئيس نادي انتر ميلان يكشف سر نجاحهم

GMT 09:30 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة المغربية إلهام واعزيز تتحدث عن اختفاء والدتها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib