لنتحرك قبل فوات الأوان

لنتحرك قبل فوات الأوان

المغرب اليوم -

لنتحرك قبل فوات الأوان

بقلم - عبد العالي حامي الدين

رغم أننا وصفنا الاحتجاجات المتواصلة في الحسيمة ونواحيها بأنها ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية، غير أنها تبقى محكومة بخلفية سياسية واضحة، تتمثل في رفض الاعتراف بالمؤسسات التمثيلية وعدم الرضا عن أداء الأحزاب السياسية والتشكيك في استقلالية المجتمع المدني، والتعلق بأعلى قمة هرم الدولة كملاذ وحيد للاستجابة للمطالب..
إنها محاكمة صريحة لديمقراطية الواجهة ولسياسة التحكم في الأحزاب السياسية، وإفراغ آليات الوساطة من مشروعيتها الشعبية ومصداقيتها السياسية.

هذه الوضعية تُسائل البناء المؤسساتي للبلاد ومدى قدرته على امتصاص أخطر أزمة سياسية تعرفها البلاد منذ انطلاق عهد الملك محمد السادس، وتفرض على مسؤولي الدولة مواكبة التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي، والانتباه إلى هذا الطلب المتزايد على الديمقراطية، حتى ولو جرى تغليفه بمطالب اجتماعية واقتصادية..

هذه الوضعية تسائل، أيضا، منهجية النخب السياسية الوطنية التي اختارت منذ البدء الطريق الطويل في تدبير المسألة الديمقراطية، ولم تتقن إدارة عملية التحول الديمقراطي، وراهنت على التدرج في الإصلاح الديمقراطي دون ضمانات مؤسساتية قوية، وتأخرت كثيرا في الاتفاق على مبادئ الديمقراطية، وأصبح جزء كبير منها يمثل عائقا بنيويا أمام عملية التحول الديمقراطي ويساهم في تبرير واقع بعيد جدا عن الديمقراطية الحقيقية!!

نقطة الضوء الأساسية خلال هذه المرحلة، هو هذا التطلع الهائل للديمقراطية لدى الأجيال التي تخرج إلى الشارع للمطالبة بالإصلاحات، وهو ما يمثل عامل تحول إيجابي ينبغي تثمينه ورعايته ليصب في طريق التحول الديمقراطي الهادئ.

لقد كشفت احتجاجات الحسيمة عن ثروة بشرية هائلة، لها من المؤهلات القيادية والتنظيمية ما ينبغي الاعتراف به وتثمينه. لها، كذلك، من الوعي السياسي ما ينبغي الانتباه إليه وعدم تبخيسه..

ومهما كانت ملاحظاتنا على خطاب الشباب الحاد، فلا ينبغي التعامل معه انطلاقا من منظور أمني ضيق، بل ينبغي طرح الأسئلة عن الأسباب الحقيقية التي أسهمت في إنتاجه، والعمل على ترشيده بالحوار ثم الحوار، ولاشيء غير الحوار..

نحن بحاجة إلى نخبة سياسية ذات مصداقية تؤمن بقيمة الديمقراطية وتمتلك القدرة على طرح الأسئلة الحقيقية، وقادرة على قول الحقيقة للسلطة والمجتمع..
والحقيقة أن حراك الحسيمة، فضلا عن الاحتجاجات الشعبية في مختلف المدن والبوادي، هو صرخة من أجل الديمقراطية الحقيقية قبل أن يكون مطلبا اجتماعيا واقتصاديا عاديا..
لنتحرك قبل فوات الأوان، وحذار من الانتظارية القاتلة..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لنتحرك قبل فوات الأوان لنتحرك قبل فوات الأوان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

GMT 12:03 2025 الأربعاء ,25 حزيران / يونيو

أفكار مختلفة لارتداء اللون الوردي في الصيف
المغرب اليوم - أفكار مختلفة لارتداء اللون الوردي في الصيف

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 03:32 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

افتتاح مهرجان الفجيرة للفنون وسط حضور كثيف

GMT 13:06 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

إطلالات أيقونية لملكة الأناقة رانيا العبد الله

GMT 11:17 2024 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

أفكار لتنسيق إطلالات رومانسية لموعد عيد الحب

GMT 22:35 2023 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

محمد صلاح يتضامن مع ضحايا زلزال المغرب

GMT 23:58 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

زكريا لبيض يؤكد إصرار كبير أنه لن يستسلم

GMT 07:49 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ستيفين تشانج رئيس نادي انتر ميلان يكشف سر نجاحهم

GMT 09:30 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة المغربية إلهام واعزيز تتحدث عن اختفاء والدتها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib